[ حِوار بين مُسلم مُوَحِّد يُوَحّد الله ، وبين شخص مُثلِّث يُثلِّث الإله ويَتّبع عقيدة ( التّثلِيث والتّوليد ) ] ⇐ الجزء الأول من حِوار بين مُسلم مُوَحِّد يُوَحّد الله ، وبين شخص مُثلِّث يُثلِّث الإله ويَتّبع عقيدة ( التّثلِيث والتّوليد ) :
* المُسلم : كم عدد الألهة التى تَعبُدونها ؟
* المُثلِّث : نعبد إله واحد فقط .
* المُسلم : ممتاز ، وما إسم هذا الإله ؟
* المُثلِّث : الله ، لأن الإنجيل يقول ( فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ ) .
* المُسلم : إِذَنْ على حسب كلامك ، فأنت مِثْلُنا تَشْهَد أنه لا يوجد إله إلا الله ، هل تَشهد فِعلاً على ذلك ؟
* المُثلِّث : أنا أَعترف بِوُجود الآب والإبن والروح القُدُس .
* المُسلم : ومَن يكونوا هؤلاء ؟ ! .. أنت منذ قليل أخبَرتَني أنك تَعبُد إله واحد فقط اسمه ( الله ) ! !
* المُثلِّث : هؤلاء هُم ( الله ) ، فالآب هو ( الله ) ، والإبن هو ( الله ) ، والروح القُدُس هو ( الله ) .
* المُسلم : هل تَقصد أن الله هو إله واحد له ثلاثة أسماء ؟
* المُثلِّث : الله هو إله واحد له ثلاثة أَقانِيم ، وكلمة ( أُقنُوم ) مُشتَقّة مِن اللُّغة الآرامية ، ولا يوجد ما يُقابلها في لُغاتنا اليوم ، وهي تعني ( وِحدة الكَيان ) ، فمثلاً الروح أُقنوم ، والجسد أقنوم ، وهُما يَتّحِدان سَوِياًّ لِتكوين شخص واحد .
* المُسلم : هل تعني أن الإله مُركّب مِن أجزاء ؟
* المُثلِّث : هو مُركّب من أقانيم ، وليس من أجزاء .
* المُسلم : وما الفرق بين الأقانيم والأجزاء ؟
* المُثلِّث : الأجزاء هي أعضاء الجسد مثل اليد والعين والمُخ ،، لكن الأقنايم هي أعضاء الذات وهي الآب ، والروح القُدُس ، والكلمة ( الإبن ) ، وهؤلاء الأقانيم الثلاثة هم ( ذاتٌ ) واحدة لإله واحد هو الله .
* المُسلم : وهل الإله يَلِد ابن ؟
* المُثلِّث : هذا يُشْبه الشمس عندما تَلِد أشعّة وحرارة ، فهل يُعقَل أن تُوجد شمس بدون أشعة وحرارة ؟
* المُسلم : العِلم أَثبَت أن الشمس تَفْقد أربعة ملايين طن كُلّ ثانية مِن كُتلتها لِكَي تُوَلّد أشعة وحرارة ، فهل الإله يَفقد جزء مِن ذاته لِيُحَوّله إلى مولود ؟
* المُثلِّث : ولادة الإله هي ولادة رُوحيّة ولَيسَت جسدية ، وذلك مثلاً عندما نقول ( العصَبيّة تُوَلّد مَشاكِل ) .
* المُسلم : النشاط العصَبي يَنتُج عن تحويل جزء من مُحتويات الخلايا مثل السُّكريات إلى طاقة ، وإذا لم يُعوض الإنسان هذه السكريات بالأكل .. فسوف يَفقد جزء مِن وزْنه ،، معنى ذلك أن أي عملية ولادة ( سَواء جسدية أو رُوحية ) فلابد أن تؤدي إلى تغيير في الوالد ، والإله لا يجوز عليه التغيير .
* المُثلِّث : الولادة الروحية يَنتُج عنها مولود يَكُون هو والوالد واحد ،، والمسيح مولود ، و ( الله ) والد ، لذلك فإن المسيح و ( الله ) واحد ، لذلك فإن المسيح هو الله .
* مسلم : أنت حتى الآن لم تَذكر أي دليل ولا مثال على ولادة بدون تغيير في الوالد ،، وعلى العموم إذا كان المسيح هو الله ، فمن الذى يَلِد المسيح ؟
* المُثلِّث : الله .
* مسلم : هل معنى ذلك أن الله يَلِد نَفسه ؟ !
* المُثلِّث : قلت لك أن الولادة المقصودة هي ولادة روحية وليست ولادة جسدية .
* مسلم : هل معنى ذلك أن الوالد يُمكن أن يَلد نَفسه في الولادة الروحية ؟ ! !
* المُثلِّث : أليس الإله يَلِد قُوّة ؟
* المُسلم : القوة هي صِفة للإله وليست مولودة من الإله .
* المُثلِّث : وما الفرق بين الصفة والمولود ؟
* المُسلم : ( الشمس مُشِعَّة وتُوَلِّد شُعاع ) هنا ( الإِشْعاع ) صِفة ، و ( الشُّعاع ) مولود .
* المُثلِّث : على حسب كلامك ، فإن الله خالق ويَلِد مخلوق .
* المُسلم : الله خالقٌ ويَخلُق مخلوق لكن لا يَلِد مخلوق ، لأن الله ليس والد ،، فالوالد يَلِد مولود ، وهذا المولود يكون مولود بواسطة الوالد وفي نفس الوقت مخلوق بواسطة الخالق ،، يعني الوالد يَلد مخلوق ،، وبذلك فإن الله خالق وليس والد .
ولاحِظ أن الله يَخلُق بِقُوّته ، وليس يَخلق مِن قوّته ،، فقُوّة الله دائمة وغير محدودة ، لذلك لا تَنقُص ، يعني الله لم يَستهلك جزء مِن قُوّته ليَخلق الإنسان ، فقوّة الله باقية كما هي حتى بعد خلْق الإنسان .
يعني الإنسان موجود بالله ، وليس مِن الله ، وليس مع الله ،، لأن الله لا يَشترك مع أحد في زمان ولا مكان ، فالله موجود بلا زمان وبلا مكان ،، وعندما نقول ( الله معنا ) فهذا كِناية عن أن الله عالِم بنا ومُساعد لنا ، وليس معناها أن الله جالِس بِجوارنا ،، انظُر مقالة [ معنى عبارة ( الله في السماء ) وتفسير كلمة ( يد الله ) في أية ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ] .
* المُثلِّث : المسيح هو ابن الله وليس مخلوق .
* المُسلم : وهل الإله له ( ابن ) ؟
* المُثلِّث : كلمة ( ابن ) هى تعبير مَجازِي عن ( العقْل والتفكير ) وليس عن المخ ،، لأن الإله أكيد له رُوح وله عقل وتفكير ، ولذلك فإن المسيح هو ابن الله ، يعني هو كلمة الله ، يعني هو ( عَقْل الله الناطق ) أو ( نُطق الله العاقل ) ، وهو غير مخلوق ، بل هو موجود مُنذ الأزل ، إذ لا يُعقل وجود إله بدون أن يكون له روح وتفكير .
والكلمة هي بنت التفكير ، ولذلك هناك مُصطلح في اللُّغة يقول ( بنات أفكاري ) .
* المُسلم : العقل يعني الوصول للمعلومة عن طريق الإستنتاج والإستنباط واستخدام المُعطَيَات لمعرفة النتائج .
معنى ذلك أن المعلومة لم تكن موجودة في البداية وتَم التّوصل إليها فيما بعد باستخدام العقل .
لكن الله دائماً لَدَيه عِلْمٌ كامل ، وبالتالي لا يَحتاج لاستخدام العقل أصلاً .
لذلك نحن لا نقول أن الله عنده عقل ، بل نقول أن الله عنده عِلمٌ ووعْيٌ وإدراكٌ وإرادةٌ وحكمة ،، ولا نقول ( الله عاقل ) بل نقول ( الله عليمٌ حكيم ) .
وعدَم وجود العقل لا يعني وجود الجُنون طالما أنه يُوجد عِلم ،، بدليل أن المجنون ليس عنده عِلم ، لكن الله عنده علمٌ كامل بكل شيء .
وأنت قُلت أن كلمة ( ابن ) بالنسبة لكم هي تعبير مَجازِي ، بينما أنتم تَعتبروه ( ابن ) بالمعنى الحَرفي ، بدليل أنكم جعلتموه يُولد ويَرضع ويموت بالمعنى الحرفي .
على العموم أنت قلت أن الإله يتكوّن ويَتركّب مِن أقانيم ، فهل هذه الأقانيم مُتطابقة أم مختلفة ؟
* المُثلِّث : الآب ليس هو الإبن ،، والإبن ليس هو الروح ،، لكن الآب هو الله ، والإبن هو الله ، والروح هو الله .
* المُسلم : أنا لا أفهم قَصدك مِن هذه الجملة ! ! أنت في بداية الجملة قلت أن كل أقنوم يختلف عن الآخَر ، وفي نهاية الجملة قلت أن كل الأقانيم هَم نفْس الشيء .
* المُثلِّث : لأن الأقانيم الثلاثة هُم واحد .
* المُسلم : طالما هم واحد ، فلماذا تُسَمّيهم ثلاثة ؟
* المُثلِّث : لأن كل أقنوم له صفات مختلفة تُميّزُه عن بَقيّة الأقانيم .
* المُسلم : طالما هم مختلفين فلماذا تسميهم واحد ؟
* المُثلِّث : لأن باتحادهم جميعاً يَتكَوّن إله واحد .
* المُسلم : حتى نَخرج مِن هذه الدائرة المُغْلَقة ، هل مُمكن أن تُخبرني ما الفرق بين الإبن وبين الروح القُدُس ؟
* المُثلِّث : الإبن هو كلمة الله ، لكن الروح القدس هو روح الله .
* المُسلم : معنى ذلك أن الإبن ليس روح الله ،، معنى ذلك أن الإبن له صِفات مُعيّنة تَختلف عن صفات الروح القُدُس ، وبالتالي فإن الإبن بِمُفرده ليس لديه كل صفات الكمال .
* المُثلِّث : الإبن لا يتواجد بِمفرده أبداً ، لأنه لا يُمكن الفصل بين الأقانيم الثلاثة ولا يُمكن فهْمها مُنفصلة عن بعضها .
* المُسلم : طالما لا يمكنك الفصل بين الأقانيم الثلاثة ، فكيف عرفت أنهم ثلاثة وليس واحد ؟
* المُثلِّث : لأن كل أقنوم له صفات خاصة به تختلف عن صفات الباقي .
* المُسلم : كيف عرفت أن صفاتهم مختلفة طالما هم مُتّحدون في كَيان واحد ؟
* المُثلِّث : هم مُتّحدون في الجوْهر والطبيعة ، ولكن لَيسوا مُتّحدين في الصفات .
* المُسلم : هل معنى ذلك أنهم منفصلون في الصفات ؟
* المُثلِّث : نعم ، هُم متحدون في الجوهر ومنفصلون في الصفات .
* المُسلم : لكن أنت منذ قليل قلت أنه لا يُمكن الفصل بين الأقانيم .
* المُثلِّث : لا يمكن الفصل بينهم في الجوهر والطبيعة ، لكن يمكن الفصل بينهم في الصفات والخصائص والأعمال .
* المُسلم : معنى ذلك أن كل أقنوم له خصائص وصفات لا توجد عند بقية الأقانيم ،، معنى ذلك أن الأقنوم الواحد بِمُفرده لديه جزء فقط من صفات الإله .
* المُثلِّث : قُلت لك أنه لا يوجد أقنوم بمفرده وبالتالي لا يمكنك الفصل بينهم .
* المُسلم : أنا أفصل بينهم في الخصائص والصفات ، ولا أفصل بينهم في الجوهر والطبيعة ،،
أليس هذا كلامك ؟
* المُثلِّث : أنا فعلاً قلت ذلك ، ولكن صفات كل أقنوم تُكمل صفات الآخَر بحيث يَكُون لَدَى الإله صفات كل الأقانيم مُجتمعة .
* المُسلم : هل يُمكن أن يتواجد الإله بدون أَحد تلك الأقانيم ؟
* المُثلِّث : لا طبعاً ، لأنه مستحيل أن يتواجد الإله بدون أقنوم الروح القُدُس الذى يُعطِي الإله صفة الحياة .
* المُسلم : هل يمكن لأقنوم الإبن أن يُعطِي صفة الحياة بدلاً مِن أقنوم الروح ؟
* المُثلِّث : لا طبعاً ، لأن كل أقنوم له صفات محددة تختلف عن باقي الأقانيم ، ولذلك لا يمكن وجود إله بدون أحد تلك الأقانيم .
* المُسلم : معنى ذلك أن كل أقنوم تَنقُصه بعض الصفات اللازمة لوجود إله ، معنى ذلك أن كل أقنوم له صفات محدودة ، معنى ذلك أن الأقنوم هو شئ محدود ، وعلى حسب كلامك فإن الإله يَتكَوّن مِن أشياء محدودة ، وهذا مستحيل .
* المُثلِّث : هذه الأشياء المحدودة عندما تجتمع مع بعض تُكوِّن الإله الغير محدود .
* المُسلم : الشيء المحدود له حُدود ، وإذا جمعنا اثنين من الأشياء المحدودة فسوف يَنتج عن ذلك حُدود مشترَكة تَحوِي بداخلها هذين الشيئين ، وإذا أَضفنا لهما شيء ثالث فسوف يَنتج عن ذلك حدود مشترَكة تَحوِي بداخلها ثلاثة أشياء ،، يعني اجتماع الأشياء المحدودة مع بعض لا يلغي الحدود تماماً ، بل يؤدي إلي حدود مشترَكة أكبر ، تحوي بداخلها تلك الأشياء المجتمعة مع بعض .
وحتى لو افترضنا اجتماع عدد لانهائي من الأشياء المحدودة ، فسوف يجتمعون داخل حدود مشترَكة ، يعني ستكون النتيجة شيء محدود .
* المُثلِّث : بل سيجتمعون داخل حدود لانهائية ، وتكون النتيجة شئ غير محدود .
* المُسلم : كلمة ( حدود لانهائية ) هي كلمة مُتناقضة ، لأن الشيء اللانهائي هو غير محدود ، يعني أنت كلِمتك معناها ( حدود غير محدودة ) فكيف تُثْبِت الحدود وتَنفيها في نفس الوقت ؟ ! !
* المُثلِّث : أنت لا تَفهم عقيدة الثالوث لأنك تَرفض أن تَقبل المسيح كمُخَلِّص لك .
* المُسلم : حسناً ، سأُعِيد السؤال بأسلوب آخَر ،، أنت قُلت أن الإله يتكوّن من أقانيم ، فهل هذه الأقانيم هي صفات للذات الإلهية ؟ أم هي مكوِّنات للذات الإلهية ؟
* المُثلِّث : وما الفرق بين صفات الذات وبين مكوِّنات الذات ؟
* المُسلم : ذات الإنسان تتكون من روح وجسد ، وتتصف بالحياة والسمع والبصر ،، يعنى الروح هي إحدَى مكوّنات الذات ، بينما الحياة هي إحدَى صفات الذات ،، لذلك عندما نَصِف الإنسان نقول هو حي وبصير ، وعندما نَذكُر مكوّناته نقول هو يتكوّن من روح وعين وأُذُن ، إلخ ..
والإنسان حي لأن له روح ،، وهو بصير لأن له عين .
* المُثلِّث : الله واحد وثالوث في نفس الوقت ،، يعني واحد مِن حيث الجوْهر والطبيعة ، وثالوث مِن حيث إعلانه عن نفْسه ومن حيث أعماله : فقد خلَق العالم بكلِمته ، وكلِمتُه هي في ذاته نفسها ؛ وهو حي ، وروحه في ذاته نفسها ، وبالتالي فإن أقنوم الروح هو أحد مُكوّنات الذات ، وليس صِفة ، لكن بِسَببه توجد صفة الحياة عند الذات ، مثلما توجد صفة البصر بسبب العين .
* المُسلم : نحن نعرف أن روح الإنسان لها طبيعة مختلفة عن طبيعة جسد الإنسان ، فهل يوجد اختلاف بين طبيعة مُكوّنات الذات الإلهية الثلاثة ؟
* المُثلِّث : لا يوجد .
* المُسلم : فَعلَى أي أساس أنت تُسمِّي أحد هذه المكوِّنات ( روح ) وتُسمِّي الآخَر ( كلِمة ) ؟
* المُثلِّث : على حسب أعمال كل أقنوم .
* المُسلم : طالما لهم طبيعة واحدة ، فلماذا ليس لهم أعمال واحدة ؟
* المُثلِّث : لأن كل أقنوم هو مُستقِلّ عن الآخَر في الأعمال لكنهم واحد في الجوهر والطبيعة ، فإن “الطبيعة” هي ما يَكُونه الشخص ، في حين أن “الأقنوم” هو مَن يَكُونه الشخص ،، يعني الإله يَكُون في أُقنوم الإبن ، ويَكُون في أقنوم الروح في نفس الوقت .
* المُسلم : إذا كنت تعني أن أقنوم الروح له طبيعة ، وأن أقنوم الإبن له طبيعة تُشْبه تماماً طبيعة أقنوم الروح وأقنوم الأب ، فهذا يعني أن الذات تَتكَوّن من ثلاث طبيعات متشابهة تماماً ، يعني ثلاث نُسَخ مِن نفْس الطبيعة ، وهذا يَستلزِم وجود حُدود بين تلك الطبيعات حتى يُصبحوا ثلاثة في العدد ، وليس واحد .
وهذا يعني أن كل طبيعة منهم هي محدودة بِحَدّ مُعَيّن ، وبالتالي تُصبح الذات مُكَوَّنة مِن أشياء محدودة ، وهذا يعني أن الذات نفسها محدودة ، لكن الذات الإلهية مستحيل تكون محدودة .
وأَمّا إن كنت تعني أنه يوجد طبيعة واحدة في العدد ، فهذا يعني أن الذات لا تَنقسم أصلاً إلي مكوِّنات .
* المُثلِّث : وما المانع بأن تَتكوّن الذات مِن ثلاث طبيعات وتَكُون كل طبيعة غير محدودة ؟
* المُسلم : وجود ثلاث طبيعات في ذاتٍ واحدة يعني أن كل طبيعة تُكَوِّن جزء محدود مِن الذات ولا تُكَوِّن باقي الأجزاء ، ولو كانت إحدَى الطبيعات غير محدودة .. لَقامَت لِوَحدها بِتَكْوين الذات بالكامل ، وما كان هناك تَواجُد للطبيعتين الإثنتين الأُخرَتين في الذات .
* المُثلِّث : وما المانع بأن كل طبيعة تُكَوِّن جزء غير محدود مِن الذات ؟
* المُسلم : مصطلح ( جزء غير محدود ) هو مصطلح متناقِض ، لأن وجود الجزء يعني أن الذات انقسمَت إلى أكثر مِن جزء ،، وكل جزء يُصبح لَدَيه حدود تَفصل بَينه وبين بَقية الأجزاء ، يعني كل جزء فهو محدود .
* المُثلِّث : عندما تَكُون كل الأجزاء لها نفس الشكل والطبيعة ومُلْتحِمة تماماً ، فلن يَكُون هناك حدود بين تلك الأجزاء .
* المُسلم : فَعَلَى أي أساس قُمت بِتميِيز كل جزء عن الآخَر ؟
* المُثلِّث : على أساس أن كل جزء له تأثير وعمل خاص به يختلف عن عمل الأجزاء الأُخرى .
* المُسلم : طالما هناك اختلاف في الأعمال ، فهذا يعني وجود حدود بين تلك الأعمال ، وبالتالي تَكُون هي نفس الحدود التي تُحَدّد كل جزء مِن الأجزاء ، وهذا يعني وجود حدود بين الأجزاء .
* المُثلِّث : عندما تُحضر زجاجة مملوءة بغاز الأكسجين فقط ، فإن كل ذَرّة أكسجين يكون لها نفس طبيعة باقي ذرّات الأكسجين ، وهم يَتّحِدون جميعاً ويَختلِطون ويَتداخلون فيما بينهم لِتكوين غاز الأكسجين في نفس الزجاجة بدون أن يوجد حَدّ بين ذرة وأُخرى .
* المُسلم : هل هذا الإتحاد والإختلاط يجعلهم ذرة واحدة ؟
* المُثلِّث : لا ،، فهُم لا يَزالون ذرات عديدة ، ولكن موجودون في نفْس الزجاجة .
* المُسلم : معنى كلامك أن كل ذرة لها حجم مُعَيّن ، وهذا الحجم أكيد محدود ، لأنه لو كان غير محدود .. فسوف يَكُون كبير جداً ولا يَسمح بوجود أحجام أُخرى معه في نفس الزجاجة .
* المُثلِّث : وجود الذات في صورة أقانيم يُشْبه وجود الماء في صورة سائلة وبُخار وثلج ، وكلها تُعَبّر عن الماء .
* المُسلم : لو أن الإله يُغَيّر صورته مِن شكل إلى شكل آخَر ، فهذا يعنى أن زمن وجود الأشكال السابقة انتهى لِكَي يبدأ زمن وجود الشكل الحالي للإله ،، والشيء الذى له نهاية فأكيد له بداية وليس موجود منذ الأزل ، لأنه لو كان موجود منذ الأزل .. لاستمَرّ على حاله إلى الأبد بدون تغيير .
وهذا يعني أن زمن وجود جميع الأشكال السابقة أكيد له بداية ، وهذا يَستلزِم أن الإله نفْسه له بداية ،، وهذا مستحيل طبعاً ،، فإن الله ليس له بداية ، ولذلك فإن الله لم يُخلَق لأنه لا يحتاج أن يَخلُقه أحد ، لأن وجود الله دائم منذ الأزل وقائم بذاته ،، انظُر مقالة [ إثبات أن الكوْن له بداية محدَّدة ، ولم يكن له وجود قبل تلك البداية ] ومقالة [ الإجابة على سؤال : مَن خَلَق الله ؟ ،، ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ) ] .
* المُثلِّث : الله لا يُغَيّر شكله إلى شكل آخَر ، بل جميع صور الله المختلفة موجودة في نفس الوقت منذ الأزل .
* المُسلم : إذا كانت الذات الواحدة تَنقسم إلى أشكال مختلفة في نفس الوقت فهذا يعني أن كل شكل له حدود تُميزه عن الشكل الآخَر ،، وهذا يَستلزِم تقسيم الذات إلى أجزاء ، مِمّا يعني أنها ذات محدودة ، لكن ذات الله ليس محدودة .
* المُثلِّث : أليست الذات الإلهية تنقسم إلى صفات غير محدودة مثل صفة القُوّة وصفة العِلم وصفة الحياة ؟
* المُسلم : إذا انقسمَت الذات فإنها لا تَنقسم إلى صفات ، بل تنقسم إلى مُكوِّنات وأجزاء ، وهذه المُكَوِّنات تُصبح هي الذات ، والذات يَكُون لَديها صفات ، يعني المكوِّنات المجتمِعة يكون لديها صفات .
والإنقسام يحدث في الذات المحدودة ولا يحدث في الذات الغير محدودة ،، انظر مقالة [ إثبات أنه لا يمكن تقسيم الذّات الإلهية إلى أعضاء ولا أجزاء ولا مُكوّنات ولا أقانيم ولا أي شيء ،، ولا يمكن أن يكون هناك أكثر من ذات غير محدودة ( واحدة ) ،، وتفسير كلمة ( يد الله ) في آية ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ] .
* المُثلِّث : لماذا تُوافِق على وجود صفات غير محدودة ، وتَرفُض وجود أجزاء غير محدودة ؟
* المُسلم : لأن تَعَدُّد الأجزاء يَستلزِم بالتأكيد وجود تقسيم في الذات ،، لكن تَعَدُّد الصفات يَنتج بسبب وجود تقسيم في حالة الذات المحدودة مثل ذات الإنسان ،، ويوجد بدون الحاجة إلى تقسيم في حالة الذات الغير محدودة وهي ذات الإله .
لذلك فإن الذات الغير محدودة هي ( ذات ) واحدة غير مُركّبَة مِن أجزاء ولا مُكوّنات ،، ولها قُدرة على العِلم والإرادة والسمع والبصَر ، يعني من صفات الله أنه عليم وسميع وبصير .
*** تابِع قراءة ⇐ [ الجزء الثاني من حِوار بين مُسلم مُوَحِّد يُوَحّد الله ، وبين شخص مُثلِّث يُثلِّث الإله ويَتّبع عقيدة ( التّثلِيث والتّوليد ) ]