[ الرَّد على المجموعة الأولى من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة انتشار الإسلام بِحدّ السيف ، ودفْع الجِزْية ، وقتْل يهود بني قُريظة ، وحُكْم قتل المُرتَدّ :
* لا يصح أن نُصدر فتوي بناءاً علي آية واحدة أو حديث واحد بدون أن نأخذ في اعتبارنا بقية الأيات والأحاديث ، لأن هناك فرق بين الحديث وبين الدليل .
مثال : هناك حديث صحيح في البخاري يقول ( الغُسْلُ يَومَ الجُمُعَةِ واجِبٌ علَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ) يعني على من بلَغ سِنّ الإحتلام ، حتى لو لم يحدث إحتلام يوم الجمعة .
وهذا الحديث الصحيح ليس دليل علي وجوب الغسل يوم الجمعة ، لأن جمهور فقهاء السلَف الصالح قالوا بأن غُسل الجمعة مُستحَب وليس واجب ، وذلك بناءاً علي بقية كلام وأفعال النبي – صلي الله عليه وسلم – ،، وفسّروا كلمة ( واجب ) التي قالها النبي بأنها كِناية عن أهمية الغُسل لا عن وجوبه ، كما تقول مثلاً ( يا فلان ، زيارتك واجبة علينا ) فهذا كِناية عن أهمية الزيارة وليس عن وجوبها .
– النبي صلي الله عليه وسلم يقول ( أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ ، ) ،، وكلمة ( الناس ) المذكورة في هذا الحديث لا تقصد ( كل الناس ) بل تقصد ( مجموعة من الناس ) ،، لأن كلمة ( الناس ) لها أكثر من استخدام .
مثال : القرأن يقول ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) يعني المسلمون قالت لهم مجموعة من الناس إن مجموعة أخرى من الناس قد جمعوا لكم الجيوش ليحاربوكم فاخشوهم .
وكلمة ( الناس ) التي قالها النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث يقصد بها مجموعة مُعيّنة من الناس ، وهُم الكفار المُحارِبين ، وأيضاً الكفار الذين يضعون الأصنام حول الكعبة ، لأن النبي لو سمح لهم بالبقاء على دينهم ، فسوف يستمر وجود تلك الأصنام في الأماكن المقدسة ، وهذا غير مقبول ،، فإن الكعبة بناها النبي إبراهيم ، وهو كان على عقيدة التوحيد ، والنبي محمد أيضاً على عقيدة التوحيد ،، ولذلك وجَب على النبي محمد أن يُزيل الأصنام من حول الكعبة ، بحيث تَرجع الكعبة كما كانت في عهد النبي إبراهيم .
ولو كان ذلك الحديث على إطلاقه ، لَمَا سمح النبي لغير المسلم بأن يَبقي على دينه ويدفع الجِزية .
لكن الحديث لا يقصد ( جميع الناس ) ، بدليل أن الإسلام يسمح لغير المسلم بأن يبقي على دينه ويدفع الجزية .
والجزية يدفعها غير المسلم مقابل عدم خدمته في الجيش ،، فإذا خدم في الجيش ، تسقط عنه الجزية .
ونلاحظ أن الإسلام كان يعفي الفقراء وغير القادرين من دفع الجزية .
– والنبي صلي الله عليه وسلم يقول ( مَن بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) ،، وهذا الحديث أيضاً ليس على إطلاقه ، لأنه لو كان على إطلاقه ، لَشَمل الخارجين من الإسلام والداخلين في الإسلام على السواء ،، لأن الشخص الذي يدخل في الإسلام فهو بذلك يُبدّل دينه السابق ، يعني يترك دينه السابق ويدخل في الإسلام .
وطبعاً النبي لا يقتل من يدخل في الإسلام .
مما يدل على أن هذا الحديث لا يقصد كل من بدّلوا دينهم ، بل يقصد الشخص المُرتَدّ الذي ترك الإسلام وبدأ يشتم ويهاجم الإسلام ويصف الإسلام بأوصاف سيئة ، لأن الناس سوف يُصدّقون كلامه باعتبار أنه كان مسلم سابق ويعرف حقيقة الإسلام ، يعني هو يستغل الفترة التي كان فيها مسلم لكي يَبنِي مصداقية عند الناس وبالتالي يَثِقوا في كلامه حتى لو كان يكذب ويفتري على الإسلام ،، ولذلك يتم قتله بتهمة الخيانة العُظمى وليس بتهمة ترك الإسلام .
والنبي صلي الله عليه وسلم لم يطبق حَدّ الرِّدّة على كل من ترك الإسلام ، بدليل أن هناك أشخاص تركوا الإسلام في عهد النبي صلي الله عليه وسلم ، ومع ذلك لم يأمر النبي بِقتلِهم ، ومنهم ذلك الأعرابي الذي أسلم ثم ترك الإسلام وقال للنبي ( أَقِلْنِي بَيْعَتِي ) ، ومع ذلك فإن النبي لم يأمر بقتله .
يعني حد الرّدة يتم تطبيقه فقط إذا قام المُرتَد بِفِعل أشياء تدل على الخيانة العظمى ، لكن المرتد المُسالِم لا يتم قتله ، لأن القرأن يقول ( فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) يعني الله سيحاسبه في الآخرة ، ويُدخله جهنم .
وحَدّ الرّدة يتم تطبيقه بأمْر من حاكم الدولة ، وليس بأمر من الأشخاص المدنيّين ،، وإذا لم يقم الحاكم بإصدار الأمر ، فلا يصح أن يقوم المدنيون بتطبيق الحد ، لأنهم لو فعلوا ذلك فسوف تحدث فوضى في البلاد ، ويكون الضرر على المجتمع أكبر من ضرر تعطيل الحد .
– والإسلام يأمرني أن أجعل العبرة في علاقتي مع الأخرين بالمعاملة وليس بالدين ،،
يعني لو أن الشخص يعاملني بالحُسنى ، فيجب أن أُعامله بالحسنى ، حتى لو كان هذا الشخص غير مسلم .
ولو أن الشخص يحاربني ، فيجب أن أحاربه ، حتى لو كان هذا الشخص مسلم .
وإذا كان الكافر يعاملني بالحسني ، فيجب أن أعامله بالحسني ، لكن بدون أن أحبه ، لأن القرأن يقول ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ ) .
– وعندما تقرأ تفاصيل الغزوات التي قام بها النبي والمسلمون من بعده ، ستعرف أن سببها كان الدفاع عن النفس ، أو الدفاع عن تبليغ الدعوة ،، يعني كان النبي يريد أن يبلغ شعوب البلاد الأُخرى بدين الإسلام ويترك لهم حرية الإختيار ، لكن حُكّام هذه البلاد كانوا يرفضون أن يسمع شعبهم عن دعوة الإسلام أصلاً ،، لذلك كان المسلمون يحاربون جيش ذلك الحاكم ، ليدافعوا عن حرية شعبه في اختيار الدين .
– وبالنسبة ليهود ( بني قُريظة ) فقد كانت بينهم وبين النبي معاهدة دفاع مشترك ،، لكن اليهود نقضوا العهد وذهبوا إلى كفار قريش في السّرّ وحرّضوهم على محاربة المسلمين بحيث يهجم اليهود وكفار قريش وبقية الأحزاب على المسلمين فجأة وفي وقت واحد ،، لذلك قام النبي بمعاقبة اليهود بتهمة ( الخيانة العُظمى في وقت الحرب ) ، وقَتل النبي من هؤلاء الخائنين الرجال والشباب الذين بلَغوا الحُلُم ، يعني قتل فقط من هو قادر على حمل السلاح ، وقتل امرأة واحدة لأنها ألقت حجراً كبيراً على أحد المسلمين فمات ،، وترك النبي بقية النساء والأطفال ولم يقتلهم .
– ونلاحظ أن جميع الأشخاص الذين يزعمون أن الإسلام انتشر بِحَدّ السيف ، لا يعرفون تفاصيل غزوات المسلمين أصلاً ،، مما يدل على أن هؤلاء الأشخاص تفكيرهم مقلوب .
يعني كل الأشخاص الذين ينتقدون الإسلام تفكيرهم مقلوب ، بدليل أن أحدهم مُلحد يُنكر وجود الله ويظن أن الكون خلق نفسه بنفسه ،، وأحدهم يتّبع عقيدة ( التّثليث والتوليد ) ويظن أن إلهه يلد نفسه ولادة رُوحية ،، وأحدهم يعبد البقر
– انظر أيضاً [ الرّد على شُبهة وجود العبيد والجواري في الإسلام ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )