[ المجموعة الأولى من المفاهيم الخاطئة : ] ⇐ مفهوم خاطيء بخصوص الخلاف والحرب بين سيدنا ( علِي ) وسيدنا معاوية والسيدة عائشة أُمّ المؤمنين ( فتنة الصحابة ) ،، واستشهاد سيدنا الحسين ،، وبداية ظهور الخوارج والإرهاب :
* المفهوم الخاطيء : الصحابة حارَبوا بعضهم لأنهم يَكرهون بعضهم .
* الصّواب : الصحابة لا يَكرهون بعضهم أبداً ،، بل يَكرهون فقط أهل الفتنة .
* الدليل :
– لِكَي نَفهم حقيقة الخلاف الذي حدَث بين الصحابة بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان ، فيجب علينا أولاً أن نعرف معلومات كافية عن هؤلاء الصحابة وطريقة تعاملهم مع بعضهم ومع النبي صلى الله عليه وسلم .
– وإذا رأينا شخصين بينهما خلاف ، فإن هذا ليس دليلاً قاطعاً على وجود كراهية وعداوة بين هذين الشخصين ،، بل قد يكون هذا الخلاف دليل على الحب والمودة بين هذين الشخصين ،، وسوف أَذكُر بعض الأمثلة على ذلك ، قبل الدخول في تفاصيل فتنة الصحابة :
– مثال : في غَزوَة أُحُد حدَثت إصابة للنبي في وجهه الشريف ، وكان الدم يَندفع مِن الجرح ، فقام أَحد الصحابة بإزالة الدم عن وجه النبي ، فدخل الدم في فَم هذا الصحابي ومع ذلك لم يَبصُق الدم مِن فمه ، فأراد النبي أن يَرفع الحرج عن الصحابي وقال له ( مُجَّه ) فقال الصحابي ( لا أَمُجَّه ) ، فبَشَّرَه النبي بالجَنّة ، وفعلاً مات هذا الصحابي شهيداً في هذه المعركة .
معنى ذلك أن النبي أمَر الصحابي أن يَبصُق الدم ، ولكن الصحابي رفَض ،، وهذا الخلاف لا يدل على عداوة بين الصحابي والنبي ، ولا يدل على عصيان أمْر النبي ، بالعكْس ، فإنه يدل على حُب الصحابي للنبي ، لدرجة أن الصحابي لم يَشعُر بالضِّيق عندما دخَل في فَمِه بعض دم النبي ، والنبي أدرَك ذلك وبَشَّره بالجنة .
– مثال آخر : في صُلْح الحُدَيبِية ، تَوَجّه المسلمون مع النبي مِن المدينة إلى مكة ليَطُوفوا بالكعبة ولم يُريدوا قتال المشركين ، لكن قريش اعترضت وجهَّزوا جيشاً لمحاربة المسلمين ، وفي نفس الوقت أرسَلوا رجلاً منهم ليَعرض الصُّلح على النبي بحيث يَرجع المسلمون هذا العام ، ويَسمحوا لهم بزيارة الكعبة فى العام القادم .
ووافق النبي على المعاهدة حَقْناً للدماء .
لكن سيدنا عُمر بن الخطاب اعترَض على المعاهدة وأراد أن يُحارب الكفار ويزور الكعبة في هذا العام .
ولما رأى عمر أن النبي مُصمِّم على الصُّلح ، خَضع عمر لقرار النبي .
وهذا الخلاف الذي حدَث بين عمر وبين النبي لا يدل على عصيان الأوامر ، لكن سبَبه هو أن عمر أراد أن يُثبت أن المسلمين وافَقوا على الصلح طاعةً للنبي ، وليس خوْفاً مِن الحرب .
وبذلك عَرِف النبي أن جنوده شُجعان ومُستعدّون للتضحية بأرواحهم في سبيل الله ،، وعرف الكفار أن المسلمين لا يخافون من الحرب .
– مثال آخر : علِمَت السيدة فاطمة الزهراء أن زوْجها علِيّ بن أبي طالب خطَب بنت أبي جهْل ، فغضبت واشتكت للنبي ، وقالت له أن الناس يقولون أنك لا تَغار على بناتك ،، فقال النبي أن ( علِيّ ) إذا أراد ذلك الزواج يجب أولاً أن يُطلّق فاطمة ، بحيث لا تَجتمع بنت النبي وبنت أبي جهل في بيت واحد ، فترَك ( علِيّ ) بنت أبي جهل من أجل فاطمة .
ولم تَقصد فاطمة أن النبي يُهْمل حقّ بناته ، بل هي مُتأكدة أن النبي يَغار عليها ، ولوْلا أنها متأكدة من غيرة النبي عليها .. لَمَا قالت هذا الكلام ،، يعني هي قالت هذا الكلام كِناية عن طلب تعاطُف ومساعدة النبي ،، تماماً مثل الطفل الذي يقول لأبيه ( أنت لا تُحبّني لأنك لا تُحضِر لِي الحَلْوَى ) فهذا الطفل متأكد أن أباه يُحبّه ، لذلك قال هذا الكلام ليَكسِب تعاطُف أَبيه ويشترِي له الحلوى .
وبالتأكيد سيدنا ( علِيّ ) لم يُرِد الزواج على فاطمة لأنه يَكره فاطمة ، فقد يكُون أهل البنت هم الذين أرادوا أن يُناسبوا رجلاً صاحب مقام رفيع مثل ( علِيّ ) ولم يَكْسِر بخاطرِهم .
– مثال آخر : السيدة صَفِيّة كانت يهودية وأسلمَت وتَزوجها النبي ، وكانت عائشة تغار غيرة شديدة على النبي ، وذات مرة كان النبي مُسافر ومعه المسلمون وأهل بيته ، وفي الطريق كانت صَفيّة معها أشياء ثقيلة على جَمَل بَطِيء ، وعائشة معها أشياء خفيفة على جَمَل سريع ، فطَلب النبي مِن عائشة أن تُبَدل جَمَلها مع جَمَل صَفيّة ، فغارَت عائشة ، ليس بسبب الجَمل البَطِيء ولكن بسبب صَفيّة ، وقالت ( يَا لَعِبَادِ اللَّهِ ! غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ) وقالت له ( أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ؟ ) فتَبَسّم النبي وسألها إذا كان عندها شَكّ ، قالت ( أَفَلا عَدَلْتَ ؟ ) وتَبَسّم النبي ، لكن أبا بَكْر غضِب مِن ابنته عائشة وأراد أن يَضربها ، لكن النبي منَعه ووَضّح له أنها لا تَقصد التّشكيك في نُبوّته ، وقال ( إِنَّ الْغَيْرَى لَا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلَاهُ ) يعني المرأة عندما تشعُر بالغيرة فإنها تقول كلام لا تُدرك معناه ، وبالتالي لا يَجب أن نُسيئ الظّن بها .
ولو افترضنا أن هذا الحديث صحيح فإن سؤال السيدة عائشة لا يعني التشكيك في النّبوّة ، بل هو كِناية عن الإستعطاف ، لِكَي يتعاطف النبي معها أمام زوجته الأخرى ،، يعني هي سألت سؤال تقريري وليس استنكارِي ،، مثل الطفل الذي يسأل أباه ( ألَستَ أنت أبي فعلاً ؟ ) فَيَرُدّ الأب ( وهل عندك شَكُّ يا بُنَيّ ؟ ) فيقول الطفل ( لَو أنك أبِي حقاً فيجب أن تعطني حلْوَى ) ،، وهنا الطفل يَستعطف أباه ليعطيه حلوى ، لكن لا يشك فى أُبوّته ، ولو كان الطفل يشك في أُبوته .. لَمَا استعطفه أصلاً .
ونُلاحظ أن هذا الأسلوب في الإستعطاف يحدث عندما يوجد عَشَم وموَدّة بين الأشخاص حتى لو كانوا كبار ، مِثْل الزوج وزوجته ، ومثل الصديق وصديقه .
وعندما قالت عائشة عن صَفيّة أنها يهودية ، لم تَقصد أنها ما زالت يهودية ، بل أرادت عائشة أن يَشعُر النبي بغضَبها ، لِكَي تَكسب تَعاطُفه معها .
وذات مرة أخبَر النبي عائشة أنه يَعرف متى تكَون راضية مِنْه ومتى تكون غاضبة مِنْه ، فعندما تكوُن راضية .. تَحلِف بِرَبّ محمد ، وعندما تأخذ على خاطرها من النبى .. تَحلِف برَبّ إبراهيم ،، فقالت عائشة ( أجَلْ ، واللَّهِ – يا رَسولَ اللَّهِ – ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ ) .
وفي مثل هذا الموقف فإن هجْر اسم النبي لا يدل على الكراهية ، بل يدل على الغيرة .
– مثال آخر : كان هناك بعض النساء عند النبي يسألونه في أمور الدين ، وكانت أصواتهم عالية ، والنبي صابر عليهم ، واستأذَن عُمر بن الخطاب في الدخول عند النبي ، فأذِن له النبي وهو يَضحك ، فسَأل عُمر عن سبب ضحِك النبي ، فقال النبي أنّ هؤلاء النساء خفَضوا أصواتهم بمُجرّد دخول عُمر خوْفاً مِنْه ، فقال عمر للنساء أنهم يجب أنْ يَهابوا النبي أكثر مِنْه ، فقالت له النساء أنه فَظُّ وغليظ في المعاملة ، لكن النبي رحيم بِهِنّ ويصبر عليهن .
وهذا لا يدل على أن هؤلاء النساء يَكرهْن عُمر ، بالعكس ، فَهُنّ يَعلمْن أنّ عُمر شديد في الحق ومِن أشَدّ المدافعين عن النبي .
– مثال أخر : سأل النبي فاطمة عن زوْجها ( علِيّ ) فقالت أنه حدَث خلاف بينهما فغضِبت مِنْه ، ثم خرج من البيت ، فوجده النبي راقداً في المسجد وعليه بعض التراب ، فمسح النبي التراب عن ( علِيّ ) ومازحَه قائلاً ( قُم أبا تراب ) ، ولذلك كان ( علِيّ ) يُحب هذا اللقب لأنه يُذَكّره بتلَطُّف النبي معه .
وهذا الخلاف بين فاطمة و ( علِيّ ) لا يدل على الكراهية ، بل يدل على وجود الموَدّة والعشَم بينهما .
– مثال أخر : كانت فاطمة تَطحَن على الرّحا بيدَيها فتعِبَت من ذلك ، فطلبت من النبي أن يُعطيهم خادم يَطحن الطحين ، فقال لهم النبي أنّ عليهم بِذِكْر الله ، لأن الذِّكْر سيساعدها أفضل من الخادم .
والنبي رفَض طلبها ليس لأنه يَكرهها ، بل لأنه يُحبّها .
– مثال أخر : دخل أبو بكر الصديق بيت النبي فوجد عائشة ترفع صوتها على النبي ، فغضِب أبو بكر وأراد أن يَضربها ، لكن النبي منَعه وحجَزه عنها ، وخرج أبوبكر من البيت ، ثم حدَث صُلح بين النبي وزوجته ، ودخل أبو بكر عليهما وهما يَضحكان ، فقال ( يا رسولَ اللهِ ، أَشْرِكَانِي في سِلْمِكُمَا كما أَشْركتُماني في حَرْبِكُمَا ) وضَحكوا جميعاً .
وهذا الخلاف بين عائشة والنبي لا يدل على الكراهية ، بل حدَث بسبب الموَدّة والعَشَم بينهما .
– مثال أخر : في حرب المُرتدّين ، أراد عُمر تأجيل الحرب حتى يَقْوَى جيش المسلمين ، فقال له أبو بكر ( أجبّار في الجاهلية وخوّار في الإسلام ؟ ! ) ،، ولو افترضنا أن الحديث صحيح فإن أبا بكر لم يَقصد اتّهام عُمر بالجُبن ، فهو يَعلم شجاعة عُمر ، لكن أراد أن يَستفزّه حتى يوافق على الحرب في الحال ، وفعلاً وافق عمر .
يعني أبو بكر لم يقصد اتّهام عُمر بأنه جبان ،، بل قال ذلك الكلام كِناية عن الإستفزاز لِكَي يَغضب عُمر ويوافق على محاربة المُرتدّين في الحال ،، مِثل القائد العسكري الذي يقول لجنوده ( هل ستَهجمون على العدوّ أَم أنكم خائفون ؟ ) فيَغضب الجنود ويهجموا على العدوّ في الحال .
– مثال أخر : في غزوة تَبُوك ، ذهب النبي مع الجيش ، وترك علِيّ بن أبى طالب في المدينة لِكَي يَحرُسها في غيابه ، لكن أهل الفتنة قالوا أن النبي ترك ( علِيّ ) قائداً على النساء والصبيان ، فاشتكَى ( علِيّ ) للنبي وطلب من النبي أن يَذهب معه للحرب ، فرفَض النبي طلبه وقال له ( أمَا تَرْضى أنْ تَكونَ منِّي بمَنزِلةِ هارونَ مِن مُوسى ؟ إِلَّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي ) معنى ذلك أن أهل الفتنة يُفسّرون الخلاف بين الأشخاص تفسيراً خاطئاً لِكَي يُفْسِدوا الموَدّة بينهم .
* والآن سنتكلم عن تفاصيل فتنة الصحابة التي حدثت بعد استشهاد الخليفة عثمان بن عفان :
– ظهرت بداية هذه الفتنة في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، عندما كان النبي يُوَزّع أموال الصدقات على الناس ، فجاء رجُل وقال للنبي : ( اعْدِلْ ) ، فقال له النبي : ( ويْلَكَ ! ومَن يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ ؟ ) ،، وأراد أحد الصحابة أن يَقتُل هذا الرجل الذي يُشَكّك في نزاهة النبي ، لكن النبي رفَض وقال للصحابي ( دَعْهُ ، فإنَّ له أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مع صَلَاتِهِمْ ، وصِيَامَهُ مع صِيَامِهِمْ ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ…. آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ، إحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ…. ويَخْرُجُونَ علَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ . ) . يعني هذا الرجُل استخدُم كلمة حق وهي كلمة ( اعْدِلْ ) ولكنه أراد بها باطل ( اتّهام النبي بعدم العدل في توزيع الأموال ) ، ولذلك نزَلت آية ( وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ) ،، وهؤلاء المارقون المُخادعون يُصَلُّون ويَصُومون أكثر مِنّا لِكَي يَظهَروا أمام الناس أنهم أهل الدين ، وفي الحقيقة هم خرَجوا مِن الدين ، ولذلك نُسَمّيهم ( خوارج ) .
ومِن علامتهم أنه يوجد بينهم رجُل أسوَد لَدَيه ورَم في ذِراعه ، وفيما بعد أثناء خلافة علِيّ بن أبي طالب ، قام ( علِيّ ) بِقتال الخوارج وانتصَر عليهم ، وفعلاً وجَد بين قتلاهم رجُل أسوَد وفي ذِراعه ورَم .
– كان النبي هو الذي يُصلّي إِمام بالناس ، ولكن في مرَضه الأخير لم يستطع الصلاة في المسجد ، فأمَر أن يُبلّغوا أبا بكر لِكَي يُصلّي إِمام بالناس ، لكن عائشة بنت أبي بكر خافت على أبيها من تَشاؤم الناس إذا رأوْه يُصلّي بدَل النبي ، وطلبوا مِن عُمر بن الخطاب أن يُصلّي بالناس ، وعندما سمع النبي صوت عُمر ، غضِب النبي وصمَّم على أبي بكر في هذا الموقف بالذات ، لذلك جاء أبو بكر وصلَّى بالناس .
وفهِم عُمر مِن ذلك الموقف مكانة أبي بكر عند النبي .
– ولم يُعيِّن النبي شخصاً بالإسم ليَحكُم مِن بَعده .
– وعندما توفى النبي ، شعَر المسلمون بأنهم يتامَى ، وطار صوابهم من الصدمة ، فقد تعوَّدوا على وجود النبي بينهم ، والآن أصبَحوا محرومين من هذه النعمة ، لدرجة أن عمر بن الخطاب لم يَقتنع وهدَّد بِقتل من يقول أن النبي توفى .
وقد قال أمير الشعراء أحمد شوقي عن موقف عُمر :
لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ
ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ
يعني لا تَلُوموه فقد ضَلَّ المُحِبُّ رغماً عنه ، بسبب موت الحبيب .
وفي هذا الموقف الصعب أراد الله أن يوجد شخص قادر على القيادة حتى لا تحدُث فتنة بين المسلمين .
وهذا الشخص كان أبو بكر ، الذى خطَب في الناس قائلاً ( مَنْ كان يَعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يَعبد الله فإن الله حي لا يموت ) فأدرَك عُمرُ الحقيقةَ المُرّة وأخَذ يَبكِي .
– وبينما هُم مشغولون بتجهيز غُسْل النبي ، علِم عُمر أنّ الأنصار اجتمَعوا لِكَي يختاروا الخليفة مِن بينهم ،، فترَك عمر تجهيز الغسل لعلِيّ بن أبي طالب ، وأخَذ أبا بكر وذهب مُسرعاً إلي الأنصار ، وقال أن أبا بكر هو الأَحَقّ بالخِلافة ، لكن أبا بكر رفَض ، فذكَر عُمر موقف الصلاة بالناس وقال أن النبي اختار أبا بكر لِدِينِنا ، فكيف لا نختاره لِدُنيانا ! ! .. فقال الناس أنهم لا يَستطيعون أن يَتقدَّموا علَى أبي بكر لِما له مِن فضْل عظيم ومكانة خاصة عند النبي ، وأبو بكر من المهاجرين ، والنبي من المهاجرين ، ولذلك بايَعوا أبا بكر علَى الخِلافة .
– وعندما علِم علِيّ بن أبي طالب بخلافة أبي بكر ، شعَر بالحزن لأنهم لم يأخذوا رأيه في هذا الموضوع المُهم ،، لأن النبي كان يستشيره دائماً ، وكان يَتوقع ( علِيّ ) أن أبا بكر سيعامله نفس المعاملة ويستشيره في كل شيء ، فأخَذ علَى خاطره مِن أبي بكر ، والتزَم بَيته لا يَخرج مِنْه .
لكن أبا بكر أخبَر ( علِيّ ) بما حدَث مع الأنصار وأنه لم يوجد وقت كافٍ ليستشيره ، وأنّ أبا بكر لم يَقصد إهمال رأْي ( علِيّ ) ، بالعكس ، فرأْيه مُهم جداً ، بدليل أنه الآن يَطلب مِنْه الموافقة علَى البيعة ،، فعَلِم ( علِيّ ) أن أبا بكر يُقدِّره كما كان النبي يُقدّره .
وفعلاً كان أبو بكر يستشير ( علِيّ ) في كل شيء بعد ذلك .
لكن أهل الفتنة مِن الشِّيعة يَزعُمون أن ( علِيّ ) كان يُريد الخلافة وأبو بكر أخذَها مِنْه .. مع أنه لوْلا تدخُّل عُمر لَكانت الخلافة في الأنصار وليس المهاجرين .
وزعَموا أن عمر هدَّد ( علِيّ ) وفاطمة بإحراق بَيتهم ، وأنه كسَر ضِلْع فاطمة ،، وهذا الكلام لو صَحَّ ، فيُعتبَر اتّهام لعلِيّ قبل عمر ، إذ كيف يَسمح ( علِيّ ) بأنْ تُضرَب زوجتُه أمامه ولا يُدافع عنها ! ! ،، ومَعروف أنّ ( علِيّ ) كان في مُنتهَى القوة والشجاعة وقتَل أقوَى فارس في العرب .. ممّا يدل علَى أنّ أهل الفتنة أغبياء حتى في الكذب .
– وطلبَت فاطمة مِن الخليفة أبي بكر أن يُعطيها قطعة أرض كانت مِلْك النبي ، فأخبَرها أبو بكر أنه سمع النبي يقول أن الأنبياء لا يُورَثون ، وأنّ ماتركوه .. يُعتبر صدقة .
فأخذَت فاطمة علَى خاطرها مِن أبي بكر وقالت أنها لن تُكلّمه ، يعني أرادت أن تَضغط عليه لِكَي يصالحها ، فهي تَعلم أنه يُعزّها مَعزّة شديدة ، لكن أبا بكر انشغَل في حرب المُرتدّين التي هدّدَت دين الإسلام بالكامل ، وللأسف توفيت الزهراء بعد فترة قصيرة جداً في ذروة حرب الرِّدّة ، قبل أن يُصالحها .
وهُنا فاطمة لم تطلب الأرض حُباً في المال ، بل لأنها تريد شيئاً مِن أملاك النبي يُذَكّرها به ويُهوّن عليها فراقه ، ولم تستوعب فكرة أنْ يَملك هذه الأرض شخص أخر غير النبي .
يعني هي كانت تَغِير علَى أرض النبي ، وهذا يدل على حُبّها للنبي .
وأبو بكر لم يَرفض طلب فاطمة لأنه يكرهها ، بالعكس ، فهو سمع كلام من النبي فأراد أن يُنفّذ كلام النبي ، وهذا يدل علَى حُبّه للنبي .
وهذا يُذكّرنا بالموقف عندما طلبَت فاطمة من النبي أن يعطيها خادم ، ورفَض النبي طلبها .
يعني سبب الخلاف بين فاطمة وأبي بكر هو حُبّهم للنبي ، وليس كُرههم لبعض ، والدليل على حب أبي بكر للنبي ، أن أبا بكر حارب المرتدين الذين قالوا أنهم لن يُنفذّوا تعليمات النبي لأنه قد مات ،، فحارَبهم أبو بكر لِيُثبت لهم أن محمداً ما مات ، وما خلَّف بنات ، فحتى نساء المسلمين وقت الحرب رجال .
– ويزعُم أهل الفتنة من الشيعة أن أبا بكر كان يُنافق النبي في حياته ، وبعد وفاة النبي ظهرَت حقيقة أبي بكر وطمعُه في الحُكم والسلطة ،، لكن هؤلاء الأغبياء نسُوا أن النفاق يكون مِن الضعيف إلى القوِي ، وعند بداية الإسلام كان أبو بكر قوِيّ وغنِيّ جِداً جداً ، وكان النبي بمُفْرده أمام الكفار ، فأسلَم أبو بكر بمُجرّد أنْ دعاه النبي وبدون أيّ تَردُّد وأصبَح أوّل المسلمين مِن الرّجال ، ووهَب نفْسه وعِرضه ومالَه وأهْله للنبي والإسلام ، وعرَّض حياته للخطر ، وعرَّض سُمْعته للإستهزاء مِن السُّفهاء ، كل ذلك مِن أجل الإسلام ،، يعني أبو بكر لم يكن محتاج للمال والسلطة أصلاً حتى يكون مضطر أن يُنافق النبي .
– استمرّت خلافة أبي بكر حوالي سنتين فقط ، حيث أصابه مرَض شديد ، فطلَب مِن الناس أن يختاروا الخليفة الجديد مِن الآن ، حتى لا يَختلفوا بعد وفاته ،، فطلب الناس مِن أبي بكر أن يختار هو الخليفة الجديد ، فلم يُرشّح أحداً من أولاده وأهل بَيته ، بل رشَّح عمر بن الخطاب ، لأنه أحق وأفضل الموجودين بهذا المنصب ، ووافق الصحابة علَى مُبايعة عمر بالخلافة .
وهذا أكبر دليل علَى أن أبا بكر لم يأخذ الخلافة مِن ( علِيّ ) ، لأنه لو كان ذلك صحيحاً ، فبالتأكيد كان سيوَرّثها لأولاده ، ولا يُرشّح عمر .
– وفي عهد عمر كان ( علِيّ ) له مَنزلة كبيرة خصوصاً في القضاء ، وكان عمر يستشيره في كل شيء .
وقضَى عمر بن الخطاب علَى امبراطورية الفُرس المجُوس ( إيران حالياً ) .
فأراد شخص من الفُرس أن يَنتقم مِن عمر ، فتظاهَر بالدخول في الإسلام ، وعاش بين المسلمين ، ثم طعَن عمر بِخنجر عن طريق الغدر ، مما أدَّى لاستشهاد عمر .
– ولذلك ، هؤلاء الشيعة الغادرون يتظاهرون بِحُبّ ( علِيّ ) ويَشتمون عُمر ويزعمون أنه ظلَم ( علِيّ ) وأخَذ منْه الخلافة ،، لكن الحقيقة هي أنهم يكرهون عمر و ( علِيّ ) وكل الصحابة الذين قضوا علَى امبراطورية الفُرس المجُوس .
– وقبل أن يتوفى عمر بن الخطاب ، قام بترشيح سِتّة مِن الصحابة ليختار المسلمون منهم واحداً يُصبح خليفة مِن بعده ، ومِن هؤلاء الستة كان علِيّ بن أبى طالب وعثمان بن عفان ، ولم يكن بين السّتّة أحَد من أولاد عمر ،، فاختار المسلمون عثمان .
ومع ذلك يزعُم أهل الفتنة الأغبياء أن عمر ظلَم ( علِيّ ) وأخَذ منْه الخلافة ،، يعني هؤلاء الأغبياء يُفكّرون بالمقلوب .
– في عهد الخليفة عثمان ، اتّسعَت الدولة الإسلامية ، ودخَل في الإسلام كثير من الناس ، ومنهم بعض اليهود الذين أعلنوا أنهم دخلوا في الإسلام لكن في الحقيقة لم يتَخلّوا عن دينهم السابق ، وكان هدفهم نشْر الشائعات وإشعال الفتنة بين المسلمين ، يعني أصبحوا ( طرَف ثالث ) كما نقول اليوم .
– وفِعلاً ، نشَروا شائعة تقول بأن الخليفة عثمان يقوم بإعطاء الأموال والمناصب لأقاربه فقط ،، مع أنه في الحقيقة كان عهدُه عهدَ رخاء على المسلمين جميعاً ،، ولا نَنسَى أن عثمان بن عفان كان طول عمره رجُل أعمال ناجح ويَمتلك الكثير من الأموال قبل أن يُصبح خليفة ، بدليل أنه ذات مرة في عهد النبي ، في غزوة العُسرة ، قرَّر ( هرقل ) قَيصَر الرُّوم محاربة المسلمين ، وأصبَح الموقف صعباً وعسيراً على المسلمين لأن الروم كانت دولة عُظمى مثل أمريكا الآن ، فقرَّر النبي التوَجُّه إلى ( تًبُوك ) لِمُحاربة الرُّوم , وأمَر بجمْع التبرعات لتجهيز الجيش ، فقام عثمان بتجهيز ثلث الجيش ووضَع الكثير من العُمْلات الذهبية في حِجر النبي لدرجة أن النبي فرِح به وقال ( ما ضَرَّ عثمانَ ما عمِل بعدَ اليومِ ) يعني حتى لو أذنَب عثمان فإن هذا الذنب لن يضرّه ، لأن الله سيتُوب عليه ويغفر له .
يعني عثمان كان يقوم بتمويل الدولة الإسلامية منذ نشأتها ويَصرِف عليها من ماله الخاص ، عندما كان هؤلاء الأشرار لايزالون كفار ويحاربوا الإسلام ، وبعد أن أسلموا بدأوا يتّهموه بإهدار أموال الدولة التي قام هو بتمويلها منذ نشأتها ! ! !
– وأمَر الخليفة عثمان أخاه ( مِن أُمّه ) أن يتوَلى إمارة إحدى المُدن ، ولكن هذا الأمير شرب الخمر ، فعزَله الخليفة عثمان من منصبه ، وأمر بإقامة الحَدّ عليه وجلَده أمام الناس ،، ولكن أهل الفتنة استغلوا هذه الحادثة وقالوا أن عثمان يُعيّن أقاربه الفاسدين ، مع أن هذه الحادثة تُثبت أن عثمان يُعاقب المُخطئ حتى لو كان أخوه .
مما يدل على أن سبب المعارضة لم يكن انتشار الفقر بين الناس ، ولا مُجاملة عثمان لأقاربه ،، لكن السبب الحقيقي هو غفْلة بعض المسلمين الذين صدَّقوا شائعات أهل الفتنة .
– قام أهل الفتنة بتحريض عامّة الناس في المُدن البعيدة على التجمُّع والذهاب إلى بيت الخليفة ليواجهوه بهذه التُّهم الباطلة ، وفعلاً وصلَت هذه الوُفود إلى الخليفة الذي قابلهم ووضَّح لهم الحقائق ، فعلِم الناس أن عثمان مظلوم وبريء مِن هذه التُّهم ، فقرَّروا الرجوع إلى ديارهم ، ولكن أثناء عوْدتهم ، قام أهل الفتنة بتلفيق رسالة مَفادها أن عثمان قرر قتل المعارضين له ، فصدَّق الناس هذه الإشاعة ورجَعوا مرّة ثانية إلى بيت عثمان ، وحاصَروا البيت يُريدون قتل الخليفة عثمان .
وعندما علِم قادة الجيوش بذلك ، أرادوا أن يأتوا إلى بيت عثمان لِكَي يُدافعوا عنه ويقتلوا الأشخاص الذين يُحاصرون البيت ، لكن عثمان رفَض ، حقْناً للدماء .
– وعثمان كان زاهداً فى السُّلطة وغير محتاج لها ، وكان الأسهل بالنسبة له أن يترُك السلطة والمسؤولية ويعيش عيشة الملوك بما يمتلكه من ثروات طائلة ، لكنه لم يستجب لهؤلاء الأشرار ، لأن النبي ذات مرة قال له ( يا عثمانُ إنَّهُ لعلَّ اللَّهَ يُقَمِّصُكَ قَمِيصًا ، فإن أرادُوكَ على خَلْعِهِ فلا تَخلعهُ لَهُم ) والمقصود هو قَميص الخلافة .
– وأمَر ( علِيّ ) أولاده الحسَن والحُسَين وبعض الصحابة أن يُحِيطوا بالبيت ويُدافعوا عن عثمان .
– وجاء النبي إلى عثمان في رؤيا وقال له ( يا عثمان أفْطر عندنا ) ، فأدرَك عثمان أنه سَيَنال الشهادة في هذا اليوم ، لذلك صام عثمان هذا اليوم ، وأمَر الحسَن والحُسين وبقيّة الصحابة أن يُغادروا البيت ، لأنه علِم أن قضاء الله نافِذ ، ولم يُرِد أن يُعرّضهم للخطَر .
– وقام أهل الفتنة باقتحام البيت ، وقتَلوا الخليفة عثمان وهو مُمْسك بالمصحف ويقرأ القرأن ، فنزَل الدم على المصحف على أية ( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ) .
– ولم يُشارك أحَد مِن الصحابة في قتل عثمان ،، وبالنسبة لمحمد بن أبي بكر فإنه كان فعلاً مع المعارضين ، لكن عثمان تَحدّث معه وأقنَعه ، فاعتذَر له محمد بن أبي بكر وأعلَن توْبته أمامه .
– واخترَع أهل الفتنة روايات كاذبة تزعُم أن الصحابة شارَكوا في قتل عثمان ،، لكن علماء أهل السُّنّة الكِرام ذكَروا هذه الروايات في كُتبهم لِيُبيّنوا كذِبَها .
– وقد قام أهل الفتنة بتجميع أعداد كثيرة من المعارضين من مدن مختلفة ، بحيث يَصعُب مَعرِفة وتحديد الأشخاص الذين قتَلوا عثمان .
– ثم قام الصحابة بمُبايعة علِيّ بن أبي طالب بالخلافة ، و ( علِيّ ) لم يكن راغباً في الحُكم والسُّلطة ، ولكنه وافَق لِكَي يَجمَع شَمْل المسلمين مرّة أخرى ، ولم يُقرِّر أخْذ الثأر من قتَلة عثمان في نفس اليوم ، بل أمَر المعارضين أن يَرجعوا إلى بلادهم وقبائلهم ، حتى تهدَأ الأُمور ويَستقر الوضع ، ولا تَحدُث حرب أهلية ،، وبعد ذلك يقوم بِعمل تَحريات دقيقة لتحديد أسماء الأشخاص الذين أشعَلوا الفتنة وقتَلوا عثمان ، ليأخذ الثأر منهم .
– لكن أُمّ المؤمنين السيدة عائشة وبعض الصحابة لم يكن عندهم طاقة للصبر على القصاص من قتَلة عثمان ، وطالَبوا ( علِيّ ) بأن يأخذ الثأر في الحال .
– وقام اثنين من الصحابة هما طلْحة والزُّبَير بن العوّام ومعهم السيدة عائشة على جَمَل لها ، قاموا بتجميع جيش ليأخذوا بثأر عثمان ، فلمّا علِم ( علِيّ ) بذلك ذهب إليهم في جيش ليس بهدف قتالهم ، لكن بهدف حمايتهم ، لأن أهل الفتنة كانوا مُندسّين في وسط الجنود من الجيشين ، والدليل على ذلك أن عائشة والصحابة وافقوا على الصُّلح والرّحيل وترْك أمْر الثأر لـ (علِيّ ) ، لكن أهل الفتنة خافوا من استقرار الوضع لأن ذلك يعني أن ( علِيّ ) سوف يَقبض عليهم واحِد واِحد ، لذلك قام هؤلاء الأشرار بإطلاق السّهام من الناحيتين لإشعال الحرب ، واختلَط الجيشان ، وحدَثت فوْضَى كبيرة ، وقتَلوا طلحة والزُّبَير ، وأرادوا قتل السيدة عائشة على الجَمَل ، لكن ( علِيّ ) أمَر جنوده بحماية الجَمل من المُندسّين وأنقذَها ، وردَّها إلى بيتها في حراسة مشدَّدة .
ومع ذلك فإن أهل الفتنة الأغبياء يزعُمون أن عائشة هي التي حرّضَت على قتل عثمان ! ! ،، فعلاً، الحماقة أَعيَت مَن يُداويها .
– وقام سيدنا مُعاوِية أيضاً بتجهيز جيش ليأخذ بثأر عثمان ، فخشِيَ سيدنا ( علِيّ ) مِن حُدوث حرب أهلية بين جيش مُعاوية وبين القبائل ،، وذهب إلى معاوية لِكَي يَنصحه بتأجيل الثأر ،، وطبعاً أهل الفتنة كانوا يُتابعون كل هذه الأحداث ، وخافوا من حُدوث اتفاق بين ( علِيّ ) ومُعاوية ، لأن ذلك يعني أخْذ الثأر منهم في النهاية .
لذلك قام أهل الفتنة بتوزيع أنفسهم في مجموعتين ، مجموعة انضمَّت لجيش معاوية ، والمجموعة الأخرى انضمت إلى جيش ( علِيّ ) وأشعَلوا الحرب بين الجيشين .
وأثناء الحرب حدَث تفاوُض بين ( علِيّ ) وبين معاوية في مُحاولة للسيطرة على الموقف ، واتّفَقوا علَى تحكيم بعض الصحابة ، لكن أهل الفتنة من الخوارج أرادوا منْع الصُّلح ، لذلك رفَضوا تحكيم الصحابة ، وقالوا أن الحُكم لله وحده ، فقال ( علِيّ ) أنّ هذه مقولة حق يُراد بها باطل .
– وأعلَن الخوارج خروجهم عن طاعة ( علِيّ ) بحُجّة أنه رضِيَ بحُكم المخلوق ، والحُكم لله وليس للمخلوق .
وأصدَروا فتوى بأن معاوية و ( علِيّ ) وبقية الصحابة كفار .
فناقشَهم عبد الله بن عباس وأَوْضَح لهم أنّ الله هو الذي حكَم بتعيين حُكام مِن البشَر ، لأن الله لن يَنزل بنفسه لِكَي يَحكم بين الناس ، وذكَر الدليل مِن القرأن في آية ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا ) وأيضاً آية ( لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۚ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ) وسألَهم ( هل حُكم الرّجال في حَقْن دمائهم وأنفسهم وإصلاح ذاتِ بينِهم أحقُّ ، أَم في أَرنب ثمنها رُبع درهم ؟ ! ) فاقتَنع بعض الخوارج وأعلَنوا التوبة والطاعة لـ ( علِيّ ) ، لكن الباقي استمَروا في الخروج عليه وتكفير المسلمين ، لذلك حاربَهم ( علِيّ ) وانتصَر عليهم ، ووجَد بين قتلاهم ذلك الشخص الأسوَد صاحب الوَرم الذي أخبَر عنه النبي منذ سنين طويلة .
– وفي عصرنا الحالي يتم تسجيل الأحداث بالصوت والصورة ، ومع ذلك تَنتشر الشائعات ويُصدّقها الناس وتَحدُث فوْضى وحروب أهلية في الدول ,, فما بالُكَ بالعُصور السابقة حيث لا يوجد تليفيزون أو إنترنت . ! !
– ذات مرة قال النبي ( ويح عَمّار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ) ،، وقد كان سيدنا عمار بن ياسر في صفوف جيش ( علِي ) ، فهاجمه أحد الجنود الموجودين في جيش معاوية وقتله ،، ولما عرف معاوية بذلك غضب وحزن حُزناً شديداً ، وأنكر أنه أمر بقتله ، وقال أن الذين تسببوا في قتله هم الذين دفعوه إلى القتال أصلاً ،، وأيضاً ( علِي ابن طالب ) حزن علَى عمار ، وتبرأ من قتله ، فإن ( علِي ) كان فعلاً قائد الجيش الذي كان فيه عمار ، لكن هذا لا يعني أن ( علِي ) هو الذي دفع عمار إلى القتال ،، بل إن الذين دفعوا عمار إلى القتال هم أهل الفتنة ، وهؤلاء الأشرار كانوا موجودين في الجيشين ، وهم الذين قتلوه ، يعني هم الفئة الباغية ، بدليل أنهم هم الذين فرحوا بقتله ، أمّا معاوية و ( علِي ) فلم يفرحوا ولم يرضوا بقتل عمار ، ولذلك لا يصح أن نتهم جميع أفراد جيش معاوية بأنهم ( فئة باغية ) ، بدليل أن عمرو ابن العاص كان في جيش معاوية ، ورأي اثنين من الجنود يتخاصمان وكل واحد منهما يفتخر بقتل عمار ويقول ( أنا قتلته ) ، فقال عمرو ابن العاص ( والله ان يختصمان إلا في النار ) ، يعني هما يتسابقان على دخول جهنم ، يعني عمرو ابن العاص يرى أن قاتل عمار سيدخل النار ، ولذلك لا يصح أن نتهم عمرو العاص بأنه من الفئة التي قتلت عمار .
يعني الفئة الباغية هم جزء من جيش معاوية وجزء من جيش ( علِي ) ، ليس منهم معاوية ولا ( علِي ) ولا عمرو ابن العاص .
– أراد أهل الفتنة أن يُوَسّعوا الفجوَة بين ( علِيّ ) ومعاوية لِكَي يَمنعوا الصُّلح بينهما ، فنشَروا شائعة مَفادها أن معاوية يَسُبّ ويشتم ويَلعَن ( علِيّ ) بحجّة أنه فرّط في ثأر عثمان ، وقام البعض فِعلاً بِسَبّ ( علِيّ ) مِن علَى المَنابر في المساجد .
ولو أصدَر معاوية أمْر مباشر بمنْع السّب ، فقد يَغتاله أحَد مِن أهل الفتنة وتَضِيع الشام من المسلمين بسبب الفوْضى ، لأن الشام كانت تحت حُكم معاوية فأراد أن يُحافظ عليها إلى أن يَحدث الصُّلح بين المسلمين ، خصوصاً أن الروم كانوا يريدون انتهاز الفرصة للهجوم علَى المسلمين ، وفعلاً أثبتَت الأحداث أن أهل الفتنة استخدَموا سياسة الإغتيال .
وكل ما استطاع معاوية فِعله هو أن يُوَضّح للناس فضْل ( علِيّ ) ، وأنه لا يستحق السّب واللّعن ، فكان يَسأل الصحابة بطريق غير مباشر عن ( علِيّ ) أمام الناس لِكَي يتكلم الصحابة عن فضائل ( علِيّ ) .
– فذات مرة رأى النبي بعض التراب فوق ( علِيّ ) فمسح النبي بيده هذا التراب عن ( علِيّ ) ومازحَه قائلاً ( يا أبا التراب ) فصارت مِن ألقاب ( علِيّ ) وكان ( علِيّ ) يُحب هذا اللقب ،، فأمَر معاوية سعدَ بن أبي وقّاص أن يُجيب أمام الناس على سؤال : لماذا لا يَسُبّ ( علِيّ ) .
فقد روَى مسلِم في صحيحه عن عامِر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه ( قال : أمَر معاوية بن أبي سفيان سعداً ، فقال : ما منعَك أن تَسُبّ أبا التراب ؟ ) وهنا ذكَر سعدٌ فضائل ( علِيّ ) أمام الناس ومنها قوْل النبي لـ ( علِيّ ) : أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى ؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي .
ولوْ كان معاوية يَسبّ ( علِيّ ) فِعلاً .. لَمَا أمَر سعد أن يتكلم أمام الناس وهو يَعلم أن سعد سيَمْدح ( علِيّ ) .
– قام أهل الفتنة باختراع أحاديث وروايات كاذبة مَفادها أن الصحابة يشتمون ويَسبّون بعضهم ، لذلك قام علماء أهل السُّنّة الكِرام بذِكْر هذه الروايات في كُتبهم مع إسناد كل رواية ، بحيث يَعرِف الناسُ الأشخاصَ الكاذبون في السّنَد ،، وهذه هي فائدة عِلم الحديث ، لِكَي نُفرّق بين الحديث الصحيح والحديث الضعيف .
يعني هناك أشخاص اخترعوا بعض الروايات الكاذبة ، ولذلك أصبح هناك أحاديث صحيحة وأحاديث ضعيفة يتناقلها الناس فيما بينهم ،، ونلاحظ أن علماء الحديث يكتبون جميع الأحاديث التي يتناقلها الناس ، وبذلك نحن أصبحنا متأكدين أنه لا توجد أشياء محذوفة في الإسلام ،، وأيضاً علماء الحديث يذكرون الفرق بين الحديث الصحيح والضعيف ، لِكي نصدق الحديث الصحيح ونترك الحديث الضعيف ،، وبذلك أصبح عندنا شريعة كاملة وصحيحة ،، على عكس بقية الأديان المُحرَّفة .
– عندما شعَر أهل الفتنة من الخوارج أن الصلح سيَتم بين ( علِيّ ) ومعاوية ، أطلَقوا فتوى بأن معاوية و ( علِيّ ) وبقيّة الصحابة كفار ويجُوز قتلهم ، وقاموا بتكليف ثلاثة أشخاص لِكَي يَقتلوا ( علِيّ ) ومعاوية وعمرو بن العاص في توقيت واحد .
ونجَح شخص في اغتيال ( علِيّ ) وفشَل الباقي في اغتيال معاوية وعمرو .
وكان هذا هو بداية ظهور الإرهاب في الإسلام .
– والخوارج مستمرّون إلى يومنا هذا ، ويَقومون بالعمليات الإرهابية ، ويَزعمون أنهم هُم وحدَهم مسلمون ، وأن بقية المسلمين هم كفار ، ويُكفّرون الحُكّام المسلمين ، ويُفسّرون القرأن تفسير خاطيء ، ويَتشدّدون في الدين ، ويُطالبون المسلم بتنفيذ جميع أَحكام الشريعة وإذا قَصّر المسلم في أحَد العبادات كالصلاة والصيام ، فإنهم يَتّهموه بالكُفر ،، فمثلاً جمهور الفقهاء قالوا بأن الصلاة في المسجد هي سُنّة وليس واجب ،، لكن الخوارج إذا وجدُوك تُصلّي في البيت ولا تذهب للمسجد فإنهم لا يَكْتفون بالنصيحة ، بل يُحاولوا إجبارك على الصلاة في المسجد ، وإذا رفضتَ فإنهم يجعلوك تَشعر أنك ستدخُل النار لا محالة ، وأن الله لن يغفر لك ، فتشعر بالإحباط وتَكره الإسلام ،، ولذلك تَسبّبوا في زيادة أعداد الملحدين ، وشوَّهوا صورة الإسلام بالإرهاب الذى يَفعلوه .
والنبي حذَّرنا منهم ، وقال ( إنّ هذا الدين مَتين ، فأوْغِلوا فيه بِرِفق ) ،، وقال أيضاً ( إن الدين يُسر، ولن يُشادّ الدينَ أحدٌ إلا غلبَه ) ،، يعني إذا لم تستطع فِعل كل العبادات ، فافعل الجزء الذي تَقدر عليه ، واطلُب من الله أن يُساعدك في الباقي ، وإذا لم تُنفّذ الباقي فلا تَيأس من رحمة الله واطلُب المغفرة من الله .
وقال النبي أيضاً ( هلَكَ المُتَنطِّعُون ) ،، والشخص المُتنطِّع هو الذي يُريدك أن تَفعل جميع العبادات ويَحكم عليك بدخول النار إذا فعلْت ذَنب ،، مع أن القرأن يقول ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) يعني كل الذنوب قابلة للغفران ماعدا الشِّرك بالله .
– وعندما سمع معاوية خبَر استشهاد ( علِيّ ) بَكَى حُزناً عليه وقال ( أبكِي لِما فقَد الناسُ من حِلمه و عِلمه و فضْله و سوابقه و خَيره ) .
– بعد استشهاد ( علِيّ ) توَلَّى الخلافة ابنُه ( الحسَن بن علِيّ ) ،، وبعد سِتّة أشهُر تَنازل الحسَن عن الخلافة لمعاوية ،، وقد تَنبأ الرسول بذلك وقال عن الحسَن ( إنَّ ابْنِي هذا سَيِّدٌ ، ولَعَلَّ اللَّهَ أنْ يُصْلِحَ به بيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ . ) وسُمّيَ هذا العام ( عام الجماعة ) .
ولقد قام أهل الفتنة بمحاولة اغتيال الحسَن لَمّا وافق على الصلح ، وأصابوه إصابة بَليغة ، لكن الله نجّاه .
– معنى ذلك أن الصحابة كلما أرادوا عقْد الصلح ، كانوا يَتعرضوا للإغتيال مِن أهل الفتن ، وهذا هو سبب استمرار تلك الفتنة مدة طويلة .
– والصحابة كان لهم نفْس الهدف وهو الثأر لعثمان ، لكن اختلَفوا في وسيلة تحقيق الهدف ، يعني سبب الخلاف هو أنهم يُحبّون عثمان ، وليس كُرههم لبعض .
– وكان الإتّفاق أن يتوَلّى الحسَن الخلافة بعد معاوية .
لكن الحسَن توفى قبل معاوية .
– بعد وفاة الحسَن ، خَشِيَ معاوية أن يموت هو أيضاً فجأة فتحدُث حرب أهلية بسبب الخلافة مرّة أخرى ، فأراد أن يجعل الناس يَتّفقون من الآن على الخليفة القادم بحيث يحدُث انتقال سِلْمى للسُّلطة بعد وفاته .
وكان معاوية يُريد ترشيح أشخاص معروفين بالتقوَى والصلاح مثل عبد الله بن عمر بن الخطاب وغيره ، ولم يُفكر في ترشيح ابنه ( يزيد بن معاوية ) لأنه كان شخص مُستهتِر وفاسد ولا يَصلُح للخلافة .
لكن بَنِي أُمَيّة بعدما تَعوّدوا على الخلافة لم يُريدوا أن تَخرج مِن بينهم ، فأقنَعوا ( يَزيد ) أن يُعدّل مِن سُلوكه حتى يَأخذ ثِقة والده ويُعيّنه خليفة مِن بعده ، وفعلاً بدأ ( يزيد ) يَلتزم بالدين والتقوى أمام الناس ، وعندما رأَى معاوية هذا التغيير مِن ابنه فرِح به وظن أن الخلافة قد تكون سبباً في صلاح ابنه ويَتعوّد على تَحمُّل المسؤولية ،، وبالتالى تَظل عاصمة الخلافة في دمشق في الشام كما هي ويَستمر الإستقرار في الحُكم .
وعندما عرَض معاوية ترشيح ابنه ( يزيد ) قال عبد الله بن عمر ( أُبايعه إذا بايَع الناس ) يعني أنه لن يَعترض على ( يزيد ) بشرط أن تَكون غالبية الناس موافقة عليه .
ووافَق على البيعة مجموعة مِن الناس ، ورفَض البيعة مجموعة أخرى منهم الحُسين بن علِيّ .
وبالتالى كان الإتفاق هو أن يَتوَلّى ( يزيد ) الخلافة بعد وفاة معاوية إذا كانت غالبية الناس راضية ، يعني اتّفاق مشروط وليس نهائي .
ولذلك أوْصَى معاوية ابنه ( يزيد ) بِعدم التّعرّض للحُسين إذا صمَّم على رفْض البيعة مهما حصل ، لكن للأسف فإن ( يزيد ) لم يَلتزم بوصية سيدنا معاوية .
– وبعد وفاة معاوية ، وصلَت رسائل كثيرة إلى الحُسين مِن الناس في المدن البعيدة يُطالبونه بالترشح للخلافة ، فأراد الحُسين أن يذهب بنفسه إلى هذه البلاد ليتأكد أنهم أغلبية وليس أعداد قليلة .، وفي هذه الحالة يكُون مِن حقّه الترشح طالما معه الأغلبية .
– ولم يُعلِن عبد الله بن عمر اعتراضه على ( يزيد ) لأنه حتى هذه اللحظة لم يَثبُت أن الأغلبية تُعارض ( يزيد ) ، لذلك التزَم بكلمته التي أعطاها لمعاوية حتى لا يقال أنه غدَر ورجَع في كلامه ،، لكن الحُسين لم يُعطِ كلمة لمعاوية أصلاً .
– عندما عَلِم عبد الله بن عمر وبقية الصحابة أن الحُسين يَنوِى الخروج ، خافوا عليه وحاولوا إقناعه بعدم الخروج ،، لأن الرسول تَنبأ بقتل الحُسين ، فقد سألته الملائكة إذا كان يُحب الحُسين ، وأجاب النبي أنه يُحب الحسين حُباً شديداً ، فقالت الملائكة أن الحُسين سيَتم قتله في أرض ترابها أحمر ، فبكَى النبي .
ولكن الحُسين قد عَلِم ان قَضاء الله نافِذ ، لذلك صمَّم على الخروج .
– ولم يَخرج الحسين بجيش ، بل خرج بأهل بيته مِن الرجال والنساء والأطفال ، لأنه لم يكن يريد الحرب ، بل أراد أن يَرى بنفسه أعداد الناس المؤيدين له في المدن البعيدة .
– لكن ( يزيد ) أرسَل جيشاً ليَمنع الحُسين مِن الوُصول إلى هذه المدن ، ولم يأمرهم بالحفاظ على حياة الحسين ، لذلك هاجَم الجيش الحُسين وأهل بيته في الطريق ، وقتَلوهم بطريقة بَشِعة ، وفصَلوا رأس الحُسين عن جسده الشريف .
– وبرغم بُعد المسافة فقد عَلِم عبد الله بن عباس بخبَر استشهاد الحُسين ، حيث أنه رأَى النبي في المنام عليه بعض الغبار ويَحمل في يده قارورة يلتقط فيها دم الحسين وأصحابه .
– لَعَن اللهُ كل مَن أمَر أو شارَك أو رضِيَ بقتل سيدنا الحُسين بن عليّ بن أبي طالب ،، الحُسين بن فاطمة الزهراء ،، الحُسين ريحانة النبي ،، الحسين سيد شباب أهل الجنة .
– ولَعَن اللهُ كل من يشتم الصحابة وزوجات النبي .
– هل يُعقل أن الصحابة وزوجات النبي كفار كما يزعم أهل الفتن ؟ ! ،، فمن الذي دافَع عن الإسلام في بدايته ؟ !
– أهل الفتن يشتمون الصحابة ، والصحابة هم الذين نقَلوا لنا الإسلام ، معنى ذلك أن الهدف الحقيقي لأهل الفتن هو التشكيك في الإسلام وهدمه مِن الداخل .
– الفتنة هي اختبار وامتحان ،، ولا يوجد نجاح بدون اختبار ،، ولا يوجد إيمان بدون امتحان ،، والقرأن يقول ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ) .
– وحدوث هذه الفتن بسبب الخوارج والشيعة هو دليل على صِدق الإسلام ، لأن الإسلام يقول أن القيامة لن تقوم إلا على شرار الخلق ،، ولولا حدوث هذه الفتن .. لَوصَل الإسلام إلى جميع الأماكن ، ولَأَصبح كل الناس مسلمين ، ولا يُريد الله أن تَقوم القيامة على المسلمين ، والقيامة ستحدُث لا محالة ، مِمّا يَستلزِم وُجود الكفار لِكَي يكُونوا آخِر الناس في الأرض وتَقوم عليهم القيامة ،، لأن القيامة ستقوم فقط عندما يختفي الإيمان من الأرض تماماً ، وبالتالي يختفي الأمل في إصلاح الناس ، ويكون الحل الوحيد هو قيام الساعة .
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )