[ الرَّد على المجموعة الأولى من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة عَوْرة الجارية ،، وسبب ضرب سيدنا عمر للجارية لكي تخلع الحجاب :
* في البداية يجب أن أوضح معاني بعض الكلمات :
– الأَمَة : هي الجارية .
– الحُرّة : هي المَرأة التي ليست من الجواري .
– المَحارم : جمع مَحرم ، وهو الشخص الذي يَحرُم على المرأة ، يعني أخوها وأبوها من محارمها .
– الأجنبي : هو الشخص الذي ليس من مَحارم المرأة ، يعني ابن عمها هو أجنبي عنها .
– القُبُل المذكور في أحد الأحاديث التالية هو البطن ، وراوي الحديث هو الذي فسَّره بذلك .
* يقول أحد فقهاء المالكية وهو يشرح كلام الإمام مالِك ( وَعَلَى هَذَا فَيَرَى الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ أَمَةً أَكْثَرَ مِمَّا تَرَى مِنْهُ ، لِأَنَّهَا تَرَى مِنْهُ الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ فَقَطْ ، وَهُوَ يَرَى مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ، لِأَنَّ عَوْرَةَ الْأَمَةِ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ .. مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ) وهذا الكلام مذكور في كتاب ( حاشية الدسوقي علَى الشرح الكبير ) .
يعني هذا الفقيه يقول أن صدر الجارية ليس عورة ، ولكن هذا لا يعني أن ذلك الفقيه يسمح بكشْف صدر الجارية ، فهناك فرق بين قول ( صدر الجارية ليس عورة ) وبين السماح بكشف صدر الجارية ،، لأن ذلك الفقيه يقول في نفس الكتاب ( فَإِذَا خِيفَ مِنْ أَمَةٍ فِتْنَةٌ وَجَبَ سَتْرُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ ، لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ ، لَا لِكَوْنِهَا عَوْرَةً ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظِيرِهِ كَسَتْرِ وَجْهِ الْحُرَّةِ وَيَدَيْهَا . ) يعني الجارية يجب أن تَستُر العورة وتكشف ما عَدا العورة ، ولكن لو خفنا حدوث فتنة من الجارية ، فيجب أن تستر ما عدا العورة أيضاً ، يعني يجب أن تستر المناطق التي ليست عورة ،، وذلك بسبب خوف الفتنة ، وليس بسبب أن تلك المناطق عورة ، فهي أصلاً ليست عورة ،، وهذا ينطبق على نظير ذلك من جسد الحُرّة ، يعني في حالة الخوف من الفتنة يجب على الحُرّة أن تستر المناطق التي ليست عورة مثل الوجه واليدين .
وطبعاً معروف أن كشْف صدر الجارية يسبب فتنة ، وهذا يعني في النهاية أن ذلك الفقيه يرفض السماح بكشف صدر الجارية ، والفقيه وضح أن سبب هذا الرفض هو حدوث الفتنة ، وليس كونه عورة .
– وهناك فقهاء أخرون يرفضون السماح بكشْف صدر الجارية لأنه عورة .
يعني فقهاء المذاهب متفقون على رفض السماح بكشف صدر الجارية ،، ولكنهم اختلفوا في سبب الرفض ، فمن عنده دليل بأن صدر الجارية عورة ، رفض كشف صدرها لأنه عورة ،، ومن ليس عنده دليل بأن صدر الجارية عورة ، رفض كشف صدرها لأنه يسبب فتنة .
يعني الأسباب مختلفة ، ولكن القرار واحد ، وهو رفض السماح بكشف صدر الجارية .
يعني إذا طبقنا كلام الفقهاء ، فلن يتم كشف صدر الجارية .
وإذا قام أحد المسلمين بكشف صدر الجارية ، فإنه بذلك يكون قد خالف فقهاء السلَف الصالح .
– والمذاهب الأربعة كلهم يرفضون السماح بكشْف أي جزء من جسد الجارية أو الحُرّة في حالة الخوف من حدوث فتنة ، حتى الأجزاء التي ليست عورة ، مثل الوجه والكفّين .
– وهناك دليل أخر على أن الإمام مالِك يرفض السماح بكشف صدر الجارية ، فعندما سألوا الإمام مالِك إذا كان يسمح للرجل أن ينظر إلى كف الجارية عند شرائها ، قال الإمام ماِلك ( أرجو أن لا يكون به بأس ؛ فقيل له : فمِعصمَيْها وساقَيْها ؛ قال : لا أرى ذلك له ، ولا يُعجبني ذلك ، ولكن أرى أن يُخبَر عنها كما يُخبَر عن المرأة التي يتزوجها ) وهذا الكلام موجود في كتاب ( البيان والتحصيل ) .
يعني الإمام مالك يسمح أن تنظر امرأة إلى الجارية ثم تُخبر المشترِي عن أوصاف الجارية ، كما يحدث عندما يتقدم شخص لخِطبة امرأة ، فيُرسِل أُمّه إلى خطيبته لكي تراها وتخبره بأوصافها .
* هناك حديث رواه أنس يقول ( كُنَّ إماءُ عمرَ رضيَ اللهُ عنه يخدُمْنَنا كاشفاتٍ عن شعورهنَّ تَضْطرِبُ ثُدِيُّهُنَّ . ) وفي رواية أخرى ( كُنَّ إماءُ عمرَ رضيَ اللَّهُ عنهُ يخدمنَنا كاشفاتٍ عن شعورِهِنَّ تضربُ ثُدِيَّهُنَّ ) ،، ونلاحظ وجود علامة الشَّدّة والفَتحة على حرف الياء في كلمة ثُدِيَّهُنَّ في جملة ( تضربُ ثُدِيَّهُنَّ ) وهذا يعني أن تلك الكلمة هي مفعول به منصوب ،، يعني كان الصدر مضروب بواسطة الشعر ،، لأن الجواري كانت حركتهن سريعة أثناء الخدمة ، وكان شعر الجواري مكشوف ، وبسبب سرعة الحركة كان الشعر يضرب على صدر الجارية ، ويحدث اضطراب لصدر الجارية بسبب سرعتها في الحركة أثناء خدمة الضيوف .
وهذا الحديث يدل على كشف الشعر فقط وليس كشف الصدر ،، لأنه لو كانت الصدور مكشوفة لقال ( كاشفات عن شعورهن وثُديهن ) ،، لكنه لم يقل ذلك .
يعني الرواية الثانية للحديث هي التي فسّرت لفْظ ( تَضطرِب ) الموجود في الرواية الأولي ، عن طريق الجمع بين الروايات المختلفة ،، وذلك لأن الله تكفّل بحفظ القرأن من حيث الألفاظ والمعاني ، لكن الله يتكفّل بحفظ معاني السّنّة النبوية ، مع وجود اختلاف في ألفاظ الأحاديث النبوية .
بدليل أن كلمة ( يضطرِب ) مُشتقّة من فِعل ( ضَرَبَ ) ،، كما أن كلمة ( يَصطنع ) مُشتقة من فِعل ( صَنَعَ ) ،، وكلمة ( يَصطبر ) مُشتقة من فِعل ( صَبرَ ) .
مثال : فِعل ( صَفَا ) مِن مُشتقاته : يَصطَفِي ، اصطِفاء ، يُصَفِّي تَصفِيَة .
فِعل ( صَفَّ ) مِن مُشتقاته : يَصطَفُّ ، اصطِفاف ، يَصُفُّ صُفُوف .
* هناك حديث يقول ( أن ابن عمر كان إذا أراد أن يشتري جارية ، فواطأهم على ثمن ، وضع يده على عجزها ، وينظر إلى ساقيها وَقُبُلِهَا يعني بطنها ) ، وهذا الحديث له روايات مختلفة ، ولو افترضنا أن ذلك الحديث صحيح ، فهو يعني أن ابن عمر كان يتفق أولاً على ثمن الجارية ، وبعد الإتفاق النهائي ، فإن الجارية تكون ملك يمينه ، وبذلك يحق له أن يلمسها لكن ليس أمام الناس ، والهدف من ذلك اللمس هو فحص الجارية من العيوب والأمراض التي قد يكون البائع أخفاها عن المشترِي ،، بحيث إذا وجد فيها تلك العيوب ، فمن حقه أن يُرجعها ويسترد ثمنها ،، وهذا هو مقصد ذلك الحديث ، يعني الحديث لا يقصد أن يخبرنا بجواز لمس الجارية بعد شرائها ، فهذا شيء معروف عند كل الناس ، إنما الحديث يريد أن يخبرنا بجواز رَدّ الجارية للبائع المخادع إذا تم اكتشاف عيوب وأمراض بعد الشراء .
* هناك حديث عن سيدنا عُمر بن الخطاب ( أنَّه ضرب أمَةً رآها متقَنِّعةً : وقال اكشِفي رأسَكِ ، ولا تتشبَّهي بالحرائرِ ) ،، يعني سيدنا عمر أمر الجارية بأن تكشف شعرها ، وهنا يجب أن أوضح شيئين :
1- كل الصحابة والفقهاء متفقون على أنه يجب ستر أى جزء من جسد المرأة ( الحُرّة والجارية ) عند زيادة احتمال حدوث فتنة .
2- يُسمح للجارية أن تسير أمام الناس كاشفة شعرها فى حالة الجارية التى لا تثير الفتنة ، فهناك جارية تقوم بالخدمة خارج البيت ولا تهتم بنظافتها لدرجة تجعل الرجال يَنْفِرون من النظر إليها ، لذلك فى هذه الحالة يَسمح لها الإسلام أن تكشف شعرها أمام الناس تخفيفاً لها ، وإذا قامت تلك الجارية بتغطية شعرها فهذا لن يكون بغرض إرضاء الله ، لأن الله نفسه سمح لها بكشف شعرها ، ومعنى ذلك أن عندها غرض أخر وهو خداع الناس بأنها حرة وليست جارية لتحقيق مكاسب وأهداف غير مشروعة ،، ونحن نعلم أن الجواري يأتين من مناطق مختلفة من العالم ، وبالتالي لا نضمن أخلاقهم ولا دينهم ، وأنا لا أقول بأن كل الجوارى نيّتهم سيّئة ، لكن أقول بأننا لا نعلم النوايا ، لذلك نأخذ بالظاهر ، يعنى نمنع أي جارية مُنفِّرة من تغطية الشعر .
وهذا لا يعنى أن الإسلام يَسمح بإهانة الجواري أو يُشجع على قلة النظافة ، بالعكس ، فإن الإسلام يشجع على إكرام الجواري ويشجع على النظافة ،، وإذا التزمت الجارية بالنظافة وأصبحت تُثير الفتنة ، ففي هذه الحالة يجب أن تُغطي شعرها أمام الناس ، وإذا كان وجهها يثير الفتنة ، فيجب أن تغطي وجهها أيضاً .
– وعندما أثارت المرأة الخثعمية فتنة عند الفضل بن عباس ، فإن النبي صلي الله عليه وسلم أمر الفضل بأن يُغُضّ بَصَره لكن لم يأمر المرأة بتغطية وجهها ، لأنها لم تسبب فتنة عند غالبية الناس ،، لكن لو سببت فتنة عند غالبية الناس فإن النبي كان سيأمرها بتغطية وجهها ، لأن الإسلام يأمرنا بالإبتعاد عن مصدر الفتنة ، ولكن أحياناً يكون مستحيل إبعاد كل الناس عن مصدر الفتنة ، وساعتها يجب إبعاد مصدر الفتنة نفسه عن الناس .
وسيدنا عمر بن الخطاب كان يحمل عصا صغيرة يستخدمها فى تنبيه الرعية عن طريق ضربة خفيفة لا تسبب الألم .
– ونلاحظ أن هناك أشخاص يحاولون اختراع عيوب وشُبهات في الإسلام ، وذلك عن طريق ذِكْر بعض العبارات من كلام الفقهاء وتَجاهُل بقية كلامهم ، لكي يُحرّفوا مقاصد الفقهاء ، وذلك على طريقة قول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ) بدون أن يُكمل الآية ( وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ ) .
يعني كل الأشخاص الذين ينتقدون الإسلام تفكيرهم مقلوب ، بدليل أن أحدهم مُلحد يُنكر وجود الله ويظن أن الكون خلق نفسه بنفسه ،، وأحدهم يتّبع عقيدة ( التّثليث والتوليد ) ويظن أن إلهه يلد نفسه ولادة رُوحية ،، وأحدهم يعبد البقر
انظر أيضاً [ مفهوم خاطيء بخصوص النّقاب ، وصوت المرأة ، وعَوْرة المرأة ، وعورة الرجُل ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )