* لِكَي نعبد الله بطريقة صحيحة .. لابد أن نفهم الشريعة بطريقة صحيحة .
* النبي ( صلَّى الله عليه وسلَّم ) هو الشخص الوحيد الذى إذا سألتَه عن أيّ موقف .. سيُعطيك فتوى تُناسب ذلك الموقف ،، لأن الله أعطَى للنبي ميزة خاصة به ، وهي أن النبي يستطيع بمُفرده أن يَعلَم كل تفاصيل الشريعة ،، لكن الصحابة والفقهاء فكل شخص منهم يَعلَم فقط جزء من تفاصيل الشريعة ، ولكن عندما نَجمع فتاوى جميع الصحابة والعلماء الكبار سيصبح لَدينا مصدر كامل للشريعة .
– ولاحِظ أن النبي كان يُصدِر الفتوى على حسب الحالة التى أمامه ، ولكن هناك حالات لم تحدُث في عهد النبي ، لذلك لم يُصدِر النبي فتاوى تخُص تلك الحالات ، لكن النبي لم يَغفل عنها ، ولذلك وضَع النبي مباديء عامّة للشريعة وأمَر الصحابة بالإجتهاد ، بحيث يستخدم الصحابة والفقهاء تلك المباديء لإصدار فتاوى لأي حالة جديدة ،، لأن الإسلام يعمل حساب جميع الظروف التي حدثت والتي لم تحدث بعد ، ولذلك فإن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان .
– والفقهاء يَجتهدون لكن لا يَخترعون ،، يعني فتاويهم مأخوذة من مباديء الشريعة وليست من اختراعهم .
والفقهاء الكبار المُعتَبَرون ، مثل الأئمة الأربعة ، لديهم فتاوَى مختلفة ، وهذا لا يدل على تَناقضهم ، بل يدل على تَكاملهم ، لأن كل فتوى .. لها استخدام مُعَيَّن فى موقف مُعَيَّن ، يعنى المطلوب مِنّا هو أن نختار الفتوى المناسبة للظرف المناسب .
والفتوى هى مثل الدواء ، لذلك إذا كان هناك مريض يُعاني من مرض الضغط ، وأعطاه الطبيب دواء السكّر بدل دواء الضغط ، فإن المريض لن يَتحسّن ، وساعتها لن يكون العيب فى دواء السكّر ، بل العيب فى الطبيب الذى لم يختار الدواء المناسب للحالة .
لذلك إذا قمت أنت باختيار فتوى غير مناسبة للموقف ، فساعتها يكون الخطأ في التطبيق وليس في الفتوى نفسها .
* وهناك فرق بين الحديث وبين الدليل ، فمثلاً هناك حديث صحيح في البخاري يقول ( الغُسْلُ يَومَ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ) يعني على كل شخص وصل سِنّ الإحتلام حتى لو لم يحدث احتلام فى يوم الجمعة ،، ولكن هذا الحديث الصحيح ليس دليل على وجوب الإغتسال يوم الجمعة ، فقد ذهب جمهور العلماء من السلَف والخلَف وفقهاء الأمصار إلى أنه سُنّة مستحبّة وليس بِواجب ، وذلك بناءاً على بقيّة أقوال وأفعال النبي ، وفسَّروا كلمة ( واجب ) المذكورة فى الحديث على أنها ( كِناية ) عن أهمية الغُسل وليس عن وُجُوبه ، كما تقول أنت لصديقك ( زيارتك واجبة علينا ) وهذا دليل على أهمية الزيارة وليس على وجوبها .
لذلك يجب أن نعتمد على فهم العلماء عند تفسير كلام النبي ، لأن العلماء يستنبطون الدليل من جميع كلام النبي وليس من جُملة واحدة فقط من كلامه صلَّى الله عليه وسلَّم ،، بينما المنافقون يأخذون جملة واحدة من كلام النبي ليفسروها بشكل خاطيء على هواهم .
* الأنبياء معصومون من التقصير فى الدين ، لكن بقية الناس ليسوا معصومين من التقصير ، ولا حتى الصحابة ، وهذا يدل على أن الصحابة أيضاً يوجد عندهم بعض التقصير .
ولكننا نعلم أن هناك مسلمون وعلى رأسهم الصحابة سيدخلون الجنة مباشرة ، بدون قضاء فترة مسبقة في جهنم ، مِمّا يدل على أن عقوبة التقصير في الدين قد تكون بقضاء فترة فى جهنم ثم الخروج منها ودخول الجنة ،، وقد يغفر الله هذا التقصير ويَعفِى المذْنِب من العقوبة ويجعله يدخل الجنة مباشرة ، وذلك على حسب درجة التقصير .
لذلك أذا رأيت شخص يفعل معصية كبيرة ، فحذِّره من دخول جهنم لكن لا تجزِم بأنه سيدخل جهنم ، لأن الله قد يغفر له ويرحمه من دخول جهنم ،، وقد لا يغفر له ، وبالتالي يدخل جهنم فترة مؤقتة ، على حسب مشيئة الله سبحانه وتعالى .
* كل شخص له ظروف خاصة به مثل ( المستوَى الثقافي والإجتماعي ، والحالة المادّية والصحّية ، والعزِيمة ، والقُدرة على التحمُّل ، وغيرها من الظروف الأخرى ) ، لذلك يجب مراعاة كل هذه الظروف عند اختيار الفتوى المناسبة لكل شخص .
وإذا حدث تدَهْوُر لحالة الشخص بعد تطبيق الفتوى عليه ، فاعلم أنك أعطيته فتوى غير مناسبة لحالته .
– مثال : لو أن هناك شخص يُصلّي الفُروض في آخر اليوم مع بعض بدون أن يُصلّي كل فرض في وقته ، ثم قمت أنت بالضغط عليه لِكَي يُصلّي الفرض في وقته ، وأَشعرْته بأن تجميع الفروض مع بعض لن ينفعه بشيء ، ولم يكن عند هذا الشخص العزيمة الكافية لصلاة كل فرض فى وقته ، فإن هذا الشخص سيشعر باليأس والإحباط وسيترك الصلاة نهائياً .
وساعتها سيقع الذنب عليك أنت وليس على هذا الشخص ، لأنك أنت الذى أعطيته معلومة مغلوطة عندما أخبرتَه بأن تجميع الفروض ليس له قيمة ، وجعلتَه يَصل لمرحلة اليأس ،، أمّا الشخص نفسه فسيكون معذور ، لأنه لم يكن يريد ترك الصلاة نهائياً ، بل كان يريد تجميع الفروض ، ولكن أنت منعته بالمعلومة الخاطئة .
لذلك إذا رأيتَ مسلم يفعل معصية فقل له { المعصية يا أخي تجعلك مُعَرَّض لدخول النار ، وأنت لن تتحمل جهنم ولو لمدة طرفة عين ، لذلك حاوِل يا أخي أن تمتنع عن فِعل تلك المعصية نهائياً ، وإن لم تستطع الإمتناع ، فحاوِل القيام ببعض الإجراءات التى قد تساعد فى حصولك على المغفرة من الله ، مثل :
1- التقليل من فِعل المعصية قدر الإمكان .
2- الزيادة في فِعل الطاعات الأخرى قدر الإمكان ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ) .
3- طلب المساعدة وطلب المغفرة من الله باستمرار وبإلحاح .
4- عدم اليأس من المغفرة ( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) . }
* هناك فرق بين تارِك الصلاة المُعترِف بوجوبها ، وبين تارِك الصلاة المُنكِر لوجوبها :
1– لو أن الشخص ترَك الصلاة وهو مُنكِر أنها واجب وفرض .. فهذا الشخص كافر مُرتَد عن الإسلام .
2– ولو أن الشخص ترَك الصلاة وهو مُعترِف بأن الله فرَض الصلاة على الناس ، وقال أنه لا يريد ولا يهتم ولا يفرق معه تنفيذ أمر الله .. فهذا الشخص أيضاً كافر مُرتَد عن الإسلام .
3– لكن لو أن الشخص ترَك الصلاة وهو مُعترِف بأنها فرض من الله ، وقال أنه يَتَمنّى أن يُنفّذ أمر الله ، ويَشعر بالندم على ترك الصلاة .. فهذا الشخص عاصي وليس كافر .
* ابن قُدامَة ذكر كلام الأئمة الأربعة بخصوص تارِك الصلاة ، واستخلَص من كلامهم أَدِلّة كثيرة على عَدم كُفر تارِك الصلاة المُتَكاسِل ، ومن هذه الأدلة :
1– الكافر يتِم التفريق بينه وبين زوجته ولا يَرِث ولا يُورَث ولا يُغسَّل ، وهناك الكثير من تارِكي الصلاة المُتكاسلين ، ومع ذلك لم نسمع في أى عصر من العصور بأن المسلمين قاموا بتطبيق هذه الأحكام على تارِك الصلاة المتكاسِل ، مِمّا يدُل على أنه ليس كافر .
2– المُرتد عندما يعود للإسلام .. لا يجِب عليه قضاء الصلوات الفائتة ، لأن الدخول في الإسلام يجُبُّ ما قبله ،، لكن هناك إجماع على أن تارِك الصلاة المتكاسِل يجِب عليه قضاؤها ، مما يدل على أنه لم يخرج من الإسلام ولم يَرتد .
3– الأحاديث التي تَنُص على كُفْر تارِك الصلاة المتكاسِل هي على سبيل التغليظ وتشبيهه بالكفار لكن ليس على سبيل الحقيقة ، يعنى ليس كل من يفعل أفعال الكفار يُعتبَر كافر ، مثل حديث ( سُبَاب المسلم فُسُوق ، وقتالُه كُفر ) ،، وحديث ( مَن قال لأخيه يا كافر ، فقد باءَ بها أحدُهما ) ،، وحديث ( من حلَف بغير الله فقد أشرَك ) ،، وحديث النبي بعدما نزل المطر ( هلْ تَدْرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ ؟ قالوا : اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ ، قالَ : أصْبَحَ مِن عِبَادِي مُؤْمِنٌ بي وكَافِرٌ ، فأمَّا مَن قالَ : مُطِرْنَا بفَضْلِ اللَّهِ ورَحْمَتِهِ ، فَذلكَ مُؤْمِنٌ بي وكَافِرٌ بالكَوْكَبِ ، وأَمَّا مَن قالَ : بنَوْءِ كَذَا وكَذَا ، فَذلكَ كَافِرٌ بي ومُؤْمِنٌ بالكَوْكَبِ ) ،، وحديث ( مَنْ مات وهو مُدْمِنُ خمرٍ ، لقِيَ ربَّهُ وهو كَعابِدِ وثَنِ ) ، وغيرها من الأحاديث التى يُقصَد منها التشديد فى الوَعيد وليس الكُفر .
4- الكافر لا يخرج من النار أبداً ، لكن العاصي قد يدخل النار فترة مؤقتة ثم يخرج منها ويدخل الجنة ، وقد يغفر الله له ويَدخل الجنة مباشرة ، وهناك حديث صحيح فى البخارى يقول ( ويَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَن قالَ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وفي قَلْبِهِ وزْنُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ ) ، يعني النبي لم يَشترط المحافظة على الصلاة للخروج من النار ، مما يدل على أن تارِك الصلاة المتكاسِل هو عاصي وليس كافر .
* وقال النّوَوِى : لم يَزَل المسلمون يُوَرِّثون تارِك الصلاة ويُورِثون عنه ، ولو كان كافرا لم يُغفر له .. لم يَرِث ولم يُورَث . ( يعني لو كان فعلاً كافراً غير مغفور له .. لَمَا جعلوه يَرِث أو يُورَث ) .
* قال القاضى عياض بخصوص تارِك الصلاة المتكاسِل : والصحيح أنه عاصٍ غير كافر ؛ لقوله تعالى : { إِنَّ اللَّه لا يَغْفِر أَن يُشْرَكَ بِهِ ويغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } … واحتجّوا ( أيِ الفقهاء ) بإجماع الصدر الأول ( أيِ الصحابة والتابعين ) على مواربة من لا يُصلي ، ودفْنهم مع المسلمين .
* هناك فرق بين ترك الصلاة وترك الدين :
– الشخص الذى يُنكِر الصلاة هو شخص ترَك الدين .
– الشخص الذى يتكاسل عن الصلاة هو شخص قصَّر في الدين ، لكن لم يَترك الدين .
* هذا لا يعني أنني أُهَوّن من قدر الصلاة ، فإنها أهَمّ رُكْن بعد الشهادتين ، وتركُها تكاسُلاً هو معصية كبيرة ، لكن لا تصل لدرجة الكُفر .
* سؤال : هناك بعض المشايخ يقولون أن أيّ شخص تارِك للصلاة فهو كافر ، ويَذكرون فتاوى من كُتب الأئمة الأربعة ، فما رأيك ؟
– الجواب : هؤلاء المشايخ يختارون الفتوى من كتب الأئمة الأربعة ، ويُطبّقونها في غير محلّها ، يعني العيب فى المشايخ وليس فى الأئمة الأربعة .
* سؤال : لكن هؤلاء المشايخ هم علماء فى الدين ، فهل أنت تختار الفتاوى أفضل منهم ؟
– الجواب : لستُ أنا الذي اخترت الفتاوى ، بل العلماء المُعتَبَرون هم الذين اختاروا الفتاوى ، مثل ابن قُدامَة والنّوَوِى والقاضى عياض وغيرهم ، وأنا ذكرت لك أقوالهم سابقاً .
وأما هؤلاء المشايخ فهم ليسوا عُلماء مُعتَبَرين ، بل هُم علماء السُّوء المُتطرّفين الذين يفهمون الإسلام بالمقلوب ، ويُسمّون أنفسهم ( سلفيّون ) وهم بعيدون عن منهج السلف الصالح وقريبون لمنهج الخوارج .
* سؤال : وماذا يفعل الشخص الذى ظَلّ سِنِين طويلة لا يُصلّي ؟
– الجواب : المفروض يحاول قضاء تلك الصلوات الفائتة قدر الإمكان .
* سؤال : وإذا لم يتذكر الشخص عدد الصلوات الفائتة بالضبط فماذا يفعل ؟
– الجواب : المفروض يحاول تخمين عدد تقريبي من عنده ، وإن شاء الله سوف يغفر الله له ، حتى لو صلَّى أقل من العدد الحقيقي .
* سؤال : وإذا قَضَى الشخص جزء من الصلوات الفائتة ، ومات قبل تأدية الجزء الباقي ، فما جزاؤه عند الله ؟
– الجواب : الله يُحاسبنا على ( المحاولة ) ولا يحاسبنا على ( النتيجة ) .
يعني لو حاول الشخص قضاء كل الصلوات الفائتة ونجح في ذلك ، فإن الله برحمته سيرفع عنه العقوبة إن شاء الله ،، وإذا حاول الشخص قضاء كل الصلوات الفائتة وفشل في ذلك ، فإن الله برحمته سيرفع عنه العقوبة أيضاً إن شاء الله ،، يعني في كِلْتا الحالتين سيعفيه الله من العقوبة إن شاء الله .
لأن المحاولة هى دليل على صِدق النّيّة حتى لو فشلت المحاولة ،، لكن الذى يَنوِي بدون أن يحاول فنِيّته كاذبة .
* سؤال : ماذا يفعل الشخص الذى لا يستطيع الحفاظ على الوضوء بسبب عدم التحكم فى البول ؟
– الجواب : الشخص الذى يعاني من تكرار نزول البول أو الدم أو أيّ إفرازات أخري ، فيجب أن يتوضأ مرة واحدة ، ويُصلّي ، وحتى لو نزل البول والإفرازات أثناء الصلاة فَصَلاتُه صحيحة ، ولا يحتاج أن يُعِيد الوضوء ولا الصلاة .
يعني طالما تَكَرّر نُزول البول والإفرازات بصورة لا إرادية ، فإن ذلك لا يَنقُض الوضوء ، وذلك طِبقاً لقول المالكيّة .
* سؤال : هل يجب غسل الملابس مِن تلك الإفرازات قبل الوضوء والصلاة ؟
– الجواب : لا يجب غسل الملابس من تلك الإفرازات المتكررة ، لأن الإسلام يعفينا من إزالة النجاسات المتكررة ، تجنُّباً للمشقّة ، قال الدردير – وهو من المالكيّة – : يُعفَى عن كل ما يَعْسُر التّحرُّز عنه من النجاسات بالنسبة للصلاة ودخول المسجد ،، يعني لا يجب إزالتها .
* سؤال : إذا قام الشخص بغسل الملابس من تلك الإفرازات قبل كل صلاة ، أليس هذا يُعتبر مجاهدة للنفس فى الطاعة تَزيد الحسنات ؟
– الجواب : لو قام الشخص بفعل ذلك ، فإنه يُحمّل نفسه فوق طاقتها وسوف يأخذ سيئات وليس حسنات .
لأن هناك فرق بين مجاهدة النفس في الطاعة وبين تحميل النفس فوق طاقتها .
وإذا قام شخص بتحميل نفسه فوق طاقتها ، فإنه بذلك يَظلم نفسه ، يعني يكون ظالم ويأخذ سيئات ، لأن هذا يُسمَّى ( تَنَطُّع فى الدين ) ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يقول ( هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ ) .
* سؤال : النبي يأمرنا بإسباغ الوضوء على المَكاره ، يعني النبي يأمرنا أن نتحمل فوق طاقتنا ، أليس كذلك ؟
* الجواب : النبي ينصحنا أن نجتهد في العبادة ، ولا يأمرنا أن نتحمل فوق طاقتنا ، لأن النبي قال ( أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا ، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ ، قالَ : إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ ) ،، يعني مثلاً من حقك أن تتوضأ بالماء الساخن في الشتاء ، لأن الناس يكرهون الماء البارد في الشتاء ، فإذا أنت لم تجد ماء ساخن في الشتاء وتوضأت بالماء البارد ، فأنت ستشعر ببعض الألم الذي يمكنك أن تتحمله ، وهذا هو ( اجتهاد في العبادة ) وسوف تأخذ حسنات على ذلك ،، لكن لو أن الماء البارد سيؤذيك ويضر صحتك ويُعطّلك عن العمَل والوظيفة ، فهذا ( تحميل للنفس فوق طاقتها ) وسوف تأخذ سيئات لو توضأت بالماء البارد في هذه الحالة .
* سؤال : الصحابي جابر بن عبد الله قال ( كان آخِرَ الأمرَيْنِ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرْكُ الوضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّارُ ) ، يعني النبي يرفض الوضوء من الماء الساخن الذي مسّته النار ، أليس كذلك ؟
* الجواب : أنت الذي تفسّر الحديث بطريقة خاطئة ، فإن النبي في البداية قال أن الطعام المطبوخ على النار ينقض الوضوء ، ولذلك كان النبي يُعيد الوضوء إذا أكَل ذلك الطعام ،، ثم بعد ذلك أراد الله التيسير على المسلمين ، ونَسَخ الحُكم السابق ، يعني أَلغَى الحُكم السابق ، فقال النبي أن الطعام المطبوخ على النار لا ينقض الوضوء ، ولا يحتاج الإنسان أن يعيد الوضوء إذا أكل ذلك الطعام ، يعني النبي ترك إعادة الوضوء بعد الأكل من الطعام الذي مسّته النار .
يعني الحديث يتكلم عن الأكل الذي مسّته النار ، ولا يتكلم عن ماء الوضوء الذي مسّته النار .
ولذلك يجُوز أن تتوضأ بالماء الساخن في أي وقت .
* سؤال : إذا كنت لا أستطيع تحمل الماء البارد ، ولا يوجد ماء ساخن ، فماذا أَفعل ؟
* الجواب : لا تستخدم الماء البارد ، بل يجب أن تتيمم بالتراب ، فقد قال الصحابي جابر بن عبد الله ( خرَجْنا في سفَرٍ فأصابَ رجلًا منَّا حجَرٌ فَشَجَّهُ { يعني جرَحه } في رأسِهِ ، ثمَّ احتَلمَ ، فسألَ أصحابَهُ فقالَ : هل تَجِدونَ لي رُخصةً في التَّيمُّمِ ؟ فَقالوا : ما نجِدُ لَكَ رُخصةً وأنتَ تقدرُ علَى الماءِ ، فاغتسَلَ فماتَ ، فلمَّا قدِمنا علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أُخْبِرَ بذلِكَ ، فقالَ : قَتَلوهُ قتَلَهُمُ اللَّهُ ، ألَا سألوا إِذْ لَم يَعلَموا ، فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ ، إنَّما كانَ يَكْفيهِ أن يتيمَّمَ ويعصرَ – أو يعصبَ شَكَّ موسَى – علَى جرحِهِ خرقةً ثمَّ يمسحَ عليها ويغسِلَ سائرَ جسدِهِ ) وموسى هو ابنُ عبدِ الرَّحمنِ ، أحدُ رُوَاةِ الحديثِ ، وقد نسي الكلمة التي قالها النبي بالضبط ، لكن سواء قال النبي ( يَعصر ) أو قال ( يَعصب ) فَفِي كِلتا الحالتين يَقصد النبي ربط الجُرح بقطعة قماش ، ثم المسح على القماش ، حتى لا يصل الماء إلى الجرح ويُسبب خطورة على حياة المجروح .
و النبي قال ( قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ ) على سبيل الزَّجر ، وليس على سبيل الدُّعاء ، لأنهم لم يتعمّدوا أن يقتلوا صاحبهم .
و ( العِيّ ) هو الجهل .
وهناك فرق بين الوضوء والإغتسال .
لذلك في حالة اغتسال المجروح يُمكن أن يتيمم عن طريق مسح اليدين والوجه بالتراب الناعم الخفيف ، ويمسح على رباط الجرح بالماء ، ويغسل بقية الجسد بالماء ، لكن إذا كان الماء سيصل إلى الجُرح أو إذا كان بقية الجسد لا يتحمل الماء ، ففي هذه الظروف يتم الإكتفاء بالتيمم فقط بدون استخدام الماء أصلاً ( يعني يجب أن يتيمم مثل التيمم للوضوء ) .
* سؤال : ماذا يفعل المسلم الذي لا يعلم كيفيّة العبادات مثل الوضوء والصلاة ؟
– الجواب : يجب أن يحاول التعلُّم ، لكن لا يُشترَط أن يتعلم .
يعني المطلوب منه هو ( المحاولة ) فقط ، وإذا فشلت المحاولة فلا يَصِحّ أن تَضغط أنت عليه ،، لأن الله سيغفر له حتى لو لم يتعلم ، ولذلك يجُوز له أن يتوضأ بأيّ طريقة ، وحتى لو غسَل القدمين قبل الوجه فإن وضوءه صحيح في تلك الظروف .
* سؤال : ماذا يفعل الشخص الذى لا يَحفظ الفاتحة ؟
– الجواب : المفروض يحاول أن يتعلم الفاتحة ، وفي نفس الوقت يُصلّي ويقرأ بدل الفاتحة عبارات فيها ذِكر الله ، مثل ( سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ) ،، وإذا لم يستطع قراءة الأذكار فإنه يقف في الصلاة صامِت فترة قصيرة تُعادِل فترة قراءة الفاتحة ، ثم يركع ، وستكون صلاته صحيحة .
* سؤال : ماذا يفعل الشخص الذي عنده مَشقّة في الوضوء والإغتسال بالماء ؟
* الجواب : يجوز له أن يتيَمّم بالتراب الموجود على الأرض أو بالغبار الموجود على الملابس أو الفراش أو الإسفنج أو الحائط أو غيرها ، وذلك قول جمهور الفقهاء ،، وكل ما يَنطبِق على الوضوء فهو ينطبق أيضاً على الإغتسال في هذه الحالة .
* سؤال : ماذا يفعل الشخص الذي لا يستطيع الوضوء ولا التّيَمُّم بالطريقة التي فَعلَها النبي ؟
– الجواب : المفروض يحاول أن يتعلم طريقة النبي صلّى الله عليه وسلّم ،، وفي نفس الوقت يتوضّأ بالطريقة التي يستطيع فِعلها حتى لو كانت مختلفة عن طريقة النبي ،، وإذا لم يستطع فِعل أيّ شيء فيجُوز له أن يُصلّي على حسب حاله وبدون طهارة ، وصلاتُه صحيحة .
* سؤال : ماذا يفعل الشخص الذى يعجز عن القيام بحركات الصلاة من الركوع والسجود وغيرها ؟
– الجواب : يسقط عن العبد كل ما يعجز عن فِعله ، يعني مثلاً إذا عجَز عن الوقوف فيجُوز له أن يُصلّي وهو قاعد ، يعني يجوز أن يصلّي بأي طريقة حتى لو بتحريك عينيه ، وإذا عجز عن تحريك عينيه فيجوز أن يصلي بقلبه ،، وإذا عجز عن التوجه للقبلة فيجوز أن يصلي في أي جهة ، وصلاته صحيحة .
* سؤال : عندما أقوم بغسل القدمين أثناء الوضوء ، أشعُر أنني نَسيت مسح الرأس ، وهذا يحدث كل يوم ، فهل أُعِيد الوضوء فى كل مرة ؟
– الجواب : طالما أن هذا الأمر مُتكرّر ، فإنك تُصبح معذور ، ولذلك لا يجب عليك إعادة الوضوء ، حتى لا تخضع للوسوسة ،، وسوف يكون وضوءك صحيحاً حتى لو نسيت فعلاً مسح الرأس أو أيّ رُكن من أركان الوضوء والغُسل .
* سؤال : هل يجب الإستنجاء قبل كل وضوء ؟
– الجواب : لا يجب الإستنجاء قبل الوضوء إلا إذا حدث تبوُّل أو تغوُّط .
* سؤال : لماذا أنت مُتساهِل فى تطبيق الشريعة ؟
– الجواب : أنا لا أَتساهل في تطبيق الشريعة ، وأيضاً لا أَتَشدّد في تطبيقها ، لكن أنا أُطبّق الشريعة كما هي ، بدون زيادة أو نقصان .
والشريعة نفسُها تحتوي على فتاوَى خاصة تُناسب الظروف الخاصة مثل حالات تكرار نزول البول والإفرازات ، وأنا فقط قمت باختيار الفتوى المناسبة للظرف المناسب .
وعندما تجد صعوبة فى العبادات مثل الطهارة والوضوء والصلاة والصيام وغيرها ، فاعلم أن عندك معلومات مغلوطة عن الشريعة ، وأن هناك فتاوى صحيحة فى الشريعة تُسهِّل عليك تلك الصعوبات ، وكل ما عليك فِعله هو سؤال أهل العلم الذين يُصدِرون الفتوى عن طريق لجنة علمية مُتكاملة ، مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء .
* سؤال : ماذا يفعل الشخص الذى تدور فى رأسه أفكار مسيئة في حق الله عَزّ وجلّ ؟
– الجواب : هذه الأفكار هي وسوسة من الشيطان ليمنع الشخص من عبادة الله .
لذلك إذا استمَر الشخص في عبادة الله برغم وجود تلك الوساوس ، فسوف يأخذ ثواب العبادة وثواب الإنتصار على الوساوس ، يعنى يأخذ ثوابين وليس ثواب واحد .
لكن الشخص الذي يعبد الله وليس عنده وساوس ، فإنه يأخذ ثواب واحد وهو ثواب العبادة فقط .
ولو أنت حاولت إلغاء تلك الوساوس ، فهذا يعني أنك خائف منها ، وساعتها سوف يفرح الشيطان لأنه استطاع تخويفك ، وسوف يَتشجّع ويزيد من تلك الوساوس .
لذلك لا تحاول إلغاء تلك الوساوس ، بل استمِر في العبادة حتى في وجود الوساوس ، وساعتها سوف يحزن الشيطان لأنه فشل فى تعطيلك عن العبادة .
لذلك عندما تجد وساوس في رأسك يجب عليك أن تفرح ، لأن هذا دليل على أن الشيطان لم يستطع أن يمنعك من العبادة فلجأ إلى حيلته الضعيفة وهي الوسوسة ،، لذلك عندما جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم واشتكَى له من وساوس الشيطان ، فإن النبي فرِح وقال ( الحمدُ للهِ الذي ردَّ كيدَه إلى الوسوسةِ ) .
يعني المطلوب منك هو أن تَستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وسوف يُعِيذك الله عن طريق الإنتصار على الوساوس وهى موجودة ، وليس عن طريق إلغاء الوساوس .
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )