[ المجموعة الأولى من المفاهيم الخاطئة : ] ⇐ مفهوم خاطيء بخصوص مَصِير والِد ووالدة النبي ، وأهل الفَترة ، والأشخاص الذين لم يَسمعوا عن الإسلام :
* المفهوم الخاطيء : أهل الفَترة كُلّهم كُفار .
* الصّواب : النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم هو مِن أُصول مؤْمنة لأن أهل الفَترة منهم المؤمن ومنهم الكافر .
* الدليل :
– القرأن يقول ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ ) .
وأهل الفترة هم الناس الموجودون في الفترات التي بين الرُّسُل ، مثل الناس الذين كانوا موجودين أيام الجاهلية وماتوا قبل ظهور الإسلام ،، وكذلك الناس الموجودون بعد ظهور الإسلام ولكن لم يسمعوا عن دين الإسلام ، أو سمِعوا معلومات خاطئة ومُشَوَّهة ولم تَصِلهم الدّعوة الصحيحة عن الإسلام ، مثل الناس الذين يعيشون في الغابات مُنعزلين عن بقية العالَم الخارجي .
– والقرأن يقول ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، لذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الشخص المجنون والشخص الذي لم تَصِله دعوة الإسلام بشكل صحيح سوف يَتَعرّض لامتحان وفِتن عند الموت أو في القبر أو في بداية يوم القيامة قبل الحساب ،، وإذا كان هذا الشخص يُحب الخضوع للحق ونَجح في هذا الإمتحان وآمَن بالله فسيَدخُل الجنة ، وإذا كَفَر فسيَدخُل النار .
– لذلك إذا مات شخص من الأَديان الأُخرى فإننا نَأخذ بالظاهر ونَحكُم عليه في الدّنيا بالكُفر ولا نَدفِنه في مقابر المسلمين ، لكن لا نجزم ولا نَحلف بأن هذا الشخص بالذات سيَدخُل النار ، فقد يَنجح في أَحد تلك الفِتن ويَدخُل الجنة .
وأحياناً يُخْبر الله النبي بأسماء بعض أهل الجنة مثل أبي بكر ، وبعض أهل النار مثل أبي لهب ، فهؤلاء نحن مُتأكدون من مَصيرهم في الآخِرة .
– ولم يَكُن أهل الجاهلية كُلهم وَثَنِيّون وعَبَدة أصنام ، فقد كان بعضهم يؤمن بوجود إله واحد أَحد ، لكنهم لم يَعرفوا طريقة عبادة هذا الإله حتى جاء الإسلام وأخبَرهم بالشريعة التى بها يَعبدون الله ،، ومنهم ( زيد بن عمرو بن نُفيل ) ، الذي مات قبل ظهور الإسلام ومع ذلك شَهد له النبي بالجنة ، وكذلك أبو بكر الصديق والسيدة خديجة الذين أدرَكوا ظُهور الإسلام وأسلَموا في الحال بِمُجرّد أن أخبَرهم النبي .
– لأن الإنسان لو استخدَم عَقْله ولم يَتّبع هواه ، فسوف يَعترف بوجود خالق لهذا الكون حتى لو لم يُخْبره نبي بذلك .
يعني يُمْكن مَعرفة العقيدة بدون رسول ، لكن لا يُمكن معرفة الشريعة بدون رسول .
* إثبات أن سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم هو مِن أُصُول مؤْمنة : ( هذه الميزة خاصة بالنبي محمد وليس كُلّ الأنبياء ، إِلّا إذا كانوا مِن أَجداده مثل النبي إبراهيم ) :
– جميع أُصول النبي محمد مِن الآباء والأُمهات والأَجداد والجدّات إلى آدم كُلّهم مؤمنين ،، لكن الأَعمام والعَمّات والأَخوال والخالات لَيسُوا مِن الأُصول ، فمِنهم المؤمن ومِنهم الكافر .
– مَن مات قبل البِعثة فهو مِن أهل الفترة ، وهذا الشخص يَتعرض لامتحان وفِتنة عند الموت ، وقد يَقول لا إله إلا الله بدون أن يَسمعه أَحد ، وفي هذه الحالة يَموت مؤمناً بالله ، وأُمّ النبي محمد وأبوه هُما مِن هؤلاء المؤمنين .
– يعني أهل الفترة منهم المؤمن ومنهم الكافر ،، والناس كانوا يَسألون النبي محمد عن مَصير أبائهم مِن أهل الفترة ، لذلك رَفَع الله الحرَج عن النبي محمد ونَهَاه عن الإستغفار لأي شخص مِن أهل الفترة حتى لو كان هذا الشخص مؤمن ، مثل أُمّ النبي محمد .
– هناك حديث صحيح رواه الإمام مسلم بأن النبي قال ( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أنْ أسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، واسْتَأْذَنْتُهُ أنْ أزُورَ قَبْرَها فأذِنَ لِي . ) ،، وهذا الحديث يدل على منع الإستغفار لأهل الفترة ، لأن أهل الفترة بعضهم كفار ،، يعني هذا الحديث هو دليل على منع الإستغفار للكفار ، لكن لا يدل على أن أم النبي كافرة ،، فإن بعض أهل الفترة كانوا مؤمنين ، ومنهم أم النبي محمد .
– سيدنا إبراهيم هو مِن أجداد النبي محمد يعني من أُصول النبي محمد ،، ولذلك فإن والد النبي إبراهيم هو أيضاً من أُصول النبي محمد لكنه ليس الأب الوالد للنبي محمد .
– كلمة أب تُطلق على الوالد أو العَم .
– القرأن يقول ( وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ) وهذا الأب هو عَمّ إبراهيم وليس والده .
– كلمة ( أَب ) تُطلَق على الوالد ، وفي هذه الحالة تقول ( جاء أبِي ) لكن لا داعِي بأن تقول ( جاء أبي فُلان ) ،، وأحياناً كلمة ( أب ) تُطلَق على شخص آخَر مثل العَمّ ، وفي هذه الحالة لابد أن تَذكُر اسمه حتى لا نظن أن المقصود هو الوالد ، يعني يجب أن تقول ( جاء أبي فُلان ) وتَذكر اسم عَمّك .
– القرأن يقول ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) ،، و ( آزَر ) هو عَمّ إبراهيم وليس والده .
لأن آزر لو كان هو الأب الوالد فلن يكون هناك داعي بأن يَذكُر القُرأن كلمة ( آزر ) ، لكنه ذكر اسم ( آزر ) لِيَلْفِت نظَرنا بأنه شخص آخَر غير الأب الوالد ، مثل العَمّ ، كما نقول ( جاء أبي فُلان ) يعني ( جاء عَمّي ) .
والعَمّ من الآباء بدليل أن القرأن يقول ( أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) وإسماعيل هو عَمّ يعقوب .
– سورة الأنعام في بدايات ترتيب سوَر المُصحف ، والقرأن لم يذكر أبا إبراهيم قبل سورة الأنعام ، ثم ذكر كلمة ( لأبيه آزر ) مّرة واحدة في سورة الأنعام ، وبعد ذلك ذكر كلمة ( أَبيه ) بدون ( آزر ) في بقية السّوَر التالية ، لأننا عرفنا من بدايات المصحف أنه عَمّه ، فلا داعي لتكرار كلمة ( آزر ) .
– القرأن يقول ( إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ) ولو حذَفنا اسم ( هامان ) فسوف يَخْتَلّ المعنى لأن الآية لم تَذكُر كلمة أُخرى تدل عليه ،، يعني لم تَقُل ( فرعون ووزيره هامان ) ، ولو ذكرَت كلمة ( ووزيره ) فساعتها لن يكون هناك داعي بأن تقول معها كلمة ( هامان ) لأنها ستكون بلا فائدة طالما هناك كلمة أُخري تدل عليه وهي كلمة ( وزيره ) ،، ولذلك فإن القرأن لم يقُل ( فرعون ووزيره هامان ) أبداً ،، ولو قال القرأن ( فرعون ووزيره هامان ) فاعلم أن هناك وزراء آخَرون غير ( هامان ) لكن القرأن قصَد ( هامان ) بالذات .
يعني القرأن لا يذكر اسم شخص إلا إذا كان هناك فائدة من ذلك .
مثل آية ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ) ،، فلَو حذفنا كلمة ( عمران ) سوف يَخْتَلّ المعنى ، لأنه طالما قال ( ابْنَتَ ) فلابد أن يَذكر اسم الأب .
ومثل آية ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) ولو حذفنا كلمة ( إِبْرَاهِيمَ ) فسوف نظن أن المقصود هو الأب الوالد ، لكن الآية ذكرَت كلمة ( إِبْرَاهِيمَ ) لتُخْبرنا أن المقصود هو الأب البعيد ، يعني الجد ، وليس الأب الوالد .
– والقرأن يقول ( لِأَبِيهِ آزَرَ ) ولو كان آزر هو الأب الوالد وحذَفنا كلمة ( آزر ) فلن يَخْتلّ المعنى ، وبالتالى تكون كلمة ( آزر ) بلا فائدة ، لكن مستحيل أن تكون هناك كلمة في القرأن بلا فائدة ،، مِمّا يدل على أن كلمة ( آزر ) لها فائدة ، والفائدة الوحيدة منها هي أنها تُخبرنا أنه ليس الأب الوالد .
* والآن سوف نتكلم عن أبي طالب عم النبي ، وعن عبد المطلب جد النبي ، لكن بعد أن أوضح النقاط التالية :
– سيدنا موسى استطاع أن يرفع صخرة كبيرة بمفرده من على البئر لِكَي تتمكن بنات سيدنا شُعيب من الحصول على الماء ، مع أن تلك الصخرة لا يستطيع رفعها إلا مجموعة من الرجال ، ولذلك ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) يعني موسى كان قوي الجسم ، ومع ذلك طلب من الله أن يرسل معه أخاه هارون ليساعده في أمْر النبوّة ( وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) ) ،، لأن فرعون وجنوده قوم جبارون ، ولذلك فإن الله ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ ) ،، ويقول القرأن في سورة أخرى ( اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44) قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَىٰ (45) قَالَ لَا تَخَافَا ۖ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ (46) ) ،، وكل ذلك يدل على أن الأنبياء كانوا يتعرضون للخطر الشديد ، لأن الله يرسل الأنبياء عندما يصل الكفار إلى درجة كبيرة من التجبر والطغيان ، بدليل أن هناك الكثير من الأنبياء تم قتلهم على يد أقوامهم .
يعني الأنبياء لا يستطيعون مواجهة الكفار إلا بعد تكليف من الله ، وهذا ليس تخاذُل من الأنبياء ، بل هو أخْذ بالأسباب ،، لأن الإنسان يجب أن يحاول الحصول على الدعم والمساعدة قبل مواجهة الأخطار .
– سيدنا محمد قبل نزول الوحي كان يعيش وسط الكفار لمدة أربعين سَنة ، وخلال هذه المدة كان يذهب إلى مكان منعزل لِكي يعبد الله عن طريق التفكر وذِكر الله ، لأنه لم يكن يعرف طريقة الصلاة في هذه المدة ،، ولم يسجد النبي لأي صنم ، وأيضاً لم يُعلن إعتراضه على الأصنام ،، لأنه يعلم أن الكفار سيقتلوه في الحال لو اعترض على أصنامهم ،، وقد كان الكفار يظنون أن سيدنا محمد موافق على الأصنام طالما لم يُعلن اعتراضه عليها ،، ولذلك كان الكفار يعاملون سيدنا محمد معاملة جيدة في هذه المدة .
لكن عندما وصل سيدنا محمد إلى سِن الأربعين ، ونزل عليه الوحي والتكليف من الله لمواجهة الكفار ، فإن النبي أَعلَن أمام الكفار اعتراضه على الأصنام ، وساعتها فقط عرف الكفار أن النبي يرفض الأصنام .
– عبد المطلب جد النبي كان يعبد الله وحده ولم يسجد لأي صنم ، لكنه أيضاً لم يُعلن اعتراضه على الأصنام ، لأنه يعلم أن الكفار سيقتلوه في الحال لو اعترض على أصنامهم ،، وقد كان الكفار يظنون أن عبد المطلب موافق على الأصنام طالما لم يُعلن اعتراضه عليها ،، ولذلك كان الكفار يعاملون عبد المطلب معاملة جيدة ، وجعلوه زعيماً عليهم ،، ونلاحظ أن عبد المطلب كان يتجنب مواجهة الكفار الجبارين طالما ليس عنده تكليف مباشر من الله ،، بدليل أنه تجنب مواجهة أبرهة الحبشي الذي أحضر جيشاً كبيراً ليهدم بيت الله ( الكعبة ) ، وساعتها قال عبد المطلب أن البيت له رب يحميه ،، ثم بعد ذلك توجه عبد المطلب إلى الكعبة ، وقال :
اللهم إن المرء يمنع أهله
فامنع حلالك .
لا يَغلِبَنّ صليبُهم ومِحالهم
عدْواً مِحالك .
إن كنت تاركهم وقِبلتنا
فأمْرٌ ما بَدا لك .
ونلاحظ أن عبد المطلب توجه فقط إلى الكعبة ، ولم يتوجه إلى الأصنام ،، ولو كان يعترف بالأصنام فإنه بالتأكيد كان سيذكر الأصنام مع الكعبة ، كما يفعل أغلب أهل قريش ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ) ،، بدليل أن هناك حديث صحيح رواه مُسلم يقول ( كانَ المُشْرِكُونَ يقولونَ : لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ ، قالَ : فيَقولُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ : وَيْلَكُمْ ! قدْ قَدْ { يعني كَفَى ولا تزيدوا على هذه الكلمة } ، فيَقولونَ : إلَّا شَرِيكًا هو لَكَ ، تَمْلِكُهُ وَما مَلَكَ { يقصدون الأصنام } . يقولونَ هذا وَهُمْ يَطُوفُونَ بالبَيْتِ ! ) ،، وكل هذا يدل على أن أكثر أهل قريش كانوا يعبدون الأصنام ويقدسون الكعبة ، لكن هناك مجموعة قليلة ، ومنهم عبد المطلب ، كانوا يقدسون الكعبة بدون أن يعبدوا الأصنام .
– هناك حديث صحيح في البخاري يقول ( لَمَّا حَضَرَتْ أبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ ، جَاءَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أبَا جَهْلٍ ، وعَبْدَ اللَّهِ بنَ أبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ ، فَقالَ : أيْ عَمِّ قُلْ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لكَ بهَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَقالَ أبو جَهْلٍ ، وعَبْدُ اللَّهِ بنُ أبِي أُمَيَّةَ : أتَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعْرِضُهَا عليه ، ويُعِيدَانِهِ بتِلْكَ المَقالَةِ ، حتَّى قالَ أبو طَالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهُمْ : علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ ، وأَبَى أنْ يَقُولَ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، قالَ : قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : واللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فأنْزَلَ اللَّهُ : { ما كانَ للنبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ } وأَنْزَلَ اللَّهُ في أبِي طَالِبٍ ، فَقالَ لِرَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : { إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } ) ،،، وهنا نلاحظ أن أبا طالب قد عاش إلى زمن بعثة النبي ومع ذلك لم يقل ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ) ، لكن عبد المطلب قد مات قبل البعثة النبوية ،، يعني هذا الحديث يدل على أن أبا طالب عم النبي قد مات كافراً ، لكن لا يدل على أن عبد المطلب جد النبي كافر ، فإن أبا جهل وباقي الكفار كانوا يظنون عن طريق الخطأ أن ملة عبد المطلب هي الإعتراف بالأصنام ، لكن الحقيقة أنه كان يرفض الأصنام ،، ونلاحظ أن النبي لم يخبرهم بحقيقة ملة عبد المطلب حتى لا يسأله بقية المسلمين عن مصير أبائهم .
– روى البخاري في صحيحه أن العباس بن عبد المطلب سأل رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له ( يَا رَسولَ اللَّهِ ، هلْ نَفَعْتَ أبَا طَالِبٍ بشَيءٍ ؟ فإنَّه كانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ ، قالَ : نَعَمْ ، هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ ، لَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ . ) ،، ونلاحظ أن أبا طالب لو مات على الإسلام فإن الله كان سيرحمه من دخول النار أصلاً ،، لأن هناك أشخاص سيدخلون الجنة بدون حساب ولا سابقة عذاب ،، وأبو طالب كان سيصبح أفضل الصحابة لو أسلم .
وهناك حديث صحيح رواه مسلم ( أنَّ رَجُلًا قالَ : يا رَسولَ اللهِ ، أيْنَ أبِي ؟ قالَ : في النَّارِ ، فَلَمَّا قَفَّى دَعاهُ ، فقالَ : إنَّ أبِي وأَباكَ في النَّارِ . ) ،، يعني الرجل ذهب وهو حزين بعدما عرف أن أباه في النار ، ولذلك فإن النبي دعاه مرة أخرى وقال له ( إنَّ أبِي وأَباكَ في النَّارِ ) ، يعني ( اصبر أيها الرجل على مصيبة أبيك ، كما أنني صبرت على مصيبة أبي ) ،، وطبعاً فإن النبي عندما قال ( أبي ) فإنه يقصد عمه أبو طالب ، ولم يقصد والده ( عبد الله ) .
– انظر ⇐ [ مفهوم خاطيء بخصوص أهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم ]
– انظر أيضاً [ مفهوم خاطيء بخصوص البِدعة وحُكْم الإحتفال بالمَولد النّبوي ، والتّوَسُل بالنبي ، والتحذير من الإِفْراط والتّفريط ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )