[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة أنّ الله يتحدث عن نفسه في القرأن بضمير الغائب ، وأن آية ( فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ) هي كلام الجن وليست كلام الله :
– الحوار التالي بين شخص مُلحِد وشخص مسلم :
* المُلحِد : من الذي أنزل القرأن ؟
* المسلم : الله هو الذي أنزل القرأن ، يعني القرأن هو كلام الله .
* المُلحِد : القرأن يقول ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ ) ، فكيف يقول الله عن نفسه ( هو الله ) طالما أن الله نفسه هو المتكلم ، يعني لماذا لم يقل ( أنا الله ) ؟ !
* المسلم : القرأن نزَل ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) ،، يعني القرأن يستخدم نفس أساليب اللغة العربية ، ولقد كان من المُستحسَن عند العرب أن يستخدم المتكلم أساليب متنوعة في الخطاب ، ويعتبروها دليل على بلاغة المتكلم ، يعني مثلاً يتحدث المتكلم عن نفسه بصيغة المفرد المتكلم ( أنا ) ، وصيغة المفرد الغائب ( هو ) ، وصيغة الجمع للتعظيم وليس للتعدد ( نحن ) .
فمثلاً قد يخطب السلطان في شعبه ويقول لهم ( أيها الشعب ، إن السلطان يأمركم أن تفعلوا كذا وكذا ) ، ونلاحظ هنا أن المتكلم هو السلطان نفسه ، لكن لم يقل ( أيها الشعب ، أنا السلطان أأمركم أن تفعلوا كذا وكذا ) ، يعني لم يتحدث عن نفسه بصيغة المتكلم ، بل تَحدّث بصيغة الغائب ، وذلك للتأكيد على أهمية الأمر ، يعني هو يقصد أن يقول للشعب ( أيها الشعب ، إذا أنتم فعلاً تطيعون السلطان ، فإن السلطان يأمركم أن تفعلوا كذا وكذا ) .
وعندما يُصدر السلطان أحد القرارت فإنه يقول ( لقد أصدرنا نحن السلطان فلان قراراً بخصوص كذا وكذا ) ، ونلاحظ هنا أن السلطان لم يقل ( أنا ) بل قال ( نحن ) مع أنه سلطان واحد وليس مجموعة سلاطين ،، يعني السلطان تَحدّث عن نفسه بصيغة الجمع بهدف التعظيم ، وليس بهدف التعدد .
و ( الله ) سبحانه وتعالى يستخدم أساليب متنوعة في الحديث عن نفسه ، وهذا دليل على البلاغة اللغوية والتعظيم ،، فمرّة يقول الله ( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) ،، ومرة يقول ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ، ومرّة يقول ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ) ،، وكل هذه الأساليب المتنوعة تدل على تمكُّن القرأن من اللغة العربية ، وإجادتها ببراعة .
* المُلحِد : من الذي قال ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ) ؟
* المسلم : الجن هم الذين قالوا ذلك .
* المُلحِد : لكن هذه الجملة مذكورة في القرأن ، وأنت تزعم أن الله هو الذي قالها .
* المسلم : الله قال خبر يحتوي على تلك الجملة ،، وهذا لا يعني أن الله قال تلك الجملة ، بل يعني أن الله قال ذلك الخبر .
* المُلحِد : أنا لا أفهم قصدك .
* المسلم : هل تقرأ الأخبار الصحفية ؟
* المُلحِد : نعم .
* المسلم : إذا أنت قرأت هذا الخبر ( وقد قام الوزير بزيارة المدينة ، ثم قال الوزير : سوف نبني مصانع جديدة في هذه المدينة ) ،، فمن الذي قال جملة ( سوف نبني مصانع جديدة في هذه المدينة ) ؟ هل هو الصحفي أم الوزير ؟
* المُلحِد : الوزير هو الذي قال تلك الجملة ، لكن الصحفي هو الذي قال الخبر الذي يحتوي على تلك الجملة .
* المسلم : وبنفس هذا المنطق ، فإن الجن هم الذين قالوا تلك الجملة ، لكن الله هو الذي قال الخبر الذي يحتوي على تلك الجملة ،، والقرأن يقول ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) ……. ) ،، ونلاحظ أن الله أصدَر أمر للنبي ، وهذا الأمر هو ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ) ، وأيضاً الله قال خبر للنبي ، وهذا الخبر هو ( اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ………….. ) .
ونلاحظ أن الجملة التي يقولها الجن ليست قرأن بحد ذاتها ،، لكن الخبر الذي يحتوي على تلك الجملة هو قرأن بحد ذاته ،، يعني نحن لا نقدّس الجملة التى قالتها الجن ، لكننا نقدّس الخبر الذي قاله الله سبحانه وتعالى ،، ومن الطبيعي أن يحتوي الخبر على تلك الجملة .
– انظر ⇐ [ الرّد على الأشخاص الذين يَزعُمون وجود أخطاء فى القرأن ]
( * ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي للمقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )