[ حِوار بين مُسلم مُوَحِّد يُوَحّد الله ، وبين شخص مُثلِّث يُثلِّث الإله ويَتّبع عقيدة ( التّثلِيث والتّوليد ) ] ⇐ الجزء الثاني من حِوار بين مُسلم مُوَحِّد يُوَحّد الله ، وبين شخص مُثلِّث يُثلِّث الإله ويَتّبع عقيدة ( التّثلِيث والتّوليد ) :
* المُثلِّث : الإنسان أيضاً سميع وبصير .
* المُسلم : صفات الإنسان قائمة بأجزاءه ،، لكن صفات الله قائمة بِذاته كُلّها .
يعني العين جزء من ذات الإنسان ، و صِفة البصر عند الإنسان قائمة بواسطة هذا الجزء وهو العين ، وبما أن كل جزء فهو محدود ، فتكون الصفة أيضاً محدودة في تلك الحالة .
لكن ذات الله ليس لها أجزاء ، ولذلك فإن صفة البصر عند الله ليست قائمة بجزء مُعَيّن مِن ذاته ، بل قائمة بِذاته كلها ، وكذلك صفة السمع هي قائمة بذاته و صفة العِلم و صفة الحياة وبقية صفاته هي قائمة بذاته سبحانه وتعالى ، وبما أن الذات الإلهية غير محدودة ، فإن صفاتها أيضاً تَكُون غير محدودة .
* المُثلِّث : صفة القوة هي ( ذات ) غير محدودة .
* المُسلم : طالما أنت سَمّيْت القوة ( صِفة ) فهذا يعني أنك تَنْسبها إلي ( مَوصوف ) وهو الله ، بحيث تقول ( الله قوِي ) ، وبالتالي فإن الموصوف يَكُون هو ( الذات ) ، أَمّا القوة فتَكُون صفة للموصوف وليست هي الموصوف ،، يعني القوة تَكُون صفة للذات وليست هي الذات .
* المُثلِّث : عندما أقول ( الله له قُوّة دائمة ) فإن القوة تُصبح موصوف والدوام صفة ،، وبالتالي تُصبح القوة ( ذات ) .
* المُسلم : القوة أصبحَت موصوف عندما نَسَبْت أنت إليها صفة الدوام ،، لكن هذا لا يَنْفِي أن القوة مازالت صفة لله ، وطالما هي صفة فمستحيل تُصبح ( ذات ) ، لأن الذات لا يُمكن أن تَكُون صفة أبداً .
* المُثلِّث : العين هي ذات مستقلة عن ذات الأُذُن ، وفي نفْس الوقت فإن العين صفة للإنسان .
* المُسلم : العين ليست صفة للإنسان ، بل هي جزء من الإنسان ، لكن البصر هو صفة للإنسان ، وهذه الصفة نَتجَت بواسطة العين ، يعني العين هي التي أَنتجَت الصفة وليست هي الصفة .
* المُثلِّث : هل يمكن أن يكون الله حي بدون روح ؟
* المُسلم : نعم ، كما أن الله سميع بدون أُذُن ، وبصير بدون عين ،، فإن الله لا يحتاج أُذُن لِكَي يَكُون سميعاً ، ولا يحتاج عين لِكَي يَكُون بصيراً ، فهو سميع بذاته ، وبصير بذاته ، وهو أيضاً حي بذاته سبحانه وتعالى ، وذاته ليست مُكَوَّنة مِن أشياء ، بل هي ( ذاتٌ ) كاملة وغير محدودة ، ولذلك لا تَنقسم إلى أشياء .
* المُثلِّث : لكن قرأنكم يقول ( فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ) ،، وهذا يعني أن الله له روح .
* المُسلم : الله نَسَبَ الروح لِنفسه لأنها مخلوقة مِن مخلوقاته ، كما يقول ( أَرضِي و سَمائِي و بَيتِي و ناقة الله و شَهْر الله … إلخ ) .
* المُثلِّث : أنتم تَرفضون أن يَكون الله مُرَكّب مِن أقانيم ، مع أن قرأنكم يقول أن الله مُرَكّب من أجزاء وأعضاء مثل اليد والعين والساق ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) .
* المُسلم : نحن نؤمن أن الله مُنَزَّه عن المكان والزمان والتركيب ، فهو موجود بلا مكان وبلا زمان ، لأنه لا يحتاج مكان ولا زمان ،، و الله لا يحتاج عين كَي يكُون بصيراً ، ولا يحتاج أُذُن كَي يكون سميعاً ، فهو سميعٌ بذاته ، وذاته ليست مُرَكّبة من أجزاء .
وجُملة ( يد الله ) المذكورة فى الأية لا يُقصد بها يدٌ بالمعنى الحَرفِي ، بل هي كِناية عن دعم ومساعدة الله للمؤمنين ،، مثلاً عندما نقول ( الطقس كَشَّرَ عن أنيابه ) فهذا لا يعني أن الطقس له أنياب وأسنان بالمعنى الحرفي ،، بل تلك الجملة كلها على بعضها هي كِناية عن سوء الطقس ، يعني الطقس أصبَح سَيّئ جداً ، يعني أصبح شديد الحرارة أو شديد البرودة .
* المُثلِّث : لكن هناك بعض المشايخ المسلمين يقولون أن الله له يدٌ بالمعنى الحَرفي ويرفضون الكِناية .
* المُسلم : أنت بنفسك قلت بعض المشايخ ، يعني ليس كل المسلمين يقولون ذلك ، واختلاف المسلمين إلى فِرَق مختلفة يدل على صِدق الإسلام الذى تَنَبّأ بذلك ، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال ( افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فِرقةً , وافترقتِ النصارَى على اثنتَينِ وسبعينَ فِرقةً , وستَفترقُ هذه الأُمّةُ على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً كلُّها في النارِ إلا واحدةً ، قِيل : مَن هي يا رسولَ اللهِ ؟ فقال النبي : مَن كان على مِثْلِ ما أنا عليه وأصحابِي ) .
* المُثلِّث : لكن هؤلاء المشايخ هم مِن عُلماء الإسلام .
* المُسلم : النبى تَنَبّأ بظهور أشخاص لهم لحية طويلة ويَحلِقون شَعر الرأس والشارِب تماماً ويُكْثرون مِن قِراءة القرأن ويَحفظوه لكن بدون أن يَفهموا مَقصد الأيات بشكل صحيح ، ويُصدرون فتاوى مُتطرّفة تُشوّه صورة الإسلام ، و النبي حذّرَنا مِن الإنخداع بِمَظهرهم وتَديُّنهم الكاذب .
لذلك فأنا أَتّبع الفتاوى الرّسمِيّة التي تَصدُر مِن الأزهر الشريف ودار الإفتاء ، لكن لا أَتّبع فتاوى الشيوخ المتطرفين ،، انظر مقالة [ إثبات أن السّلَفِيّين يُخالفون عقيدة السلَف الصالح ]
* المُثلِّث : لكن رسولكم كانت لِحيته طويلة .
* المُسلم : نعم كانت لِحيته طويلة وكان في المعتاد يُطيل شَعر الرأس و يَقُص شَعر الشارِب حتى لا يَنزل على شِفّته ، لكن لا يَحلِق الشارِب تماماً ، لأن حلْق الشارب تماماً مع لِحية طويلة يَجعل مَنظر الوجه مُخيف ، و النبي كان مَنظره جميل وليس مُرعِب مثل هؤلاء الإرهابيين .
وهذا لا يعني أن كل من يَحلق شارِبه ويُطلق لِحيته هو إرهابي ، لكن يعني أن ذلك مختلِف عن فِعل النبي الذي كان يَقُص الشارب بدون أن يَحلِقه ،، انظر مقالة [ المفهوم الخاطئ بخصوص حلْق اللِّحية ] .
* المُثلِّث : هل معنى ذلك أنه حدَث تحريف للإسلام ؟
* المُسلم : التحريف يحدث عندما يَظهر كلام خاطيء و يَغِيب الكلام الأصلِي كما حدث في الأديان السابقة ،، لكن الإسلام مازال مُحتفظ بالكلام الأصلِي للقرأن و الأحاديث النبوية الصحيحة ، لأن الله بنَفْسه تَكَفّل بِحِفظ الإسلام ، ولم يَترك هذه المسؤولية للبَشر فقط ، فمثلاً عندما كان المسلم يَنسَى إزالة الآيات المنسوخة مِن القرأن ، كان الله يُسَلّط الدوَاب فتَأكل صحيفة الآيات المنسوخة حتى لا تَقَع في أَيدى الناس بالخطأ ،، وتَم إنشاء عِلم الحديث للتفريق بين الحديث الصحيح الذي قاله النبي وبين الحديث الموضوع بواسطة شخص غير النبي ،، انظر مقالة [ الرّد على شُبهة تحريف القرأن ، واختلاف القراءات ، والناسخ والمنسوخ ، وحرق المصاحف ، وأكْل الداجن لصُحف القرأن ] .
* المُثلِّث : رسولكم قال لصاحبه ( يا أبا بكرٍ ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالثُهُما ؟ ) يعني رسولكم هو الذي يقول أن الله ثالث ثلاثة .
* المُسلم : القرأن وضح المعنى المقصود مِن هذه الجُملة وقال ( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا ) وجملة ( إن الله معنا ) لا تعنى أن الله موجود بذاته معهم في نفس المكان ، فالله مُنزَّه عن المكان أصلاً ، يعنى لا يحتاج مكان ، يعنى موجود بلا مكان ، لذلك فإن جُملة ( الله معنا ) هي كِناية عن الرعاية والعناية والدعم من الله بجنود لم يَرَوها .
يعني الله ثالثهما بدَعمِه وتَأْيِيده لهما ، و ليس ثالثهما في الأُلُوهية لأنهما لَيس أَلِهة أصلاً ، بل هما عبدين مِن عباد الله .
بينما أنتم تقولون أن المسيح هو ثالث ثلاثة أقانيم ، وأن كل أقنوم هو إله في حد ذاته ، يعني تَزعمون أن المسيح هو ثالث الثلاثة في الألوهية ،، بينما الإله الحق لا يَشترك مع أحد في الألوهية .
* المُثلِّث : قرأنكم يقول ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) بينما لا توجد جُملة في الإنجيل تقول ( الله ثالث ثلاثة ) .
* المُسلم : القرأن لم يَتّهم الإنجيل بهذه الجُملة ، بل اتّهَم الناس الذين يقولون هذه الجُملة ،، وأنت الآن اعترَفْت أن عقيدة ( الله ثالث ثلاثة ) هذه مِن اختراعكم أنتم و لَيست مذكورة في الإنجيل .
* المُثلِّث : لكننا نقول ( الإله واحد له ثلاثة أقانيم ) .
* المُسلم : وتقولون أيضاً أن المسيح هو ثالث الأقانيم ، وتقولون أن المسيح هو الله ،، وهذا يعني أن الله هو ثالث الأقانيم ، على حسب زَعمِكُم .
* المُثلِّث : عقيدة الثالوث هى مِنحة مِن المسيح ، ولن يَفْهمها إلا مَن يُسَلّم قَلْبه للمسيح .
* المُسلم : كيف أُسَلّم قلْبِي لِشَيء غير مفهوم أصلاً ؟ ! ،، على العموم أنت قلت أن الإبن هو إله ، وقلت أن الإبن هو الكلمة ، فهل معنى ذلك أن الكلمة هي إله ؟
* المُثلِّث : الشخص يُعَبّر عن نفْسه بالكلام ، يعني الكلمة تُمَثّل الشخص نفْسه ، يعني الشخص وكلمته هُما ( واحد ) في نفْس الوقت ، وبالتالي إذا كان الشخص هو إله ، فإن كلمته أيضاً إله .
* المُسلم : الوزير يُمَثّل السُّلطان في بعض المواقف ، فهل معنى ذلك أن الوزير هو والسلطان ( واحد ) ؟ يعني هل إذا مرض السلطان ، يَمْرض الوزير أيضاً ؟
* المُثلِّث : الوزير هو ( ذاتٌ ) مستقلة ، والسلطان هو ( ذاتٌ ) أُخرى ، يعني هما ( ذاتين اثنتين ) وليس ( ذاتٌ ) واحدة ،، لكن الشخص والكلمة هما ( ذاتٌ واحدة ) ، لأنه لا توجد كلمة مستقلة بحد ذاتها بدون شخص متكلِّم ، وأيضاً لا يوجد متكلِّم بدون كلمة .
* المُسلم : هل يوجد فَرق بين الكلمة والمتكلِّم ؟
* المُثلِّث : الكلمة تُعَبّر عن المتكلِّم ، يعني الكلمة والمتكلِّم هما ( واحد ) .
* المُسلم : يعني هل يوجد فرق بينهما ؟
* المُثلِّث : لا يوجد فرق بينهما .
* المُسلم : طالما الكلمة هي المتكلِّم ، فلماذا تُسَمّيها كلمة ولا تُسَمّيها متكلِّم ؟
* المُثلِّث : لأن الذي يتكلم هو المتكلِّم وليس الكلمة .
* المُسلم : إِذَن هناك فرق بين الكلمة والمتكلِّم لأن الكلمة لا تتكلم ،، يعني الإله هو ( المتكلِّم ) وليس هو ( الكلمة ) ،، ولذلك أنا أَعبُد المتكلِّم نفْسه ، ولَستُ أَعبُد الكلمة ،، لكن أنت بَنَيت عقيدتك على أساس أنه لا يوجد فرق بين الكلمة والمتكلِّم ، وهذا الأساس يُخالف العقل والبديهة ، وهذا باعترافك أنت شخصياً .
* المُثلِّث : المسيح هو كلمة الله ، ونحن نَعبُد كلمة الله كما أنتم تَعبدون بيت الله ( الكَعبة ) .
* المُسلم : نحن نَعبُد الله ونُقَدّس بيت الله ،، يعني نحن نَعبُد صاحب البيت ولا نَعبُد البيت ،، وكذلك نحن نَعبُد الله ونُقَدّس كلام الله ،، يعني نحن نَعبُد المتكلِّم ولا نَعبُد الكلام ،، يعني نحن نُقَدّس القرأن ، لكن لا نَعبُد القرأن .
فإن القُوّة هي صفة من صفات الله ، و الله هو الموصوف ،، وكذلك فإن الكلام هو صفة من صفات الله ، و الله هو الموصوف ،، ونحن نَعبُد الموصوف ولا نَعبُد الصفة ،، يعني نحن نَعبُد الذات الإلهية ولا نَعبُد صفاتها .
ونحن نَسجُد لله في اتّجاه الكعبة ، لكن لا نَسجُد للكعبة ولا نَعبُد الكعبة ،، بل نَعبُد الله .
* المُثلِّث : كفار مكة أيضاً كانوا يَطُوفون حَوْل الكعبة تَقَرُّباً إلى الله ، فلماذا تُسَمُّونهم كفار ؟
* المُسلم : النبي إبراهيم قام ببناء الكعبة وطاف حوْلها تَقديساً لها وعبادةً لله وليس عبادةً للكعبة .
وبعد فترة مِن الزمن قام أهل مكة بِصُنع أصنام حوْل الكعبة ، ثم طافوا حوْل الأصنام والكعبة بِهدف عبادة الحجارة نفسها وليس مُجرد تقديس ، و هُم اعترَفوا أن في نِيّتهم عبادتها وقالوا ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ ) ، ولَمّا جاء الإسلام قام النبي محمد بِهدم الأصنام ، وطاف حوْل الكعبة بِنِيّة تقديسها وليس بِنِيّة عبادتها ، بل جعَل في نِيّته عبادة الله وحده كما فعَل سيدنا إبراهيم مِن قبل ،، يعني الطواف حوْل الكعبة موْجود في شريعة النبي إبراهيم وشريعة النبي محمد ،، لأن شريعة النبي محمد تَأخذ مِن الشرائع السابقة بعض التشريعات الصحيحة والغير مُحرَّفة .
وهناك صحابي كان في الجاهلية اسمه ( عبد الكعبة ) ولما أسلَم سَمّاه النبي ( عبد الرحمن ) ، يعني كُفار مكة كانوا يَعبُدون الكعبة ، لكن النبي يَعبُد الرحمن .
* المُثلِّث : الكفار كانوا يعبدون صنم اسمه ( صمد ) ،، وأنتم تقولون أن الله اسمه ( الصمد ) ،، يعني أنتم تأخذون أسماء الأصنام وتُطلِقونها على الله .
* المُسلم : بل إن الكفار هُم الذين يأخذون أسماء الله ويُطلِقونها على الأصنام ،، ونحن لن نترُك أسماء الله بسبب أن الكفار أَطلَقُوها على الأصنام ،، بل نحن نأخذ أسماء الله ونَترُك الأصنام .
* المُثلِّث : كلمة الله ( كُن ) هي التي خَلقَت الكون ، يعني الكلمة هي خالقة ، يعني الكلمة هي إله .
* المُسلم : الخلق والإختراع هو إيجاد وصُنع شيء لم يكن له وجود سابق ،، لكن الإكتشاف والإدراك هو وجود شيء لم تكن تراه سابقاً بالرغم من أن له وجودٌ فِعلِي .
ولاحِظ أن هناك فَرق بين كلمة ( إيجاد ) وبين ( وجود ) ،، وهناك فرق بين كلمة ( مَوْجُودْ ) وبين ( مُوجَدْ ) ،، انظر مقالة [ الإجابة على سؤال : مَن خَلَق الله ؟ ،، ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ) ]
– الخلْق هو أن تُوجِد القلم أي تَصنعه ،، لكن الإكتشاف والإدراك هو أن تَجد القلم الذي كان غائباً عنك .
الإنسان يخلق شيء جديد عن طريق استخدام أشياء خلَقها الله ، يعني يَخلق سيارة باستخدام المعادن ، ويَخلق كِذْبه باستخدام اللسان ،، والإنسان له إرادة استخدَمها لِكَي يَخلق السيارة ، ولكن الله أيضاً هو الذي خلَق تلك الإرادة التي عند الإنسان ،، يعني الإنسان لا يستطيع أن يَخلق أشياء مِن عدَم .
وبالتالي فإن الإنسان يُسَمَّى خالِق لهذه الأشياء ، لكن لا يُسَمَّى إله ، لأنه ليس مَصدر الإرادة الأصلية ، ولولا إرادة الله .. لَمَا حدَث خلْق هذه الأشياء .
ولذلك فإن الله هو أحسن الخالقين ، لأن الله هو الخالق الأصلِي للإنسان ولهذه الأشياء .
معنى ذلك أنه ليس كل خالق يُسَمَّى إله .
والإرادة تكون عند المتكلِّم وليس عند الكلمة ،، يعني كلمة الله خالقة ، ولكن لَيسَت إله ، إذ لا يُعقل أن يكون هناك إله بلا إرادة .
ولذلك فإن الإله هو الله المتكلِّم الذى تَكَلّم بالكلمة .
* المُثلِّث : ولكن قد حدَث تجسيد لكلمة الله على شكل إنسان متكلِّم وعنده إرادة هو المسيح ، وبالتالي أصبحَت الكلمة إله .
* المُسلم : معنى قولك أن الكلمة أصبَح لديها إرادة وقُدرة على الكلام فقط بعد التجَسُّد ، لكن الإله الحق يجب أن يكون عنده إرادة وقدرة على الكلام بصفة دائمة وفي كل وقت ، وليس بعد حدوث شيء مُعَيَّن .
* المُثلِّث : المسيح هو ( عَقْل الله الناطق ) و ( نُطق الله العاقل ) .
* المُسلم : مَن الذى يَنْطق ؟ هل هو العاقِل أَم العَقْل ؟ هل هو المُفَكِّر أَم التفكير ؟
ومَن الذي يَعقِل ؟ هل هو الناطق أم النُّطق ؟
* المُثلِّث : الله يَنطق بالعقل والتفكير .
* المُسلم : النُّطق يَكُون بالكلام وليس بالتفكير .
* المُثلِّث : البشر يَنْطقون بالكلام ، لكن الله يَنطق بالتفكير .
* المُسلم : إذا كان الله يَنطق بالتفكير فمعنى ذلك أنه يُفَكّر بالكلام ولا يُفَكّر بالتفكير ،، وهذه صفات تُعارِض البديهة والعقل والمَنطِق .
* المُثلِّث : الله أكبر من المَنْطِق .
* المُسلم : الله أكبر من المَنْطِق ، ولكن ليس ضد المَنْطِق .
ونحن عرفْنا بوجود الله لأننا نَتّبع المَنْطِق ،، وأنت تقول أن الله له صفات تُعارِض المَنْطِق ،، معنى ذلك أنك بَنَيت عقيدتك على أساس غير مَنْطِقِي أصلاً ، وهو أن الكلمة هي التي تتكلم وأن التفكير هو الذي يُفَكّر ،، وما بُنِيَ على باطل فهو باطل .
والكُفر هو ضد المَنْطِق ، لذلك فإن الشخص الذي يُعارِض المَنْطِق هو مثل الشخص الذي يُنْكِر وجود الله .
باختصار ، إذا لم نَتّبع المَنْطِق فلَن نؤمن أصلاً بوجود الله .
* المُثلِّث : لكن الله قادر على فِعل أشياء ضد المَنْطِق ، مثل المعجزات .
* المُسلم : صُنْع الله للمعجزات هو شيء مَنطِقي تماماً وليس ضد المَنْطِق .
لأن قوانين المَنْطِق تقول أن الله قادر على صُنع المعجزات ، وتقول أيضاً أن الإنسان عاجز عن ذلك .
فإذا أنت نَسَبْتَ المعجزة للإنسان ، ساعتها فقط تَكُون المعجزة ضد المَنْطِق والقوانين .
ولاحِظ أن معجزات الأنبياء لَيسَت مِن صُنع الأنبياء ، بل هي من صُنع الله الذي أَجراها على يد الأنبياء ،، انظر مقالة [ إثبات أن الله أكبر من العقل والمَنطِق لكن ليس ضد العقل والمنطق ] .
* المُثلِّث : الله قادر على كل شيء ، لذلك يَقْدر أن يُفَكّر بالكلام ويَتكلم بالتفكير .
* المُسلم : الله يَتّصف بِصفات الكمال و يَتنزّه عن صفات النقص .
الله يَتّصف بالقُدرة إذا كانت صفة كمال ، ولا يتصف بها إذا كانت صفة نقص .
القدرة على النوم هي صفة نقص في حق الله ، لذلك فإن الله لا يتصف بها ولا ينام .
مِلكية زوجة وأولاد هي صفة كمال في حق الإنسان ، لكنها صفة نقص في حق الله ،، لذلك فإن الله ليس له زوجة ولا أولاد .
و ( الله ) يَمْلِك أولادنا كَعِباداً له ، ولا يَمْلِكهم كأولاداً له .
والقُدرة على التفكير بالمقلوب تُعتبَر صفة نقص ، فلا يَصح أن نصف الله بها ،، انظر مقالة [ الإجابة على سؤال : هل الله قادر على أن يخلق إلهاً أخر ؟ ،، ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ) ] .
* المُثلِّث : كلام الله موجود منذ الأزل ، فإذا لم يكن الإبن موجود منذ الأزل ، فمع مَن تَكَلّم الآب ؟ ونحن نَعرِف أن صفة الكلام عند الله لا تَتعطل .
* المُسلم : صفات الله قائمة بذاته ودائمة ولا تتعطل ، وليست قائمة بغيره ،، يعني مثلاً أنا أَحتاج إلى شخص يَمْدَحنِي لكى أُصبح ممدوحاً ، و إلى شخص يُعَظّمنِي لِكَي أُدرِك عظَمة نَفْسِي وأُصبح عظيماً ،، لكن الله عظيمٌ بذاته سبحانه وتعالى ، وهو يُدرِك عظَمة نفْسه حتى لو لم يوجد مخلوق يُعَظّم الله ،، انظر مقالة [ إثبات أن صِفة ( الكلام ) عند الله قائمةٌ بذاته بدون الحاجة لوجود أحد معه سبحانه وتعالى ] .
* المُثلِّث : إن فِكرة ( الثالوث ) أكبر من العقل البشري المحدود ، لأن الإنسان لا يستطيع إدراك طبيعة الذات الإلهية ، ومستحيل أن تَضع بَحراً في كُوب صغير .
* المُسلم : طالما أنت مُعترِف بأن طبيعة الذات الإلهية أكبر من قدرات العقل البشري ، فلماذا تَزعُم أنه يَحدث تغيير في شكل الذات الإلهية وتجسيد في صورة إنسان ؟
*** تابِع قراءة ⇐ [ الجزء الثالث من حِوار بين مُسلم مُوَحِّد يُوَحّد الله ، وبين شخص مُثلِّث يُثلِّث الإله ويَتّبع عقيدة ( التّثلِيث والتّوليد ) ]