[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة قول سيدنا سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ ( لو رَأَيْتُ رَجُلًا مع امْرَأَتي لَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ غيرَ مُصْفَحٍ ) بدون أن يأتي بأربعة شُهود :
– لو أَنّ الزوج قَتَل زوجته في منزل الزوجية وقَتل أيضاً رجُلاً آخَر في نفس الوقت وفي نفس المنزل ،، ثم قال الزوج للقاضي أنه شاهَدهما في منزله يقومان بالزِّنا ، فإن الزوج قد يكون صادق وقد يكون كاذب ،، يعني القاضي لن يُصدق الزوج بدون دليل صريح لإثبات جريمة الزِّنا ، لأن هناك احتمال أن يكون الزوج قد قام بدعوة الرجل إلى زيارته في منزله ، ثم قام الزوج بقتل الزوجة وقتَل أيضاً ذلك الرجل بدون أن يَحدث زِنا أصلاً ،، وذلك لِكي يُحقق الزوج أغراضاً خاصة ، يعني مثلاً يتخلص من زوجته القبيحة ويتخلص من ذلك الرجل في وقت واحد ، ثم يتزوج بالأرملة الجميلة ، يعني أرملة الرجل المقتول .
– لذلك فإن القاضي سوف يحكم بالإعدام على ذلك الزوج بتهمة قتْل شخصين بريئين إذا لم يقدم الزوج دليلاً صريحاً بأن الزوجة كانت فعلاً زانية ،، وحتى لو كانت الزوجة قد قامت فعلاً بجريمة الزِّنا ، فإن القاضي لن يكون ظالِماً للزوج إذا لم يقدم الزوج أدلة ، لأن القاضي يقضي طِبقاً للأدلة المتوفرة أمامه ، ولذلك فإن الله سيغفر لذلك القاضي .
وبالنسبة للزوج القاتل فإنه الله أيضاً سيغفر له لو كانت زوجته قد قامت فعلاً بجريمة الزّنا .
– الإسلام أراد أن يحافظ على حياة الزوج الصادق أمام القضاء ، حتى لا يتم الحكم عليه بالإعدام بسبب تلك الزوجة الزانية ،، لذلك فإن الإسلام ينصح الزوج بأن يأتي بأربعة أشخاص عُدُول ، يعني من أهل الثقة والأمانة ، ويشهدون معه على جريمة الزنا أمام القضاء ، ثم يحكم القاضي بالإعدام على الزوجة الزانية .
– لو أن رجُلاً قام باتهام امرأة أخرى غير زوجته بأنها زانية بدون أن يقدم دليل ، فإنه لن يكون معذور في اتهامه لها ، لأنه أصلاً لا يطّلع كثيراً على تلك المرأة ولا يشاهدها بكثرة ، فهي ليست زوجته ، يعني هناك احتمال ضعيف جداً بأن يكون رآها وهي تَزنِي ،، ولذلك فإنه يستحق ثمانين جَلدة ، بتهمة قذْف المُحصَنات ، طالما ليس عنده دليل صريح ، لأن الأصل هو أن نعتبِر جميع النساء مُحصَنات إلى أن يَثبُت العكس بالدليل القاطع ، والقرأن يقول ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) .
لكن لو أن الزوج قام باتهام زوجته بأنها زانية بدون أن يقدم دليلاً صريحاً على كلامه ، فإنه سيكون معذور ، لأنه يراها بكثرة ، وهناك احتمال مُعتبر أن يكون فعلاً رآها وهي تزني ، لذلك فإنه لا يستحق الجَلْد ، والزوجة أيضاً لا تستحق العذاب في الدنيا ، يعني لا تستحق الرّجم لأنه لا يوجد دليل صريح على أنها زانية ،، لذلك فإن القاضي سيطلب من الزوج أن يحلف أربع مرّات بأنه فعلاً رأى الزوجة وهي تَزنِي ، وأنه يستحق اللعنة من الله لو كان يَكذب ،، ثم يطلب القاضي من الزوجة أن تحلف أربع مرّات بأنها بريئة ، وأنها تستحق الغضَب مِن الله لو كانت تَكذب ،، ثم بعد ذلك يقوم القاضي بالتفريق بين الزوج والزوجة ، يعني ينفصل الزوج عن زوجته بطريقة تُسمى ( المُلاعَنة ) أو ( اللِّعان ) ، والقرأن يقول ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) .
– يعني لو أن الزوج رأى زوجته أثناء الزنا بدون أن يكون معه شهود أو أدلة صريحة يقدمها للمحكمة ، فإن الإسلام ينصح ذلك الزوج بأن لا يقتل الزوجة ، بل الأفضل أن يذهب الزوج للمحكمة ويطلب التفريق والإنفصال عن الزوجة بطريقة ( اللِّعان ) ،، وبذلك يكون الإسلام قد حافظ على حياة الزوج من الإعدام .
وعندما ينصح الإسلام الزوج بعدم قتل الزوجة الزانية ، فهذا لا يعني أن الإسلام ينهى الزوج عن الغيرة ، بل يعني أن الإسلام يريد الحفاظ على حياة الزوج ، حتى لا يفقد حياته بسبب تلك الزانية .
لكن إذا لم يتحكم الزوج في أعصابه وقتَل زوجته الزانية ، فإن الله سيغفر لذلك الزوج يوم القيامة لأن الله يعلم الحقيقة ، لكن القاضي في الدنيا سيحكم على الزوج بالإعدام إذا لم يُقدم الزوج أدلة صريحة على أن الزوجة زانية ، وسوف يغفر الله للقاضي ، لأن القاضي معذور في إصدار حُكم الإعدام على الزوج .
– وقد يكون الزوج عنده غيرة شديدة جداً جداً ، ومع ذلك يكون أيضاً عنده قُدرة كبيرة جداً جداً على التحكم في أعصابه بحيث لا يقتل زوجته الزانية ،، بل يذهب إلى القاضي لِكي ينفصل عن زوجته بطريقة ( اللِّعان ) إذا لم يكن معه دليل صريح يقدمه للقاضي ،، يعني في هذه الحالة لا يصح أن نتهم ذلك الزوج بأنه قليل الغيرة .
– عندما نزلت الآية التي تطالب الزوج القاتل بأن يقدم أربعة شهود لِكي يُثبت أن الزوجة كانت فعلاً زانية ، فإن سيدنا سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ اعترف بأن تلك الآية هي وحي من الله ، وقال ( والله – يا رسول الله – إني لَأَعلم أنها حق وأنها مِن الله ) ،، ولكنه اعترَف أيضاً بأنه سيقتل مَن يزني بزوجته حتى بدون أن يأتي بأربعة شهود ، لأنه لا يستطيع التحكم في أعصابه ، وقال ( لو رَأَيْتُ رَجُلًا مع امْرَأَتي لَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عنْه ) يعني هو سيفعل ذلك حتى لو كان مصيره الإعدام ،، لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أراد أن يوضح للناس أن تلك الآية لا تتعارض مع الغيرة ، يعني الشخص الذي يلجأ للقضاء ويمتنع عن قتل زوجته الزانية إذا لم يكن بجانبه شهود ، فهو أيضاً شخص عنده غيرة ،، ولذلك قال النبي ( أَتَعْجَبُونَ مِن غَيْرَةِ سَعْدٍ ! ! فَوَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ منه ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ،، مِن أَجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ ، ما ظَهَرَ منها وَما بَطَنَ ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللهِ ، مِن أَجْلِ ذلكَ بَعَثَ اللَّهُ المُرْسَلِينَ ، مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللهِ ، مِن أَجْلِ ذلكَ وَعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ ) .
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )