[ الرَّد على المجموعة الأولى من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على سؤال : هل مرحلة المُضغة ونفْخ الروح تحدث بعد أربعين يوم ، أم بعد مائة وعشرين يوم ؟
* الرّد :
هناك حديث رواه الإمام البخاري يقول ( إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ ، ورِزْقَهُ ، وأَجَلَهُ ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ ) والبخاري قال رأيه في هذا الحديث بأنه حديث صحيح ، يعني البخاري حَكَم على هذا الحديث بأنه صحيح ، ولذلك فإن البخاري قد كَتَبه في كتاب ( صحيح البخاري ) ،، والبخاري يضع شروطاً صعبة جداً على أي حديث قبل أن يَحكم عليه بأنه صحيح ،، ولذلك طالما أن البخاري حَكم بأن ذلك الحديث صحيح ، فنحن نُصدّق تماماً أن ذلك الحديث هو صحيح ،،، وهناك بعض الأحاديث رواها البخاري ولكنه لم يكن متأكد أنها صحيحة ، لذلك فإن البخاري كَتبها في كُتب أخرى مثل كتاب ( الأدب المفرد للبخاري ) .
ولذلك عندما ترى حديث رواه البخاري فيجب أن تسأل : هل رواه البخاري في صحيحه ، يعني في كتاب ( صحيح البخاري ) ،، أم رواه في كتاب أخر من كُتُبه ؟ وذلك لكي تعرف هل البخاري نفسه متأكد من صِحّة هذا الحديث أم غير متأكد .
وهناك بعض الناس فسَّروا الحديث السابق تفسير خاطئ ،، يعني ظنوا أن مرحلة ( جمْع خلْق الجنين ) تأخذ لوحدها أربعين يوماً ، ومرحلة ( العلقة ) تأخذ لوحدها أربعين يوماً ، ومرحلة ( المُضغة ) تأخذ لوحدها أربعين يوماً ، يعني ثلاث أربعينات بمجموع مائة وعشرون يوماً ،، وهذا تفسير خاطئ تماماً .
يعني الحديث صحيح ، لكن تفسير هؤلاء الناس هو تفسير خاطئ .
والتفسير الصحيح هو أن الحديث يقصد أن مرحلة ( جمْع خلْق الجنين ) ومرحلة العلقة ومرحلة المضغة يحدُثْن كُلّهن في خلال أربعين يوماً فقط ،، يعني الحديث يقصد ( أربعين ) واحدة وليس ثلاث أربعينات .
وهذا هو الدليل :
– الحديث يتكلم عن بداية تكوين الجنين ، يعني يقصد الأيام الأولى للجنين ، يعني كلمة ( أربعين يوماً ) المذكورة في جملة ( إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا ) هي ( الأربعين الأولى ) من عُمر الجنين .
– الحديث يقول ( إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ ، … )
والمعنى الحرفي للحديث هو كالأتي : ( يتم جمْع مُكوّنات الجنين بدون أن يكون علقة في أربعين يوم ، ثم يكون علقة مثل ذلك الأسلوب في جمع المُكوّنات ، ثم يكون مضغة مثل ذلك الأسلوب في جمع المُكونّات ) يعنى يتم تكوين العلقة بنفس أسلوب جمْع المُكوّنات الذى حدث قبل تكوين العلقة ،، وإلى هنا فإن الحديث يحتمل معنيين اثنين :
1- ( ثم يكون علقة مثل ذلك الأسلوب في جمع المُكوّنات بعد أربعين يوم ) .
2- ( ثم يكون علقة في ذلك الوقت ، مثل ذلك الأسلوب في جمع المُكونّات ) ،، يعني يكون علقة في خلال الأربعين يوم الأولى أيضاً .
وهنا سؤال يطرح نفسه : هل الحديث يقصد المعنى رقم 1 ، أم رقم 2 ؟
والجواب هو أن الحديث يقصد المعنى رقم 2 ،، ونحن عرفنا التفسير الصحيح لذلك الحديث من أحاديث أخرى صحيحة أيضاً ،، وكما أن القرأن يُفسّر بعضُه بعضاً ،، فإن الأحاديث الصحيحة تُفسّر بعضُها بعضاً .
فهناك حديث رواه الإمام مسلم يقول ( إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ ، ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ ، أَوْ سَعِيدٌ ) والإمام مُسلم حَكم على ذلك الحديث بأنه صحيح ،، ومسلم أيضاً يضع شروطاً صعبة جداً قبل أن يحكم على أي حديث بأنه صحيح ،، ولذلك نحن نُصدّق تماماً أن ذلك الحديث صحيح طالما أن الإمام مسلم حَكَم بذلك .
ونلاحظ أن هناك اختلاف بسيط بين ألفاظ حديث مسلم وحديث البخاري ، لكن لا يوجد اختلاف في المعنى بين الحديثين ،، وذلك لأن الله تكفّل بحفظ القرأن من حيث الألفاظ والمعاني ، لكن الله يتكفّل بحفظ معاني السّنّة النبوية ، مع وجود اختلاف في ألفاظ الأحاديث النبوية .
– ولفظ حديث البخاري يقول ( ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ ) ، بينما لفظ حديث مسلم يقول ( ثُمَّ يَكونُ في ذلكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ ) ،، يعني حديث مسلم يقصد ( ثم يكون علقة في ذلك الوقت مثل ذلك الأسلوب ) ،، يعني في نفس تلك الأربعين يوم الأولى ،، ونحن عرفنا تفسير حديث مسلم من حديث أخر رواه الإمام مسلم أيضاً وحكم بأنه صحيح ، وهذا الحديث يقول ( إذَا مَرَّ بالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً، بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا، فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا، ثُمَّ قالَ: يا رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ ما شَاءَ، وَيَكْتُبُ المَلَكُ، ثُمَّ يقولُ: يا رَبِّ، أَجَلُهُ؟ فيَقولُ رَبُّكَ ما شَاءَ، وَيَكْتُبُ المَلَكُ، ثُمَّ يقولُ: يا رَبِّ، رِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ ما شَاءَ، وَيَكْتُبُ المَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ المَلَكُ بالصَّحِيفَةِ في يَدِهِ، فلا يَزِيدُ علَى ما أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ ) ،، يعني يتم خلق العظام بعد اثنتين وأربعين ليلة ، والقرأن يقول ( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا ) يعني القرأن أخبرنا أن مرحلة المضغة تسبق مرحلة تخليق العظام ،، وهذا دليل على أن مرحلة المضغة توجد خلال ( الإثنتين والأربعين ليلة الأولى ) ،، وطبعاً فترة ( الأربعين يوماً الأولى ) هي جزء من فترة ( الإثنتين والأربعين ليلة الأولى ) .
– يعني مراحل النطفة والعلقة والمضغة كلها موجودة خلال الأربعين يوم الأولى من تكوين الجنين ،، ونفخ الروح يحدث بعد اثنتين وأربعين ليلة ،، وهذا لا يتناقض مع قول الحديث الأخر ( بعد أربعين يوم ) لأنه إذا حدث نفخ للروح بعد 42 ليلة ، فهذا يعني أنه لم يحدث قبل 40 يوم .
– ونلاحظ أن العلم أثبت أن تخليق العظام يبدأ بعد الأسبوع السادس ، يعني بعد 42 ليلة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ولمعرفة الدليل انظر ⇐ [ الرّد على شُبهة : ( فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ) ]
( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )