[ سِلسلة الأدلّة العقلية والعِلمية التي تُثبت وجود الله سبحانه وتعالى ] ⇐ معنى عبارة ( الله في السماء ) وتفسير كلمة ( يد الله ) في أية ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) :
– نِسبة ( اليد والوجه والقدم والنزول والنسيان ) إلى الله عبارة عن ( كِناية ) ، يعني تعبير مَجازِي وليس بالمعنى الحَرفي .
– القرأن يقول ( فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) وهذه الآية لا تقصد أن الله ينسَى بالمعنى الحرفي للنسيان ، بل هي كِناية عن أن الله يترك الكافرين في العذاب لأنهم كانوا يجحدون بآياته ،، بدليل أن القرأن يقول ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) يعني القرأن ينفِي النسيان بمعناه الحرفي عن الله .
– القرأن يقول ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ليس المقصود أن الله له يد بالمعنى الحرفي لليد ، بل هي كِناية عن القوة والسيطرة ،، ويقول الطبري أن معناها ( قوّة الله فوق قوّتهم في نُصرة رسوله صلّى الله عليه وسلّم ) .
– الله لا يحتاج عينٍ كَيْ يكون بصيراً ، ولا يحتاج أُذُن كَي يكون سميعاً ، فهو سميعٌ بِذاته سبحانه وتعالى ، وذاته ليست مُرَكّبة من أجزاء ،، ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ، كل ما خطرَ بِبالِك فالله ليس كذلِك ،، يعني أهل الجنة سوف يرَوْن الله ويُدركون أنه جميل ، لكنهم لن يستطيعوا وصف هذا الجمال .
– النبي صلّى الله عليه وسلّم سأل الجارية ( أين الله ؟ ) ليختبرها إذا كانت مؤمنة أَم كافرة ، والنبي لم يقصد المعنى الحرفي بأن يسأل عن مكان الله ، فالنبي يعلم أن الله موجود بلا مكان ،، لكن النبي قصد المعنى المجازي والكناية ، لأن كفار قريش كانوا يقولون أن الآلهة هي الأصنام الموجودة في الأرض ،، يعني لو أن الجارية قالت ( الله فى الأرض ) فهذا يعني أنها تعبد الأصنام ، لكن لو قالت ( الله في السماء ) فهذا يعني أنها تعبد الله فقط ولا تعبد الأصنام ، وفعلاً الجارية قالت ( الله في السماء ) ولم تقصد المعنى الحرفي بأن الله موجود بذاته داخل أو فوق السماء ، لكنها قصدت المعنى المجازي كِناية عن أنه إله غير تلك الآلهة الباطلة الموجودة في الأرض .
وكلمة ( أين ) التي قالها النبي – صلّى الله عليه وسلّم – لا تعني بالضرورة أن الله له مكان ، فإن القرأن نفسه يستخدم تلك الكلمة مع الله بدون أن يقصد أن الله له مكان ، مثل آية ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) ، فهذه الآية لا تقصد أن الله موجود بذاته في أماكن الناس ، بل هي كِناية عن أن الله يعلم ويسيطر على جميع الناس في أي مكان يكونوا فيه .
– وهنا سؤال يطرح نفسه : بعض المسلمين يقولون أن الله موجود فى كل مكان ، فهل قولهم صحيح ؟
* الجواب : إن كانوا يَقصدون المعنى الحرفِي بأن الله موجود بذاته داخل كل مكان ويسكن كل مكان ، فهم خاطئون ، لأن الله موجود بلا مكان أصلاً ،، لكن إن كانوا يقصدون الكناية بأن الله يعلم ويسيطر على كل مكان ، فهم مُحِقّون في ذلك .
– كل ( زمان ) فهو محدود ، وكل ( مكان ) فهو محدود .
– شرط ( الزمان والمكان ) لازم للوجود المادِّي والوجود المعنوِي .
– وجود الله ليس وجوداً مادّياً ولا مَعنوِيّاً ، بل وجوداً مختلفاً ، غير محدود ، لا نعرف طبيعته .
– وبالتالى فإن الله لا يحتاج زمان ولا مكان ، فهو موجود بِلا زمان وبِلا مكان ، لأنه كان موجوداً قبل خلْق الزمان والمكان ، وهو على حاله لم يتغير ، حتى بعد خلْق الزمان والمكان .
– كل ( جسم ) فهو محدود .
– الله ليس بجسمٍ ، بل ( ذاتٌ ) لا نعرف حقيقتها ، لكن نعرف صفاتها ( الحيّ ، القيّوم ، القويّ ، السميع ، البصير ) .
– الإتصال و الإنفصال والحُلول والتّداخل ينطبق فقط على الوجود المادي ( الأجسام ) ، يعنى لا يصح القول بِحلُول مخلوق فى الله ، أو بانفصال مخلوق عن الله ، فوجود كل منهما يختلف عن وجود الأخر .
– القرأن يقول ( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ) وهذه الآية لا تقصد أن الله يجلس معهم في مكان ، بل هي كِناية عن أن الله يعلم كلام هؤلاء الأشخاص .
– ونحن نقول ( الله معنَا ) ولا نقصد المعنى الحرفي بأن الله موجود بذاته معنَا في مكانِنا ، بل نقصد الكِناية بأن الله يعلم بحالنا ويحفظنا ويرعانا .
– الله لم يَستهلك جزء مِن قُوّته عندما خلَق الإنسان ، فإن قوّة الله غير محدودة ، ولذلك هي قوّة لا تَنقُص ولا تتغير ولا تتجزّأ ،، يعني الإنسان مخلوق ( بقوّة الله ) وليس ( مِن قوة الله ) .
ولذلك فإن الإنسان موجود ( بالله ) ، وليس ( مِن الله ) وليس ( مع الله ) ، فإن الله لا يَشترك مع أحد في زمان ولا مكان ،، لأن الله موجود بِلا زمان وبِلا مكان أصلاً .
* سؤال : ما الفرق بين ( موجود بالله ) وبين ( موجود مع الله ) و ( موجود من الله ) ؟
* الجواب : كلمة ( مع ) إذا تم استخدامها كظرف فإنها تدل على الإشتراك في الزمان والمكان مثل جُملة ( النّمر موجود مع الأسد في الحديقة في النهار ) ، معنى ذلك أن وجود النّمر له زمان ( النهار ) وله مكان ( الحديقة ) ، وأيضاً وجود الأسد له زمان ( النهار ) وله مكان ( الحديقة ) .
وطالما حدَث تَشابُه في الزمان والمكان بين وجود الأسد ووجود النمر ، فذلك يدل على اشتراك هذين الوجوديْن في الزمان والمكان ، لذلك يَجوز استخدام كلمة ( مع ) لِوصف العلاقة بين هذين الوجوديْن .
ولِكَي يَحدث تَشابُه في الزمان بين وجوديْن اثنين ، فهذا يَستلزِم بالضرورة أن كل ( وجود ) منهما يكون له ( زمان ) يُشابه ( زمان ) الوجود الآخَر ،، لكن إذا كان أَحد هذين الوجوديْن ليس له ( زمان ) ، فمَع أي شئ سيَتشابَه ( زمان ) الوجود الآخَر ؟ ! .
ونحن نعرف أن وجود الله ليس له ( زمان ) لأنه لا يحتاج ( زمان ) ، لذلك لا يصح أن نقول ( الإنسان موجود مع الله ) .
و ( الله ) لم يَستهلك جزء مِن قُوّته عندما خلَق الإنسان ، لأن قوة الله لا تتجزأ ، فهي قوة غير محدودة ، ولذلك هي باقية على حالها ولم تَنقص ولم تَتغير نتيجة خلْق الإنسان ، لذلك لا يصح أن نقول ( الإنسان موجود مِن الله ) .
لكننا نَعرِف أن الإنسان مخلوق بقوة الله وبإرادة الله ، لذلك لِكَي نَصِف العلاقة بين وجود الله ووجود الإنسان فيجب أن نقول ( الإنسان موجود بالله ) .
– يعني وجود الإنسان هو أثر ونتيجة لوجود الله ، وليس جزء من وجود الله ، فإن وجود الله لا يتجزّأ ، لأنه وجود غير محدود .
– قبل وجود المخلوق ، كان الله موجوداً وليس معه أحد ،، وبعد وجود المخلوق فإن الله مازال موجوداً وليس معه أحد ،، لأن المخلوق موجود ( بالله ) ، وليس ( من الله ) وليس ( مع الله ) .
يعني الله يبقى دائماً على حاله ، ولا يتغير ،، فهو دائم الوجود سبحانه وتعالى .
– ولمزيد من التوضيح انظر المقالات الأتية :
[ إثبات أن أهل الجنة سوف يَرَوْن الله بدون أن يُحيطوا بوجوده سبحانه وتعالى ]
ومقالة [ ( الطاقة لا تفنى ، ولا تُستحدَث من العدم ) إثبات أن هذه الحقيقة العلمية تدل علي وجود خالق للطاقة ]
( * ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي للمقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )