[ سِلسلة الأدلّة العقلية والعِلمية التي تُثبت وجود الله سبحانه وتعالى ] ⇐ الإجابة على سؤال : مَن خَلَق الله ؟ ،، ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ) :
* الله سبحانه وتعالى ليس مخلوق ، لأن الله لم يأتِ عليه وقت بدون أن يكون له وجود ،، بل إن الله دائماً له وجود .
* الشيء الذي يحتاج أن يخلقه أحد هو الشيء الذي لم يكن له وجود ثم أصبح له وجود ،، لكن الشيء الذي له وجود دائم فإنه لا يحتاج أن يخلقه أحد ، طالما لم يأت عليه وقت كان فيه غير موجود .
* الكون مخلوق ، لأن الكون ليس موجود منذ الأزل ، بل كان الكون ( عَدَم ) يعني ليس له وجود ، ثم أصبح له وجود بعد ذلك ،، يعني الكون احتاج أن يخلقه أحد لِكي يصبح له وجود ،،، لكن الله سبحانه وتعالى له وجود دائم منذ الأزل ، يعني لم يأت عليه وقت كان فيه ( غير موجود ) ،، وطالما أن الله له وجود دائم فهو لا يحتاج أن يخلقه أحد ،، يعني الله ليس مخلوق .
* لو أنّك تَزعُم أن هناك أحدٌ قد خلَق الله ، فسوف أَسألك هذا السؤال : ومن الذي خلَق ذلك ( الأحد ) الذي خلَق الله ؟
ستقول أنه ( أحدٌ أخر ) ، ولذلك سوف أسألك هذا السؤال : ومن الذي خلَق ذلك ( الأحد الأخر ) ؟
ستقول أنه ( أحد أخر غيره ) ، وأيضاً سوف أُكرّر عليك نفس السؤال : ومن الذي خلَق ذلك ( الأحد الأخر ) ؟
وهكذا في سلسلة لا تنتهي من المخلوقات الذين تَمّ خلْقُهم بواسطة أَحَاد غيرهم ، بدون أن نصل إلى ( الوجود الأول ) الذي لم يتم خلْقُه بواسطة أحد ولم يسبقه أحد .
وإذا لم يكن هناك ذلك ( الوجود الأول ) الذي خلَق كل المخلوقات ، فلن يكون هناك مخلوقات أصلاً .
لكنّنا نعلم أن هناك بالِفعل مخلوقات ،، لذلك هذا دليل على أن هناك بالِفعل ( الوجود الأول ) الذي خلَق كل تلك المخلوقات .
وطبعاً هذا ( الوجود الأول ) ليس مخلوق ، لأنه لو كان مخلوق ، فهذا يعني أن له خالق سَبَقَهُ في الوجود ، لكن ( الوجود الأول ) لابد أن يكون أول وجود ،، يعني لا يسبقه أي وجود .
ولذلك فإن ( الوجود الأول ) ليس مخلوق ، بل هو موجود بذاته ،، وأنا لا أَعنِي أنه خلَق نفسه ، بل أعني أنه موجود دائماً منذ الأزل ، ولم يأتِ عليه وقت كان فيه غير موجود .
و ( الوجود الأول ) هو الله سبحانه وتعالى .
– يعني الكون هو مخلوق ، لأن الكون ليس موجود منذ الأزل ، بل جاء عليه وقت كان فيه ( عَدَمْ ) ، يعني ( غير موجود ) ثم أصبح له وجود بعد ذلك ، ولذلك فإن الكون احتاج أن يخلقه خالق ،،، لكن الله سبحانه وتعالى له وجود منذ الأزل ، يعني الله ( دائم الوجود ) ، يعني لم يأتِ عليه كان فيه غير موجود ، ولذلك فإن الله لا يحتاج أن يخلقه أحد طالما أن الله لم يكن ( عَدَمْ ) .
– ويجب أن تلاحظ أنني عندما استخدمت كلمة ( موجود ) في الجُمل السابقة فأنا أقصد بها ( له وجود ) ، يعني ( حاضر ) ، يعني عكس كلمة ( عَدَمْ ) ،، لأن كلمة ( موجود ) أحياناً يكون لها استخدام آخَر ستعرفه عندما تكمل قراءة المقالة ،، ولذلك أنصحك بقراءة بقية المقالة لتعرف الأدلة على كلامي السابق ، ومنها الدليل على أن الكون ليس موجود منذ الأزل .
– والآن فإنني سوف أُجيب على الأسئلة الآتية :
* سؤال : من خَلَقَ الإنسان ؟
* الجواب : الله خَلَقَ الإنسان .
* سؤال : من خَلَقَ الله ؟
* الجواب : الله لم يُخْلَق أصلاً ، يعني لم يتم خلْقُه .
* سؤال : كيف حدث وجود الإنسان ؟
* الجواب : وجود الإنسان حدث بقوة الله .
* سؤال : كيف حدث وجود الله ؟
* الجواب : وجود الله لم يَحدُث أصلاً .
* سؤال : هل تَنفِي وجود الله ؟
* الجواب : أنا أَنفِي الحدوث ولا أنفِي الوجود .
وأقصد أن الله له وجودٌ دائمٌ وقديمٌ منذ الأزل ، وليس وجودٌ حادِثٌ .
* سؤال : ما الفرق بين الوجود الحادِث والوجود القديم ؟
* الجواب : الإنسان حادِث ، يعنى كان عدم ، يعنى لم يكن له وجود ثم حدث له وجود .
لكن الله قديم ، يعني لم يكن عدم ، بل دائماً له وجود ، ولذلك وجوده لا يحتاج أن يحدث .
والنبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقول ( أعوذُ بالله العظيمِ ، وبوجهه الكريمِ ، وسلطانِه القديمِ ، من الشيطانِ الرجيمِ ) .
* سؤال : أليس الله موجود ؟
* الجواب : الله فعلاً موجود .
* سؤال : من الذي وَجَدَ الله ؟
* الجواب : الإنسان وَجَدَ الله .
* سؤال : هل تعني أن الإنسان خَلَقَ الله ؟
* الجواب : أنا قلت ( الإنسان وَجَد الله ) ولم أقل ( الإنسان أَوْجَدَ الله ) .
* سؤال : وما الفرق بين ( وَجَد ) وبين ( أَوْجَدَ ) ؟
* الجواب : كلمة ( وَجَد ) معناها أَدرَك الوجود ، لكن كلمة ( أَوْجَدَ ) معناها خَلَقَ الوجود .
– ( هو وَجَدَ الشيء ) يعني هو اكتشف أو أَدرَك وجود الشيء .
– ( هو أَوْجَدَ الشيء ) يعني هو خَلَقَ أو اخترع وجود الشيء .
– مثال : ( هو وَجَدَ القلم ) ، يعني هو اكتشف القلم الذي كان غائباً عنه ، يعني هو عَثَر على القلم .
( هو أَوْجَدَ القلم ) يعني هو اخترَع القلم ، أو صَنَع القلم أو أَنشأ القلم، يعنى جَعل للقلم وجود ، يعنى خلَق القلم .
– ولاحِظ أن الإنسان يخلق القلم من الخشب ولا يستطيع أن يخلق القلم من العدم ، لكن الله يستطيع أن يخلق القلم من العدم ، ولذلك فإن الله هو أحسن الخالقين .
وسيدنا عيسى يقول ( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ) يعني سيدنا عيسى يَخلق الطير من الطين ، لكن لا يستطيع أن يخلق الطير من العدم .
– ( الإنسان وَجَدَ الله ) يعني الإنسان أَدرَك وجود الله .
– ( الله وَجَدَ الإنسان ) يعني الله يُدرِك وجود الإنسان ، مع ملاحظة أن الإنسان لم يكن غائباً عن الله .
– ( الله أَوْجَدَ الإنسان ) يعني الله خَلَقَ الإنسان .
لكن لا يصح أن نقول ( الإنسان أَوْجَدَ الله ) .
– لذلك يجب أن تَعرف الفرق بين تصريف فِعل ( وَجَدَ ) وفِعل ( أَوْجَدَ ) .
( وَجَدَ ) مختلف عن ( أَوْجَدَ ) .
( وَاجِدْ ) مختلف عن ( مُوجِدْ ) .
( مَوْجُودْ ) مختلف عن ( مُوجَدْ ) .
( يَجِدْ ) مختلف عن ( يُوجِدْ ) .
( وُجُودْ ) مختلف عن ( إِيجَادْ ) .
( وُجِدَ ) مختلف عن ( تَمَّ إِيجَادُهْ ) وعن ( أُوجِدَ ) .
– الله أَحْدَثَ الإنسان يعني الله خَلَقَ الإنسان .
يعني الله مُحْدِثْ ، لكن الإنسان مُحْدَثْ .
لذلك نحن نقول ( الله مَوْجُودْ لكن ليس مُوجَدْ ) .
الله مَوْجُودْ يعني مُدْرَكْ .
الله ليس مُوجَدْ يعني ليس مُحْدَثْ ، يعني ليس مخلوق .
الله وُجِدْ لكن لم يتم إِيجَادُهْ .
* سؤال : من أَوْجَدَ الله ؟
* الجواب : الله لم يتم إِيجَادُهْ .
– الله له وَاجِدْ ، لكن ليس له مُوجِدْ .
– الله له وَاجِدْ ، يعنى له مُدْرِكْ ، وهذا المُدْرِكْ هو الإنسان الذي يُدْرِكْ وُجُود الله .
– الله ليس له مُوجِدْ ، يعنى ليس له مُحْدِثْ ، يعني ليس له خالق .
– وجود الإنسان له بداية ، لكن وجود الله ليس له بداية .
– نفْيُ البداية لا يستوجب نفْي الوجود ، لكن يستوجب نفْي الحدوث .
– عدم البداية لا يستوجب عدم الوجود ، لكن يستوجب عدم الحدوث .
– الله واجب الوجود ، لكن الإنسان ممكن الوجود .
– لو أن كل ( وجود ) .. يحتاج خالق ، لَمَا كان هناك أي ( وجود ) .
وهذا يستوجب أن يكون هناك ( وجود ) لا يحتاج خالق .
– لو أن كل ( وجود ) لابد أن يسبقه ( وجود ) أخر ، لَمَا كان هناك أي ( وجود ) .
وهذا يستوجب أن يكون هناك ( وجود ) لا يسبقه ( وجود ) أخر .
***********
* الأطفال أحياناً يسألوا : من خلق الله ؟ ،، وطبعاً هم لن يفهموا الفرق بين كلمة ( وَجَدَ ) وكلمة ( أَوْجَدَ ) ،، لذلك يجب أن نُقرّب لهم الإجابة بشيء يفهموه فى عمرهم الصغير ، وعندما يكبروا نخبرهم بالإجابة التي تحتوي على كلمة ( وَجَدَ ) وكلمة ( أَوْجَدَ ) .
وهذا مثال على حوار بين الطفل والأب باللهجة العامّية ، لأن الطفل لن يتكلم اللهجة الفصحى :
– الطفل : مين خَلقْنا ؟
– الأب : ربنا هو اللي خلقْنا .
– الطفل : ومين خَلق ربنا ؟
– الأب : ربنا مش محتاج يِتخِلق .
– الطفل : اشمِعنَي ربنا متخلَقش ؟ !
– الأب : انت لابِس عدسات سوده في عِنيك ؟
– الطفل : لا .
– الأب : طب ازّاي عِنيك لونها أسود من غير عدسات ؟
– الطفل : لأن عِينيّا دايماً لونها أسود لوحدها من غير عدسات .
– الأب : وربنا دايماً موجود لوحده من غير خالق ،، لكن الإنسان ماكانش موجود قبل كده ، وعشان كده اتخلق .
** وطبعاً عندما يكبر الطفل سيفهم أن تلك الإجابة لم تكن دقيقة مائة بالمائة ، لأن العين لم تكن سوداء لوحدها ، بل بسبب وجود صبغيات داخل الخلايا ،، ولكنه سيفهم أن الأب استخدم ذلك المثال وجعله يستوعب وهو مازال طفلاً أن الله لا يحتاج أن يخلقه أحد ،، يعني الأب لم يكذب على الطفل ،، فإن الله فعلاً لا يحتاج أن يخلقه أحد .
** ونلاحظ أن الإنسان في الدنيا يُدرك الله بِعَقلِه ، لكن لا يدركه بِعَينه ،، يعني الإنسان باستخدام العقل يدرك أن هناك ( ذات إلهية ) ،، لكن الإنسان لا يَري بعينه ( الذات الإلهية ) ،، يعني الإنسان يُدرك وجود الله ( إدراك عقل ) ، وليس ( إدراك رؤية ) ،، لكن أهل الجنة سوف يَرَوْن الله ، والدليل على ذلك موجود في المقالات الآتية :
[ إثبات أن أهل الجنة سوف يَرَوْن الله بدون أن يُحيطوا بوجوده سبحانه وتعالى ] ،، ومقالة [ إثبات أن الكوْن له بداية محدَّدة ، ولم يكن له وجود قبل تلك البداية ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )