[ سِلسلة الأدلّة العقلية والعِلمية التي تُثبت وجود الله سبحانه وتعالى ] ⇐  إثبات أن الكوْن له بداية محدَّدة ، ولم يكن له وجود قبل تلك البداية :

– لو افترضنا أن هناك ( أسَد ) ، وسألتك : كم عُمر ذلك الأسد ؟ ،، فأنت سوف تحسب عدد السنين منذ بداية وجود الأسد حتى هذه اللحظة ،، يعنى سوف ترجع بتفكيرك في الزمن الماضي إلي أن تصل إلى نقطة بداية وجود الأسد ، وهي اللحظة التي لم يكن الأسد موجوداً قبلها ، ثم تبدأ العَدّ من هذه اللحظة .

لكن  لو قلت لك أن وجود الأسد ليس له نقطة بداية ، فأنت كلما رجعت بتفكيرك في الزمن الماضي ستكتشف أن الأسد موجود دائماً ، وإذا حاولت أن تحدد اللحظة التي لم يكن الأسد موجوداً قبلها فلن تستطيع ذلك ،، ولذلك لن تستطيع تحديد عُمر الأسد ، لأنه في هذه الحالة يكون وجود الأسد ( وجود ) غير محدود .

يعني لو أنت قلت رقم ( 100 مليون سَنة ) فسيكون وجود الأسد أكبر من ذلك الرقم ،، وإذا قلت ( 1000 مليار سَنة ) فسيكون وجود الأسد أكبر من ذلك الرقم ،، ومَهْما تقول أرقام كبيرة فسيكون وجود الأسد أكبر من أي رقم .

لأن أي رقم مَهما كان كبير فهو محدود ، لكن وجود الأسد غير محدود .

وطالما أن وجود الأسد غير محدود ، فهذا يعني أنه ( وجود ) لا ينتهي ،، لأنه لو انتهى سيكون محدود .

وهذا يدل على أن الوجود الذي ليس له بداية ، فأكيد ليس له نهاية .

يعني الوجود الذي ليس له بداية هو ( وجود ) غير محدود وليس له نهاية .

أما الوجود الذي له نهاية ، فأكيد له بداية ،، لأنه لو لم يكن له بداية فسيكون غير محدود وبلا نهاية .

– وإذا نظرنا إلى الكون ، فسوف نرى أن الكون لا يبقى على نفس الشكل ، بل هناك تغيرات تحدث في شكل الكون بسبب حركة أجزاء الكون ، يعني حركة النجوم والكواكب ، وحركة الناس على كوكب الأرض ، وكل أنواع الحركة التي تحدث في الكون .

يعني مثلاً عندما يكون القمر موجود في مكان مُعَيّن ، فإن الكون يكون له شكل معيّن ، وعندما يتحرك القمر ويغير مكانه ، فإن الكون يصبح له شكل مختلف عن الشكل السابق .

يعني أقل حركة بسيطة في جزء صغير من الكون أكيد سوف تؤدي إلي تغيير شكل الكون .

وهذا يدل على أن الكون له أشكال سابقة ، وله شكل حالي .

والشكل الحالي بدأ بعد أن انتهت فترة جميع الأشكال السابقة .

وهذا يعني أن فترة جميع الأشكال السابقة للكون هي فترة محدودة ولها نهاية .

وطالما لها نهاية ، فأكيد لها بداية .

يعني فترة جميع الأشكال السابقة للكون لها بداية .

وطبعاً لا يمكن وجود الكون بدون أن يكون له شكل .

وهذا يعني أن بداية فترة الأشكال السابقة للكون هي نفسها بداية الكون نفسه .

وهذا يعني أن الكون نفسه له بداية .

والشئ الذي حدثت له بداية سوف نُسمّيه ( حادِث ) ،، وحتى لو كان عُمره مليارات السنين فهو ( حادِث ) طالما حدثت له بداية .

أما الشئ الذي ليس له بداية فسوف نُسمّيه ( قديم ) ، لأنه شئ موجود منذ الأزل .

ولذلك فإن الكون ( حادِث ) وليس ( قديم ) .

يعني الكون له نقطة بداية ، ولم يكن له ( وجود ) قبل تلك البداية ،، يعني الكون لم يكن شئ ، يعني كان ( لا شئ ) ، يعني كان ( عدم )  ، ثم أصبح ( شئ ) .

– وكل ذلك يدل على أن الشئ المتغير هو شئ ( حادِث ) وله بداية ،، أما الشئ الذي ليس له بداية فهو ( قديم ) وموجود منذ الأزل ويبقى على حاله إلى الأبد بدون تغيير ،، ولذلك فإن الله ( قديم ) وليس ( حادِث ) ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقول ( أعوذُ بالله العظيمِ ، وبوجهه الكريمِ ، وسلطانِه القديمِ ، من الشيطانِ الرجيمِ ) .

– ولذلك فإن أنواع الوجود ثلاثة ، لا رابع لهم :

1- هناك وجود ليس له بداية وليس له نهاية ، وعلم الهندسة يُسمّيه ( خط مستقيم ) ، وهذا الوجود ( دائم ) وهو وجود الله سبحانه وتعالى ،، وأنا لا أقول أن الله هو خط مستقيم ، بل أقول أن الله له وجود دائم بلا بداية ولا نهاية ، وعلم الهندسة يعترف بهذا الوجود .

2- وهناك وجود له بداية وله نهاية ، وعلم الهندسة يُسمّيه ( قطعة مستقيمة ) ، وهذا الوجود ( فانِي ) مثل وجود الدنيا الفانِية .

3- وهناك وجود له بداية وليس له نهاية ، وعلم الهندسة يُسمّيه ( شُعاع ) ، وهذا الوجود ( خالد ) مثل وجود الآخرة .

* لكن مستحيل أن يكون هناك ( وجود ) له نهاية وليس له بداية ،، بدليل أن علم الهندسة لا يعترف بهذا النوع من الوجود ولا يعطيه اسم .

ونلاحظ أن قوانين علم الهندسة هي قوانين ثابتة ولا تتغير أبداً ، ولذلك يعترف بها الناس منذ آلاف السنين وإلى يومنا هذا ،، يعني مثلاً هناك قانون هندسي يقول ( مساحة المستطيل تساوي حاصل ضرب الطول في العرض ) ، وهذا القانون الهندسي ثابت ولا يتغير أبداً مَهما تقدمت التكنولوجيا .

 وإذا أنت رسمت مستطيل واكتشفت أن مساحته لا تساوي حاصل ضرب طوله فى عرضه ، فاعلم أنك لم ترسم المستطيل بدقة ،، لذلك إذا لم تستطع رسم المستطيل بدقة فهذا يعنى أن الخطأ يوجد فى رسمك وليس فى القانون الهندسي .

– انظر أيضاً [ إثبات أن الكون لم يحدث بالصُّدفة ، بل حدثَ بواسطة خالِق ]

* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )