[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة وجود أشياء مُشترَكة بين تعاليم الإسلام وبين الحضارات القديمة ( أساطير الأوّلين ) ،، وعدم تسجيل معجزات الأنبياء في الحضارات القديمة :
* هناك بعض الأشخاص يُنكرون أن القرأن مُنزل من عند الله ، ويزعمون أن النبي – صلّى الله عليه وسلّم – قد أخذ القرأن من الأساطير الموجودة في الحضارات القديمة والتوراة والإنجيل وغيرها مِن الكتب القديمة ،، وذلك بسبب وجود تشابه بين بعض تعاليم الإسلام وبين كلام الحضارات القديمة ،، ولكن هؤلاء الأشخاص أغبياء ، لأن الإسلام نفسه يثبت أن هذا التشابه هو دليل على أن الحضارات القديمة هي التي سرقت كلام الأنبياء السابقين ونَسَبَته إلى نَفسها ، وليس العكس ،، يعني الأنبياء لا يأخذون التعاليم من البشر ، بل يأخذوها فقط مِن الله وحده .
فإن الله كان يرسل الأنبياء بالتعاليم إلى الحضارات القديمة ، ثم بعد فترة يقوم الكفار بتحريف جزء من تعاليم الأنبياء ويحتفظوا بجزء آخَر صحيح من تلك التعاليم ، وأحياناً يأتي أحد الكفار وينُسب تلك التعاليم الصحيحة إلى نفسه ، يعني يزعم أنه هو صاحب تلك التعاليم ،، ولكن هناك أشخاص يصدّقون أي شيء مكتوب في الحضارات القديمة ولا يقتنعون أن الحضارات القديمة كانت أحياناً كثيرة تقوم بالتزوير ، مع أن جميع علماء الآثار معترفون أنه في كثير من الأحيان كان الفرعون الذي يستولي على العرش يقوم بإزالة الكلام المكتوب على جدران المعابد بخصوص الفرعون السابق ، ثم يكتب مكان ذلك أمجاده هو ،، فإذا كان الفراعنة يُحرّفون تاريخ بعضهم البعض ، فهذا دليل على أنهم كانوا يُحرّفون تاريخ الأنبياء ليخدعوا الناس ويستعبدوهم ، بدليل أن ملوك الفراعنة كانوا يزعمون أنهم آلهة .
والتزوير كان يحدث في كل الحضارات القديمة ، وليس فقط في الحضارة الفرعونية .
ولذلك فإن الفراعنة لم يكتبوا قصة سيدنا موسى على جدران المعابد ، لأنهم لو كتبوها فهذا اعتراف منهم بأن سيدنا موسى هو نبي من عند الله ، وهم لا يريدون أن يعترفوا بذلك .
وبنفس هذا المنطق فإن ملوك البلاد الكفار منعوا الناس من التحدث بخصوص معجزة ( انشقاق القمر ) ، بعدما عرفوا أنها معجزة تخص سيدنا محمد ، وذلك لِكي يمنعوا الناس من الدخول في الإسلام .
– والآن سوف أَذكر بعض الأمثلة على قيام الحضارات القديمة بتزوير كلام الأنبياء :
1- قبل بعثة سيدنا محمد كان بعض الأنبياء السابقين يأمرون الناس بالصلاة خمس مرات في اليوم ، ثم بعد ذلك قام الكفار بالإحتفاظ بمواعيد الصلوات مع تغيير في شكل الصلوات ، وقاموا أيضاً بعبادة النار ، وهذه هي الديانة الزرادشتية أو المجوسية ،، ثم بعد ذلك أرسل الله سيدنا محمد وأوحى إليه أن يأمر الناس بعبادة الله وحده ويأمرهم أيضاً بالصلاة خمس مرات في اليوم ،، يعني الإسلام يتمسك بالصلاة ويترك عبادة النار ،، وهذا يدل على أن المجوس هم الذين سرقوا الصلاة من الأنبياء السابقين ووضعوها في الديانة المجوسية ،، لكن سيدنا محمد يأخذ الصلاة من نفس المصدر الذي أخذ منه الأنبياء السابقون ، وهذا المصدر هو الله سبحانه وتعالى .
2- كان الأنبياء السابقون يخبرون الناس في الحضارات القديمة أن هناك ملائكة مسؤولون عن الظواهر الكونية وأن هؤلاء الملائكة يأخذون الأوامر من إله واحد هو الله ،، يعني هناك ملاك مسؤول عن المطر ، وملاك مسؤول عن الرياح ، وملاك مسؤول عن قبض الأرواح ، وهكذا … ،، لكن بعد فترة قام الكفار في الحضارات القديمة بتحريف كلام الأنبياء وقالوا أن المسؤولين عن المطر والرياح هُم آلهة متعددة وليس ملائكة ،، لكن الله بعد ذلك أرسَل سيدنا محمد وأمَره أن يُخبر الناس أن المسؤولين عن الرياح والمطر هُم ملائكة متعددة وليس آلهة متعددة .
3- كان الأنبياء السابقون يخبرون الناس في الحضارات القديمة أن الله له أسماء كثيرة ، ومنها إسم ( الصمد ) ،، لكن الكفار بعد ذلك تركوا عبادة الله وعبدوا الأصنام ، وأطلقوا اسم ( الصمد ) على أحد هذه الأصنام ،، ثم بعد ذلك جاء الإسلام ليخبر الناس أن ( الصمد ) هو أحد أسماء الله وليس إسم للصنم ، يعني الإسلام يتمسك بالصمد ويترك الصنم .
4- كان سيدنا لقمان الحكيم موجود في حضارة من الحضارات القديمة ، وكان يعطي للناس مواعظ دينية وأخلاقية ،، لكن بعد موت سيدنا لقمان قام الكفار في تلك الحضارات بكتابة جزء من هذه المواعظ وقالوا أن صاحب هذه المواعظ هو شخص آخر غير سيدنا لقمان ،، لكن الله بعد ذلك أنزل القرأن وذكَر فيه تلك المواعظ وأخبرنا أن صاحبها الحقيقي هو سيدنا لقمان ،، يعني الحضارات القديمة هي التي سرقت مواعظ لقمان ، بينما الإسلام هو الذي أعاد الحق لصاحبه .
5- هناك فرق بين العقيدة وبين الشريعة ،، فإن العقيدة هي الإيمان بوجود الله الواحد الأحد ، والشريعة هي طريقة عبادة الله كالصلاة والصيام .
وعقيدة جميع الأنبياء واحدة وهي الإسلام لله ، يعني الإنسان يُسَلِّم نَفْسه لله ويُعلِن الخضوع الكامل لله وحده ، مثل قول سيدنا يوسف ( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) ، والقرأن يقول أيضاً ( وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ) وكلمة ( أَوَّلَ ) هنا لا تفيد بالضرورة الترتيب الزمني ، بل هي كناية عن قوة التصديق والإيمان ، مثل قول الجُندي ( أنا أول المؤيدين للسلطان ) يعني يُؤيد السلطان بِشِدّة ومستعد أن يفديه بِروحه ، ولا يعني أنه أول شخص أيّد السلطان .
وأبو بكر الصديق هو أول رجل أسلم بعد بعثة النبي ، وليس أول المسلمين في الكون .
و كُل رسول له شريعة خاصة به ، مثل شريعة اليهود وشريعة النصاري ، وقد يحدث تَشابه في شريعة رسول مع رسول آخَر ( صوم يوم عاشوراء موجود في شريعة سيدنا موسى وشريعة سيدنا محمد ،، والطواف بين الصفا والمروة موجود في شريعة سيدنا إبراهيم وشريعة سيدنا محمد ) ، وقد حدث تحريف للشرائع السابقة ، لذلك أخَذ الإسلام منهم بعض الأشياء الغير مُحرّفة ، وترَك الباقي .
وسيدنا محمد نفسه معترِف بذلك ، فعندما هاجَر النبي إلى المدينة وجَدَ اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسألهم عن السبب ، فقالوا أن هذا هو اليوم الذي نَجَّى الله فيه سيدنا موسى من فرعون الذي غرق في البحر ، فقال سيدنا محمد للمسلمين ( نحن أَوْلَى بموسى منهم ) ، وطبعاً الله هو الذي أوحى لسيدنا محمد بأن يقول هذه الجملة .
وقد كان سيدنا إبراهيم يأمر الناس بالطواف حول الكعبة ،، لكن الكفار بعد ذلك وضعوا أصنام بجوار الكعبة وبدأوا يطوفون حول الكعبة والأصنام ، ثم بعث الله سيدنا محمد وأمَره أن يهدم الأصنام الموجودة بجوار الكعبة ويطوف حول الكعبة ،، يعني الطواف حول الكعبة هو شريعة من الله إلى الأنبياء ، ومع ذلك هناك أشخاص أغبياء يزعمون أن الطواف حول الكعبة هو من اختراع الكفار لِمجرّد أن الكفار كانوا يطوفون حول الكعبة ! ! !
6- كان العرب يأخذون بعض الكلمات من اللغات الأخرى مثل كلمة ( قَسوَرة ) ويستخدمون تلك الكلمة في حياتهم اليومية لمدة سنين طويلة ، يعني أصبحت تلك الكلمة جزء من اللغة العربية ،، وهناك لغات أخرى أخذت بعض الكلمات من اللغة العربية ،، يعني تَبادُل الكلمات يحدث بين جميع اللغات في العالَم باستمرار ،، ونحن نعرف أن القرأن نزل ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) ، يعني القرأن موجود به نفس الكلمات المستخدمة في اللغة العربية ومنها كلمة ( قَسوَرة ) ،، وبالتالي لا يصح أن نتهم القرأن بأنه يحتوي على كلمات أعجمية ، بل يحتوي فقط على كلمات عربية يعرفها العرب ،، مع ملاحظة أن اللغة العربية نفسها بها أكثر من لهجة ، كما أن هناك كلمات تستخدمها بعض القبائل العربية ولا تعرفها بقية القبائل العربية الأخرى ،، ولذلك أحياناً يسمع شخص عربي كلمة قرآنية ولا يفهمها لأنها غير مستخدمة في قبيلته ،، وهذا لا يعني أن تلك الكلمة أعجمية ، بل يعني أنها عربية بدليل أنها موجودة في بقية القبائل العربية .
7- إذا رأيت قصة سيدنا نوح موجودة في كتاب أقدم من القرأن بنفس التفاصيل المكتوبة في القرأن ، فهذا لا يعني أن سيدنا محمد قد سرق تلك القصة من الكتب القديمة ،، بل هذا يعني أن هناك أحد الأنبياء السابقين قد أخبر قومه بقصة سيدنا نوح ، وسجلوها في كتبهم ،، وهذا يدل على أن قصة سيدنا نوح هي قصة حقيقية موجودة في كثير من الحضارات القديمة وليست من اختراع سيدنا محمد .
8- الله سبحانه وتعالى كان يخبر الأنبياء السابقين بمجيء سيدنا محمد ، ولذلك فقد كان الأنبياء السابقون يُبَشّرون أقوامهم بمجيء سيدنا محمد خاتم الأنبياء ، والقرأن يقول ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) ،، يعني كان الأنبياء السابقون يخبرون الحضارات القديمة أن هناك طفل سوف يموت أبوه وهو جنين في بطن أمه ، ثم بعد فترة تموت أمه ، ويتكفل به جده ، ثم يموت جده ويتكفل به عمه ، ثم يَكبر الطفل وعندما يصل عُمره أربعون عام يصبح نبي من الأنبياء ،، لكن الكفار قبل بعثة سيدنا محمد عندما كانوا يشاهدون طفلاً له هذه المواصفات ، كانوا يزعمون أن هذا هو النبي المنتظر ، حتى لو أمَرَهم ذلك النبي المزعوم بعبادة الأصنام أو الشمس أو القمر ،، يعني كان هناك أشخاص يدّعون النبوة لمجرد أن ظروف ولادتهم متشابهة مع النبوءة التي قالها الأنبياء السابقون ،، مع أن هذا التشابه موجود فقط في بعض التفاصيل وليس كل التفاصيل المذكورة في النبوءة .
9- قبل بعثة سيدنا محمد كانت الشياطين تصعد بالقرب من السماء الدنيا ليسمعوا كلام الملائكة ،، وكان الملائكة يتحدثون فيما بينهم عن بعض الأحداث التي تحدث في الكون مثل الأشياء التي تحدث في جهنم والجنة ، والأشياء التي سوف تحدث في المستقبل لبعض الناس ، وتحركات النجوم وتغيير أشكالها وأن هذا دليل على اقتراب بعثة سيدنا محمد ،، وكانت الشياطين تنقل الكلام الذي سمعوه من الملائكة إلى الكُهّان والسّحَرة والشعراء ، وكان الشياطين أيضاً يضيفون من عندهم كثير من الأشياء الكاذبة ،، وبالتالي كان الكُهان والدجالون يخبرون الناس بكلام صادق وكلام كاذب ،، بحيث ينخدع الناس بكلام السحرة الصادق وبالتالي يصدّقوا أيضاً كلامهم الكاذب ،، ولكن عندما جاء الإسلام أمَر الله الشُّهُب والنيازِك أن تَرجُم الشياطين إذا صعدوا بالقرب من السماء الدنيا ، وبذلك لم تستطع الشياطين أن يَسمعوا الملائكة مرة أخرى ،، لكن الكلام القديم الذي سمعَته الشياطين ونقلوه إلى الكهان قبل بعثة النبي يتشابه مع بعض الآيات التي نزلت على النبي بعد ذلك ،، يعني هذا التشابه لا يدل على أن النبي سرق تلك الآيات من الكُهان ، بل يدل على أن الكُهان هُم الذين سرقوا الكلام من الملائكة قبل بعثة النبي ،، بدليل أن القرأن أخبرَنا أن الجن قالوا { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا *8* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا } .
( * ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي للمقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )