[ الرَّد على المجموعة الأولى من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة : ( وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) هل حرف الباء يدخل على المتروك أم المأخوذ ؟
– الجواب : القرأن يقول ( وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) وهناك أشخاص يزعمون أن الصحيح هو ( ومن يتبدل الإيمان بالكفر ) بحيث أن الباء تدخل على الشئ المأخوذ وليس المتروك ،، يعنى هؤلاء الأشخاص يزعمون أن القرأن به أخطاء لُغوية ،، مع أن القرأن ليس به أى أخطاء ، لكن هؤلاء الأشخاص هم الذين يُخطئون فى فهم كلمات اللغة العربية ،، يعنى مثلاً يظنون أن كلمة ( يَستَبدِل ) وكلمة ( يُبدِّل ) لهما نفس طريقة الإستخدام ، وهذا خطأ ،، ويظنون أن كلمة ( شَرَى ) تُساوِى كلمة ( اشترَى ) مع أن الكلمتين عكس بعض .
يعنى ( شَرَى ) تُساوِي ( باعَ ) .
و ( اشترَى ) تُساوِي ( ابتاعَ ) .
والقرأن يقول في سورة يوسف ( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ) يعني ( وباعوه بثمن بخس ) .
وهناك فرق بين ( يُبدِّل ) وبين ( يَستبدِل / يَتَبدَّل ) .
لذلك إن شاء الله سوف أشرح الفرق بين تلك الكلمات ، وسأذكر بالدليل أن القرأن يستخدم نفس قواعد اللغة العربية التى يستخدمها الشعراء العرب ،، وأنا لا أقصد أن القرأن مثل الشعر ،، بل أقصد أن القرأن يستخدم القواعد الصحيحة للغة العربية .
* بالنسبة لِفِعل ( يَستبدِل ) وكذلك فِعل ( يَتَبدَّل ) سواء استخدمتهما بصيغة الماضي أو المضارع أو أى زمن ، فيمكنك أن تستغني عن الباء ، ويمكنك أن تستخدم الباء مع المتروك فقط .
– مثال على عدم استخدام الباء :
# من الشِّعر العربى قوْل الشاعر ربيعة الرقى :
وَتَزعُـمُ أَنّي قَد تَبَدَّلـتُ خُـلَّةً
سِواها .. هَذا الباطِلُ المُتَقَوَّلُ
يعني هي تزعم أن الشاعر ترَكها واتّخَذَ خَليلة سواها ،، يعني المتروكة هى الخليلة الحالية ، والمأخوذة هى الخليلة الأخرى ، ولم يتم استخدام الباء أصلاً .
# من القرأن ( وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ) يعني لو توَلّوْا فإن الله سوف يترك القوم الحاليين ويتخذ قوماً أخرين ،، يعني المتروك هم القوم الحاليين ، والمأخوذ هم القوم الأخرين ، ولم يتم استخدام الباء أصلاً .
– مثال على استخدام الباء :
# من الشعر العربي قوْل الشاعر ( أوس بن حجر ) وهو من العصر الجاهلي :
وَأَستَبدِلُ الأَمرَ القَوِيَّ بِغَيرِهِ
إِذا عَقْدُ مَأفونِ الرِجالِ تَحَلَّلا
الأمر القوِي هو القرار القوِي ، ويعقِد الأمر يعني يأخذ القرار ، وعكْسُ العَقد هو التحلُّل والتفكُّك ، والشاعر يقول ( أنا آخُذ القرار القوِي وأَترك غيره ، إذا قرار الرجُل الأحمق تحلَّل وتفكَّك ) ،، يعني المأخوذ هو القرار القوِي ، والمتروك هو غيره ، والباء دخلت على المتروك .
# من القرأن : ( وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) الكافر يترك الإيمان ويأخذ الكفر ، يعنى المأخوذ هو الكفر ، والمتروك هو الإيمان ، والباء دخلت على المتروك كما حدث فى بيت الشعر السابق .
# مثال أخر من القرأن ( أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ) اليهود تركوا الطعام الذي هو خير وأخذوا الطعام الذى هو أدنى ، يعني المأخوذ ( الذي هو أدنى ) ، والمتروك ( الذي هو خير ) ، والباء دخلت على المتروك كما حدث فى بيت الشعر السابق .
* بالنسبة لفعل ( يُبدِّل ) سواء استخدمته بصيغة الماضي أو المضارع أو أى زمن :
أولاً : لو أن الجملة بها طرفين وبها متروك ومأخوذ ، وأردتَ أن تستخدم الباء ، فساعتها يُمكنك أن تُدخِل الباء على المتروك أو المأخوذ بناءاً على بداية الجملة :
1- لو كانت بداية الجملة هى ( الطرَف الأول بدَّلَ الطرَف الثانى … ) فساعتها يجب أن تكون تكملة الجملة كالأتى ( … بالمتروك مأخوذ ) أو ( … بعد المتروك بالمأخوذ ) .
مثال على جملة ( الطرَف الأول بدَّلَ الطرَف الثانى بالمتروك مأخوذ ) :
# من الشعر العربى قوْل الشاعر المكزون السنجارى :
يا مَن بِصَرْفي إِلَيهِ القَصدَ بَدَّلَني
بِالذُلِّ عِزّاً ، وَبِالإِقلالِ إِكثارا
يعني الشاعر صرَف القصد إلى الله ، فحصَلَ الشاعر على العز وترَك الذل ، يعني الله بدّل الشاعر بالذل عز ،، يعني الطرَف الأول هو الله ، والطرَف الثاني هو الشاعر ، والمأخوذ هو العز ، والمتروك هو الذل ، والباء دخلت على المتروك .
# من القرأن : ( وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ ) الكفار كان عندهم جنّتان بهِما فاكهة ، لكن الله جعلهم يفقدون الفاكهة ويأخذون أثْل ،، يعني الله بدَّلَ الكفار بجنّتَيِ الفاكهة جنّتَيْ أثل ،، يعنى الطرَف الأول هو الله ، والطرَف الثاني هم الكفار ، والمأخوذ هما جنّتين بهما أثَل ، والمتروك هما جنّتين بهما فاكهة ، والباء دخلت على المتروك كما حدث فى بيت الشعر السابق .
مثال على جملة ( الطرَف الأول بدَّلَ الطرَف الثاني بعد المتروك بالمأخوذ ) :
# من الشعر العربي قوْل الشاعرة وردة اليازجى :
قد بدَّل الدهرُ صفوَ العيش بالكَدَرِ
وبدَّل العينَ بعدَ النوم بالسَّهرِ
يعنى الدّهْر جعَل العين تترك النوم وتأخذ السهَر ، يعني الطرَف الأول هو الدهر ، والطرَف الثاني هو العين ، والمتروك هو النوم ، والمأخوذ هو السهر ، والباء دخلت على المأخوذ ، وهذا ينطبق على الشطر الثاني من البيت ، أما الشطر الأول فسوف أذكره فى بقية كلامي .
2- لكن لو كانت بداية الجملة هى ( الطرَف الأول بدَّلَ متروك الطرَف الثاني … ) فساعتها يجب أن تكون تكملة الجملة كالأتي ( … بالمأخوذ . ) .
مثال من الشعر العربي قوْل الشاعر كمال الدين بن النبيه :
وَحَقِّ مَن بَدَّلَ نَومِي بِالسَّهَرْ
وَعَذَّبَ القَلْبَ بِأَنْوَاعِ الفِكَرْ
يعنى الله جعل الشاعر يترك النوم ويأخذ السهر ،، يعني الله بدّل نوم الشاعر بالسهر ،، يعنى الطرَف الأول هو الله ، والطرَف الثاني هو الشاعر ، والمتروك هو النوم ، والمأخوذ هو السهر ، والباء دخلت على المأخوذ .
مثال أخر وهو قوْل الشاعر الطفيل بن عمرو الدوسي لما أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم :
فألهمَني هُدايَ اللهُ عنه
وبدَّلَ طالعي نَحسِي بِسعدِي
يعني الله جعل الشاعر يترك النحس ويأخذ السعد ، يعني الله بدّل نحس الشاعر بسَعدِه ،، يعني الطرف الأول هو الله ، والطرَف الثاني هو الشاعر ، والمتروك هو النحس ، والمأخوذ هو السعد ، والباء دخلت على المأخوذ .
ولاحِظ أن الشاعر لم يقل ( وبدّلني ) بل قال ( وبدّل طالعي ) والطالع هو ( النحس والسعد ) لذلك نحن طبّقنا حالة ( الطرَف الأول بدّل متروك الطرَف الثاني … ) ،، لكن لو قال ( وبدّلني ) كانت ستنطبق عليه حالة ( الطرَف الأول بدّل الطرَف الثانى … ) .
ثانياً : لو أن الجملة بها طرَف واحد وبها متروك وبها مأخوذ ، وأردت أن تستخدم الباء ، فيجب أن تُدخلها على المأخوذ ( ولاحظ أننا مازلنا نشرح فِعل بدّل ، لأننا شرحنا فِعل استبدل فى بداية المقال ) :
# مثال من الشعر العربي قوْل الشاعرة وردة اليازجي :
قد بدَّل الدهرُ صَفوَ العيش بالكَدَرِ
وبدَّل العينَ بعدَ النوم بالسَّهرِ
يعنى الدهر تسبب فى غياب صَفوِ العيش وحضور الكدَر ،، يعني الطرَف هو الدهر ، والمتروك هو صَفو العيش ، والمأخوذ هو الكدر ، والباء دخلت على المأخوذ ،، وهذا ينطبق على الشطر الأول من البيت ، أما الشطر الثاني فنحن بالفعل شرحناه سابقاً .
# مثال أخر هو قوْل أمير الشعراء أحمد شوقى :
أنا من بدَّلَ بالكُتب الصِّحابا
لم أجد لي وافيًا إلا الكتابا
يعني الشاعر أخَذ الكُتب وترَك الصّحاب ،، يعني الطرَف هو الشاعر ، والمتروك هو الصحاب ، والمأخوذ هو الكتب ، والباء دخلت على المأخوذ .
* وبذلك فإننِي أَكُون قد ذَكَرتُ كل الآيات التي يزعم الاغبياء أن بها أخطاء ، وذَكَرتُ مع كل آيةٍ بَيتَ الشِّعر الذي يَستخدم نفس البِناء اللُّغَوي الموجود في الآية ،، مما يدل على أن الآية صحيحة من حيث البناء اللغوي .
– انظر أيضاً ⇐ [ الرّد على الأشخاص الذين يَزعُمون وجود أخطاء فى القرأن ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )