[ الرَّد على المجموعة الأولى من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة قيام النبي بشُرب النّبيذ ، وحديث ( خَمِّرُوا الآنِيَةَ ، … ) :
* نَبَذَ يعني تَرَكَ ،، والنّبيذ هو الشراب المتروك في الإناء لفترة من الوقت ،، وإذا كان متروك لفترة قصيرة فإنه يُصبح شراب منقوع مثل التّمْر المنقوع الذي نشربه في رمضان ، والكركديه المنقوع الذي يشربه مريض الضغط ،، لكن إذا كان الشراب متروك في الإناء أو الوِعاء لفترة طويلة فإنه يَتحوّل إلى حَدّ الإسكار ويُصبح مُسْكِر يعني خمْر .
– في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم كان الشراب المنقوع لفترة قصيرة يُسمّى ( نبيذ ) ، وكان هناك فرق بينه وبين الخمر ، بدليل أن العرب كان يسألون عن حُكْم الخمر ثم بعد ذلك يسألون عن حُكْم النبيذ ، يعني كانوا يعتبروهما شيئين مختلفَين وليس شيئاً واحداً .
– وكان النبي يسمح بوضع النبيذ في ( سِقاء ) وهو القِربة المصنوعة من الجُلود ، ويَنهَى عن وضع النبيذ في ( الحنتم والنقير والدُّبّاء ) وهي أواني وأوعية مصنوعة من الطين وجذوع النخل والقَرع بالترتيب .
لكن النبي بعد ذلك سمح لهم بوضع النبيذ في كل الأواني والأوعية بِشرط أن يشربوه قبل أن يَتحوّل إلى مُسْكِر .
لذلك كان النبي يأمر بإهراق النبيذ إذا تَحَوّل إلى مُسْكِر ، يعني كان يُفْرغ الإناء ويجعل النبيذ يَسِيل على الأرض .
وهذه هي الأدلّة :
– هناك حديث صحيح رواه الإمام مُسلم عن السيدة عائشة تقول ( كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في سِقَاءٍ يُوكَى أَعْلَاهُ وَلَهُ عَزْلَاءُ ، نَنْبِذُهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً ، وَنَنْبِذُهُ عِشَاءً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً . ) والوكاء هو الخيط الذي يقفل فتحة القِربة ، والغُدْوَةً هي فترة الصباح ،، يعني كانوا يَنقعُوا الشراب في الليل ويشربه النبي في الصباح ،، وأحياناً ينقعوه في الصباح لِكَي يشربه النبي بالليل .
– هناك حديث صحيح رواه الإمام مُسلم يقول ( سَأَلَ قَوْمٌ ابْنَ عَبَّاسٍ عن بَيْعِ الخَمْرِ وَشِرَائِهَا وَالتِّجَارَةِ فِيهَا ، فَقالَ : أَمُسْلِمُونَ أَنْتُمْ ؟ قالوا : نَعَمْ ، قالَ : فإنَّه لا يَصْلُحُ بَيْعُهَا ، وَلَا شِرَاؤُهَا ، وَلَا التِّجَارَةُ فِيهَا ، قالَ : فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيذِ ، فَقالَ : خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ نَبَذَ نَاسٌ مِن أَصْحَابِهِ في حَنَاتِمَ وَنَقِيرٍ وَدُبَّاءٍ ، فأمَرَ به فَأُهْرِيقَ ، ثُمَّ أَمَرَ بسِقَاءٍ فَجُعِلَ فيه زَبِيبٌ وَمَاءٌ ، فَجُعِلَ مِنَ اللَّيْلِ فأصْبَحَ ، فَشَرِبَ منه يَومَهُ ذلكَ وَلَيْلَتَهُ المُسْتَقْبَلَةَ ، وَمِنَ الغَدِ حتَّى أَمْسَى ، فَشَرِبَ وَسَقَى ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ بما بَقِيَ منه فَأُهْرِيقَ . )
– هناك حديث صحيح رواه الإمام مُسلم بأن النبي قال ( نَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلاَّ فِي سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِي الأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلاَ تَشْرَبُوا مُسْكِرًا ) .
** أما بالنسبة لكلمة ( خمْر ) فهي معناها ( الغِطاء ) ،، ولذلك فإن الخَمْر هي ( غِطاء العقل ) ، والخِمار هو ( قماش يغطي رأس المرأة ، وأيضاً هو عِمامة الرجُل ) ،، ولقد كان النبي ينصح الصحابة بأن يُخمّروا الأواني ، يعني يغطوها ولا يتركوها مفتوحة ، لأن الإناء المفتوح قد يدخله حشرات وفئران وزواحف وغيرها من الأشياء المؤذية ،، لكن النبي لم يقصد أن يتم تحويل محتوي الأواني لخمرة مُسكرة كما يزعم الأغبياء .
وهذه هي الأدلة :
– هناك حديث صحيح رواه البخاري يقول ( جَاءَ أبو حُمَيْدٍ بقَدَحٍ مِن لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ ، فَقالَ له رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ألَّا خَمَّرْتَهُ ، ولو أنْ تَعْرُضَ عليه عُودًا . ) والنقيع المقصود هنا هو مكان في وادي العقيق ،، ونلاحظ أن النبي نصح الصحابي بأن يضع على الإناء عُود خشبي بالعرض إذا لم يجد غطاء كامل لفتحة الإناء .
– وهناك حديث أخر في صحيح أبي داوود يقول ( كُنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فَاسْتَسْقَى ، فقال رجلٌ مِنَ القومِ : ألا نَسْقِيكَ نَبيذًا ؟ قال : بلى . قال : فَخَرَجَ الرجلُ يَشْتَدُّ فَجاء بِقَدَحٍ فيهِ نَبيذٌ ، فقال النبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ألا خَمَّرْتَهُ ، ولَوْ أنْ تَعْرِضَ عليهِ عُودًا ) .
– وهذا حديث صحيح رواه البخاري أيضاً يوضح المعنى أكثر ( خَمِّرُوا الآنِيَةَ ، وأَجِيفُوا الأبْوابَ ، وأَطْفِئُوا المَصابِيحَ ، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّما جَرَّتِ الفَتِيلَةَ فأحْرَقَتْ أهْلَ البَيْتِ . ) وهنا النبي ينصحنا قبل أن ننام لِكي نغطي الأواني ونقفل الأبواب ونطفيء المصابيح ( الشموع ) ، لأن الفويسقة ( الفأرة ) ربما تحرك الشمع وتحرق البيت بينما نحن نائمون .
– وهذا حديث صحيح رواه مسلم يوضح المعنى أكثر ( غَطُّوا الإناءَ ، وأَوْكُوا السِّقاءَ ، وأَغْلِقُوا البابَ ، وأَطْفِئُوا السِّراجَ ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَحُلُّ سِقاءً ، ولا يَفْتَحُ بابًا ، ولا يَكْشِفُ إناءً ، فإنْ لَمْ يَجِدْ أحَدُكُمْ إلَّا أنْ يَعْرُضَ علَى إنائِهِ عُودًا ، ويَذْكُرَ اسْمَ اللهِ ، فَلْيَفْعَلْ ؛ فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ علَى أهْلِ البَيْتِ بَيْتَهُمْ )
– ولِكي تفهم سبب اختلاف ألفاظ روايات الأحاديث انظر ⇐ [ الرّد على الأشخاص الذين يهملون جزء من كلام النبي ويزعمون أنهم يعرفون معنى كلام النبي أكثر من النبي نفسه ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )