[ المجموعة الثانية من المفاهيم الخاطئة : ] ⇐ مفهوم خاطيء بخصوص الوضوء بالماء الساخن ، والتنطُّع في العِبادة :
* المفهوم الخاطيء : يجب أن يتحمل الإنسان فوق طاقته في العبادة ، ولا يجُوز الوضوء بالماء الساخن .
* الصّواب : يجُوز الوضوء بالماء الساخن ، ولا يجب أن يتحمل الإنسان فوق طاقته في العبادة .
* الدليل :
النبي – صلّى الله عليه وسلّم – في البداية قال أن الطعام المطبوخ على النار ينقض الوضوء ، ولذلك كان النبي يُعيد الوضوء إذا أكَل ذلك الطعام ،، ثم بعد ذلك أراد الله التيسير على المسلمين ، ونَسَخ الحُكم السابق ، يعني أَلغَى الحُكم السابق ، بدليل أن الصحابي جابر بن عبد الله قال ( كان آخِرَ الأمرَيْنِ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَرْكُ الوضوءِ ممَّا مسَّتِ النَّارُ ) يعني النبي قال أن الطعام المطبوخ على النار لا ينقض الوضوء ، ولا يحتاج الإنسان أن يعيد الوضوء إذا أكَل ذلك الطعام ، يعني النبي ترَك إعادة الوضوء بعد الأكل من الطعام الذي مسّته النار .
يعني الحديث يتكلم عن الأكل الذي مسّته النار ، ولا يتكلم عن ماء الوضوء الذي مسّته النار .
ولذلك يجُوز أن تتوضأ بالماء الساخن في أي وقت .
– وقال الصحابي جابر بن عبد الله ( خرَجْنا في سفَرٍ فأصابَ رجلًا منَّا حجَرٌ فَشَجَّهُ { يعني جرَحه } في رأسِهِ ، ثمَّ احتَلمَ ، فسألَ أصحابَهُ فقالَ : هل تَجِدونَ لي رُخصةً في التَّيمُّمِ ؟ فَقالوا : ما نجِدُ لَكَ رُخصةً وأنتَ تقدرُ علَى الماءِ ، فاغتسَلَ فماتَ ، فلمَّا قدِمنا علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أُخْبِرَ بذلِكَ ، فقالَ : قَتَلوهُ قتَلَهُمُ اللَّهُ ، ألَا سألوا إِذْ لَم يَعلَموا ، فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ ، إنَّما كانَ يَكْفيهِ أن يتيمَّمَ ويعصرَ – أو يعصبَ شَكَّ موسَى – علَى جرحِهِ خرقةً ثمَّ يمسحَ عليها ويغسِلَ سائرَ جسدِهِ ) وموسى هو ابنُ عبدِ الرَّحمنِ ، أحدُ رُوَاةِ الحديثِ ، وقد نسي الكلمة التي قالها النبي بالضبط ، لكن سواء قال النبي ( يَعصر ) أو قال ( يَعصب ) فَفِي كِلتا الحالتين يَقصد النبي ربط الجرح بقطعة قماش ، ثم المسح على القماش ، حتى لا يصل الماء إلى الجرح ويُسبب خطورة على حياة المجروح .
و النبي قال ( قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ ) على سبيل الزّجر ، وليس على سبيل الدُّعاء ، لأنهم لم يتعمّدوا أن يقتلوا صاحبهم .
و ( العِيّ ) هو الجهل .
وهناك فرق بين الوضوء والإغتسال .
لذلك في حالة اغتسال المجروح يُمكن أن يتيمم عن طريق مسح اليدين والوجه بالتراب الناعم الخفيف ، ويمسح على رباط الجرح بالماء ، ويغسل بقية الجسد بالماء ، لكن إذا كان الماء سيصل إلى الجُرح أو إذا كان بقية الجسد لا يتحمل الماء ، ففي هذه الظروف يتم الإكتفاء بالتيمم فقط بدون استخدام الماء أصلاً ( يعني يجب أن يتيمم مثل التيمم للوضوء ) .
– و النبي قال ( أَلا أدُلُّكُمْ علَى ما يَمْحُو اللَّهُ به الخَطايا ، ويَرْفَعُ به الدَّرَجاتِ ؟ قالُوا بَلَى يا رَسولَ اللهِ ، قالَ : إسْباغُ الوُضُوءِ علَى المَكارِهِ ، وكَثْرَةُ الخُطا إلى المَساجِدِ ، وانْتِظارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ ، فَذَلِكُمُ الرِّباطُ ) ،، يعني النبي ينصحنا أن نجتهد في العبادة ، ولا يأمرنا أن نتحمل فوق طاقتنا ،، يعني مثلاً من حقك أن تتوضأ بالماء الساخن في الشتاء ، لأن الناس يكرهون الماء البارد في الشتاء ، فإذا أنت لم تجد ماء ساخن في الشتاء وتوضأت بالماء البارد ، فأنت ستشعر ببعض الألم الذي يمكنك أن تتحمله ، وهذا هو ( اجتهاد في العبادة ) وسوف تأخذ حسنات على ذلك ،، لكن لو أن الماء البارد سيؤذيك ويضر صحتك ويُعطّلك عن العمَل والوظيفة ، فهذا ( تحميل للنفس فوق طاقتها ) وسوف تأخذ سيئات لو توضأت بالماء البارد في هذه الحالة .
لأن هناك فرق بين مجاهدة النفس في الطاعة وبين تحميل النفس فوق طاقتها .
وإذا قام شخص بتحميل نفسه فوق طاقتها ، فإنه بذلك يَظلم نفسه ، يعني يكون ظالم ويأخذ سيئات ، لأن هذا يُسمَّى ( تَنَطُّع فى الدين ) ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يقول ( هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ ) .
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )