[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة قيام سيدنا عثمان بِنفْي سيدنا أبا ذَرّ إلى الرّبذة ،، والرّد على المنافقين الذين يُقللون مِن شأن الصحابة بسبب أخطائهم في بعض المواقف :
* كان سيدنا أبو ذَرّ الغفاري رجلاً زاهداً في الدنيا ، يعني يريد أن يأخذ من الدنيا الأشياء الضرورية فقط ، ولا يريد تخزين الأموال ، ولا يحب العيش في رفاهية ، لأنه يريد أن يتصدق بأمواله على الفقراء ، حتي يأخذ حسنات يوم القيامة ،، وكان يريد أن يفعل الناس مثله ، لأنه يريد أن يأخذ الناس حسنات مثله يوم القيامة ،، يعني هو يحب الخير للناس ، ولا يريد أن ينشغل الناس بمَلذّات الدنيا ، حتى وإن كانت تلك الملذات حلال في حد ذاتها ، لأن هذه الملذات قد تُلهي الناس عن عبادة الله .
ولذلك كان سيدنا أبو ذَرّ ينصح الناس بأن يتصدقوا بجميع أموالهم ، ولكن الناس لم يستمعوا لنصيحته ،، فاضطر أبو ذر أن يكلم الناس بطريقة غليظة وحادة لكي يستمعوا لنصيحته ، تماماً مثل الأب الذي ينصح أولاده المعاندين ،، وعندئذ ذهب الناس إلى الخليفة عثمان ابن عفان ليشتكوا إليه من أسلوب أبي ذر ،، فقام سيدنا عثمان باستدعاء سيدنا أبا ذر وأخبره أنه من حقه أن ينصح الناس ، لكن ليس من حقه أن يغلظ عليهم في النصيحة إذا لم يستجيبوا لها ، لأنه ليس من حق أي شخص أن يمنع الناس من الإستمتاع بالملذات الحلال ، ولا حتى الخليفة نفسه ،، لكن أبو ذر لم يستطع أن يتأقلم مع هذا الوضع وهو يشاهد الناس يعيشون في رفاهية ومنشغلون عن عبادة الله ، ولذلك استمر أبو ذر في نصيحة الناس بطريقة حادة ،، وهنا بدأ يحدث خلاف بين أبي ذر وبين الناس ، فخاف سيدنا عثمان من حدوث اضطراب في المجتمع قد يصل إلى حرب أهلية ،، ولذلك طلب سيدنا عثمان من سيدنا أبي ذر أن يخرج من المدينة إلى الربذة ، بحيث يعيش وحده بعيداً عن الأشياء التي تضايقه في المدينة .
وسيدنا عثمان كان هو الخليفة ، وكان يعلم أن الناس منشغلون بالملذات الحلال عن عبادة الله ، لكن عثمان لم يجبر الناس على ترك هذه الملذات ، لأنه ليس من حقه التدخل في حياة الناس طالما لم يفعلوا أشياء مستوجبة للعقاب ، يعني مثلاً طالما لم يسرقوا ولم يشربوا الخمر .
وهنا نكتشف أن الناس المنشغلين بالملذات هم الذين طلبوا من عثمان أن ينفي أبا ذر ، يعني هؤلاء الناس هم الذين أخرَجوا أبا ذر ، وليس عثمان هو الذي أخرجه .
– وهناك بعض الأشخاص الأغبياء والمنافقين يزعمون أن عثمان كان يحب الدنيا ويكره الزهد ،، مع أن الحقيقة هي أن عثمان كان فعلاً أكبر تاجر من التجار قبل أن يدخل الإسلام ، وكان أكثر شخص يمتلك الأموال والعبيد قبل أن يصبح خليفة ، ومع ذلك كان شديد التواضع مع الناس ، وكان يعطي العبيد من نفس الملابس التي يلبسها ومن نفس الأكل الذي يأكل منه ، وكان يكثر من الصلاة وقيام الليل وقراءة القرأن ، يعني أمواله الكثيرة لم تجعله ينشغل عن عبادة الله .
– يعني سيدنا أبو ذر كان هدفه هو أن يجعل الناس يَزهدون في الدنيا ، وهذا هدف جيد ، وأبو ذر اجتهَد لتحقيقه ، لكنه استخدم أسلوب خاطيء لتحقيق ذلك الهدف ، وهذا يعني أن أبا ذر أخطأ بحُسن نيّة ، ولذلك سوف يأخذ حسنات على ذلك الخطأ ،، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول ( إذا حَكَمَ الحاكِمُ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أصابَ فَلَهُ أجْرانِ ، وإذا حَكَمَ فاجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأَ فَلَهُ أجْرٌ ) .
– وأما سيدنا عثمان فهو لم يخطيء أصلاً عندما أبعد سيدنا أبا ذر ، لأن عثمان كان يجب عليه فعل ذلك ليمنع الخلاف في المجتمع ، فهو الخليفة ومسؤول عن استقرار المجتمع ، ولذلك سوف يأخذ حسنات على قراره بإبعاد أبى ذر .
– يعني عثمان وأبو ذر كلاهما سوف يأخذان حسنات ،، وأما الخاسرون فهم الناس الذين انشغلوا عن عبادة الله .
– ولذلك عندما تسمع عن حدوث اختلاف بين الصحابة في أحد المواقف ، فلا يجب أن تتسرع في الحكم قبل أن تعرف تفاصيل هذا الموقف بالكامل ، وتعرف مقصد كل صحابي ،، حتى لا تكون مثل المنافقين والأغبياء الذين يفسرون تصرفات الصحابة تفسيراً خاطئاً ، من أجل التقليل من شأن الصحابة .
– وأنا لا أقول أن الصحابة معصومون من الخطأ ، فأنا أعرف أن الأنبياء فقط هم المعصومون ،، لكن أنا أقول أن أخطاء الصحابة حدثت نتيجة حُسن نيّة ونتيجة اجتهاد خاطيء ،، ولذلك سوف يأخذون حسنات على تلك الأخطاء .
* سؤال : ما الذي يضمن لنا أن الصحابة نقلوا لنا شريعة صحيحة طالما أن الصحابة يُخطِئون مثل باقي البشر ؟
* الجواب : الصحابة فعلاً يخطئون ، لكنهم ليس مثل باقي البشر ، بل هم أفضل البشر بعد الأنبياء ،، وعندما يخطيء أحد الصحابة في مسألة معيّنة ، فإن بقية الصحابة كانوا يصححون ذلك الخطأ ،، ونحن لم نأخذ الشريعة من صحابي واحد ، بل نأخذها من جميع الصحابة ، ولذلك نحن ( أهل السُّنّة والجماعة ) ،، يعني نحن عندما نريد معرفة فتوى معينة فإننا نضع أمامنا جميع الأراء التي قالها الصحابة بخصوص تلك الفتوى ، وساعتها نعرف الرأي الصحيح ،، ولذلك نحن لدينا شريعة صحيحة وكاملة .
لكن المنافقون العلمانيون يريدون التقليل من شأن الصحابة ، لأن المنافقين يريدون أن يجعلونا نفقد الثقة في الشريعة ، وساعتها يُفرغون الإسلام من مضمونه ، ويجعلوه مثل بقية الأديان المحرفة ،، لكن هؤلاء المنافقين العلمانيين لن يخدعونا ، فنحن نعرف حقيقتهم .
وانظر ⇐ [ الرّد على شُبهة مَعصية سيدنا أدم ، وعِصمة الأنبياء من الذنوب ، وزواج أولاد حوّاء من أخواتهم ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )