[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على من يَزعُمون بأن سيدنا ( خالد بن الوليد ) سفّاح :
– يجب أن تَعرف الفرق بين كُتُب السِّيرة مثل كتاب ( البداية والنهاية ) وبين كُتُب الحديث مثل كتاب ( صحيح البخاري ) ،، لأن عُلماء السيرة يقومون بتجميع القصص المشهورة بين الناس ، سواء كانت تلك القصص صحيحة أو محرّفة ،، وهذا ليس عيب في علماء السيرة ، لأن هؤلاء العلماء أنفسهم لا يجزمون بصحة كل الروايات التي يجمعونها من الناس ، بل هم يَعلمون أن وظيفتهم هي فقط تجميع القصص المشهورة بين الناس ، ثم بعد ذلك يقوم علماء الحديث بالنظر في سَنَد ومَتن كل رواية ، بحيث يُفرّقوا بين الروايات الصحيحة والرويات الضعيفة والموضوعة .
و السّنَد هُم الأشخاص الذين قاموا برواية الحديث ( فُلان عن فُلان عن فُلان ) ،، و المَتن هو نَص الحديث ، يعني الكلام الذي تمت روايته بواسطة فلان عن فلان عن فلان .
ونلاحظ أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحتوي على عِلمٍ كامل يُسمى ( عِلم الحديث ) ومن ضِمن فروعه ( عِلم الجَرح والتعديل ) أو ( عِلم الرّجال ) الذي يختص بدراسة رِجال الحديث الذين يروون كل حديث ، بحيث نَعرف تاريخ كل رجُل من هؤلاء الرجال ، لكي نُفرّق بين الرجل الصادق والرجل الكاذب قبل أن نعترف بالحديث .
ولذلك لم يحدث تحريف للإسلام ، لأننا نعرف الفرق بين الحديث الصحيح والضعيف ، على عكس بقية الأديان الأخرى مثل أصحاب عقيدة ( التثليث والتوليد ) الذين لا يُفرقون بين الكلام الصحيح والكلام الكاذب ، ويُصدّقون أي شخص بدون تفكير ، لدرجة أنهم صدّقوا ذلك الشخص الذي قال لهم أن الإله يُولَد ويَرضع ويتم صَلْبه ويموت .
* سؤال : لماذا يَذكُر علماء السيرة القصص التي تُسِيء إلى الصحابة ؟
* الجواب : علماء السيرة وظيفتهم تسجيل كل القصص التي يتناقلها الناس بدون أن يحذفوا أي شيء من القصص ، وهذا يدل على الأمانة العلمية ، حتى لا يقال أن الإسلام يحتوي على أسرار مثل بقية الأديان الأخرى .
ولو قام علماء السيرة بحذف بعض الروايات ، فربما يحذفون بعض الروايات الصحيحة بدون قصد ، وهذا قد يؤدي إلى نقص في معرفة حقيقة الإسلام ، ونحن نريد معرفة حقيقة الإسلام بدون زيادة أو نقصان ،، ولذلك يقوم علماء السيرة بتسجيل كل الروايات لكي يمنعوا النقص في معرفة تاريخ الإسلام ،، ثم بعد ذلك يقوم علماء الحديث باستبعاد الروايات الضعيفة والموضوعة لكي يمنعوا الزيادات الكاذبة في تاريخ الإسلام ،، وبذلك نضمن أن نعرف حقيقة الإسلام بلا زيادة أو نقصان .
– سيدنا ( خالد بن الوليد ) كان يحارب المُرتدّين ، ويأخذ منهم أَسرَى ، وكان ( مالِك بن نُوَيرة ) مِن ضِمن هؤلاء الأسرى ، فقتله جنود ( خالد بن الوليد ) ،، ثم بدأ الناس يتناقلون فيما بينهم قصة مقتل ( مالِك بن نُوَيرة ) ، ويَخترعون تفاصيل كثيرة وغير منطقية في تلك القصة ، فقام علماء السيرة بتسجيل كل الروايات الخاصة بتلك القصة ، ولذلك فإن الإمام ( ابن كثير ) ذكَر رويات مختلفة عن تلك القصة في نفس الكتاب وهو كتاب ( البداية والنهاية ) وهو كتاب ضخم مِن كُتب السيرة ، ومِن ضِمن تلك الروايات هناك رواية تقول أن سيدنا ( خالد بن الوليد ) قطع رأس الأسير ( مالِك بن نُوَيرة ) لكي يتزوج بامرأته الجميلة بعد ذلك ، والرواية تقول أن خالد أشعَل النار في رأس ( مالِك بن نُوَيرة ) ووضع الرأس تحت قِدر به لَحم لكي يَطبُخ الطعام باستخدام النار المشتعلة في شَعر الرأس ، والرواية فيها هذه الجملة ( إنّ شَعر مالِك جعلَت النار تَعمل فيه إلى أن نضج لحم القِدر ، ولم يَفرُغ الشَّعر لِكَثرته ) ،، ولكننا نَعرِف أن الشَّعر سريع الإشتعال ، يعني ينتهي في ثواني قليلة وليس في فترة تَسمح بنضوج اللحم ، مما يدل على كَذِب تلك الرواية ،، والإمام ( ابن كثير ) ذكر هذه الرواية ليُحذّرنا مِن تصديقها ، مع ملاحظة أن ( ابن كثير ) هو من علماء الحديث والسيرة ، لكن كتاب ( البداية والنهاية ) هو من كُتُب السيرة وليس مِن كُتُب الحديث .
والجنود قتلوا ( مالِك بن نُوَيرة ) عن طريق الخطأ ، لأن الطقس كان بارد جداً ، فأمر خالد جنوده بتدفئة الأسرى وقال ( أَدفِئُوا أَسراكُم ) لكن الجنود فهموها ( اقتلوا أسراكم ) لأن كلمة ( الدفء ) تعني ( القتل ) في لهجات بعض القبائل العربية ،، وهذا هو ( القتل الخطأ ) ، وهو وارد جداً في الحروب ، بدليل أن المسلمين في غزوة ( أُحُد ) قتلوا عن طريق الخطأ صَحابِي مسلم اسمه ( اليَمان ) وهو والد الصحابي ( حُذيفة بن اليمان ) .
– وهناك رواية تقول بأن خالد تزوج امرأة ( مالِك بن نُوَيرة ) بعد انقضاء العِدّة ، ولو افترضنا أن هذه الرواية صحيحة ، فهي ليست دليل على أن خالد تَعمّد قتل ( مالِك بن نُوَيرة ) من أجل امرأته ، بل هي دليل على أن خالد أراد أن يُعوّض زوجة القتيل لكي تتزوج أميراً آخَر بعد وفاة زوجها الذي كان أميراً على قومه ،، مثلما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم عندما تزوج السيدة ( صَفيّة بنت حُيَيّ بن أَخطَب ) ، وقد كانت قبل ذلك متزوجة من أحد زعماء اليهود ، لكن اليهود نقضوا العهد مع المسلمين وحاربوهم ، فانتصر المسلمون وقتلوا زوجها في الحرب وأخذوها أسيرة ، لكن النبي أعطاها حرية الإختيار بين الرجوع إلى قومها وبين البقاء مع المسلمين ، فرفضَت الرجوع إلى قومها واختارت الدخول في الإسلام ، فتزوجها النبي لكي يُعوّضها عن فقدان أهلها ويجعلها تعيش مع نبي المسلمين بعد أن كانت تعيش مع زعيم اليهود .
– والسيدة ( صَفيّة بنت حُيَيّ بن أَخطَب ) كانت جميلة ، لكن هذا ليس السبب الرئيسي الذي جعل النبي يتزوجها ، فإن النبي كان سيتزوجها حتى لو لم تكن جميلة ، لِكي يعوضها عن فقدان أهلها الزعماء .
ولم يسمح النبي أن يتزوجها أحد من الصحابة حتى لا تَحدُث غيرة من بقية الصحابة إذا عرفوا أن صحابي آخر قد تزوج بنت زعيم اليهود .
والسيدة عائشة كانت أجمل نساء النبي ، لأن الله خلقها مخصوص للنبي ، بدليل أنها لم تتزوج قبل النبي ، ولم يتزوج النبي بِكراً غيرها ،، لكن مع ذلك فإنها كانت تَغار على النبي من بقية النساء ، لأنها كانت تُحب النبي ، وأيضاً كانت بقية زوجات النبي يُحبونه ، لكن السيدة عائشة كانت أكثر واحدة تُظهر الغيرة على النبي ، لأنها تَعلم أن النبي سيتحمل تصرفاتها ، لأنه يحبها أكثر من بقية زوجاته ،، ولذلك كان النبي يَقسم النفقة والمعاشرة على زوجاته بالتساوي ، لكنه لا يَقسم قلبه بينهم بالتساوي ، لأن ميل القلب ليس بإرادته ، وتَروِي السيدة عائشة أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَقسِمُ بين نسائهِ فيَعدِلُ ويقولُ ( اللَّهمَّ هذا قسمي فيما أَمْلِكُ ، فلا تَلُمْني فيما تَمْلِكُ ولا أَمْلِكُ ) .
وزواج النبي من السيدة ( صفية ) هو في حد ذاته دليل على صِدق نُبُوّته ، لأنه لو لم يكن نبِياً ، فإنه كان سيخاف أن تنتقم لأهلها وتغدر به وتقتله أثناء نومه ، ومعروف أن الغدر مِن صفات اليهود ، لكن الله أَوْحَي إليه أنها مؤمنة صادقة ولن تغدر به .
وطبعاً ليس من المعقول أن نظن أن النبي خاض تلك الحرب مخصوص لِكَي يتزوج السيدة ( صفية ) .
وهناك فرق بين ( صَفيّة بنت حُيَيّ بن أَخطَب ) وبين ( صفية بنت عبد المطلب ) عَمّة النبي .
– وذات مرة كان ( خالد بن الوليد ) قائد الجيش الذي يحارب بني جذيمة ، فأراد بنو جذيمة أن يدخلوا في الإسلام لكنهم لم يقولوا ( أسلَمْنا ) ، بل قالوا بالخطأ (صَبَأْنَا ، صَبَأْنَا ) ، ودين ( الصابئة ) مختلف عن دين الإسلام ، فظن خالد أنهم يرفضون الإسلام ، واستمر خالد في محاربتهم وقتالهم ، و لَمّا علم النبي بذلك قال ( اللَّهُمَّ إنِّي أبْرَأُ إلَيْكَ ممَّا صَنَعَ خَالِد ) ، يعني النبي لم يتبرأ من خالد ، لكنه تَبرأ من فِعل خالد ، وخالد نَفْسه تبرأ من فِعله وهو ( القتل الخطأ ) .
– يعني خالد لم يكن سفّاح كما يزعم الأغبياء ، بل كان سيف الله المسلول ، الذي هَزَم المُرتدّين و الفُرس و الروم ،، ولذلك فإن أَتباع هؤلاء الثلاثة لا يزالون يكرهون خالد حتى اليوم ويتهموه بأنه سفّاح ، كَما سأوضح لكم :
1- المُرتدّون هم المنافقون الذين كانوا يُظهرون الإسلام ويُخفُون الكُفر في عهد النبي ، ثم بعد وفاة النبي ظن هؤلاء الأشرار أن الإسلام أصبح ضعيفاً ، ولذلك تَجرّأُوا وارتَدّوا عن الإسلام وأعلَنوا الكفر ، لكن خالد حاربهم وانتصر عليهم ، لذلك رجعوا إلى النفاق مرة أخرى ، يعني أعلَنوا أنهم مسلمون ، بينما قلوبهم كافرة ،، وفي عصرنا الحالي فإن المنافقين أصبحوا يُسمون أنفسهم ( علمانيون ) ، و يقولون أنهم يؤمنون بالقرأن فقط ، ويُنكرون السُّنّة النبوية ، بينما في الحقيقة هم يُنكرون القرأن والسّنّة معاً ، ويريدون أن يُفسروا القرأن على مزاجهم ، لكي يُحرّفوا الشريعة ويفعلوا ما يَحلو لهم ، يعني مثلاً هُم ينكرون الحجاب ويطالبون بإعطاء الحرية للمرأة لِكي تخلع ملابسها أمام الناس كما تريد .
ولذلك هُم يكرهون الصحابة والفقهاء الذين نشروا الشريعة .
2- الفُرس هُم المَجوس الذين يعبدون النار ، وإمبراطورية فارس كانت أعظم دولة في العالم بعد إمبراطورية الروم ، ولذلك أراد الفُرس أن يحاربوا الدولة الإسلامية الناشئة ، خصوصاً أن أَعدادهم أكبر بكثير من أَعداد المسلمين ، لكن خالد بن الوليد انتصر على الفُرس المجوس ، فأعلَنوا أنهم دخلوا في الإسلام ، بينما قلوبهم كافرة ، وبعد فترة أصبحوا يُسمون أنفسهم ( شِيعة ) ، ويقولون أنهم يُحبّون ( عليّ بن أبي طالب ) ويشتمون السيدة عائشة وبقية الصحابة ، بينما في الحقيقة هم يكرهون كل الصحابة ، ويكرهون الإسلام الذي هزم دولتهم الفارسية المجوسية .
3- الروم هم أصحاب عقيدة ( التثليث والتوليد ) الذين يعبدون المسيح ويزعمون أنه ابن الله ،، وإمبراطورية الروم كانت أعظم دولة في العالم ، وأَعدادهم أَضعاف أَضعاف أعداد المسلمين ، وأرادوا أيضاً أن يَقضوا على الدولة الإسلامية ، لكن خالد بن الوليد انتصر عليهم في معركة اليَرمُوك ، وقد كانت فضيحة كبيرة للروم ، ولذلك فإن أصحاب عقيدة ( التثليث والتوليد ) لا يزالون يكرهون خالد بن الوليد وكل الصحابة الذين نشروا الإسلام .
* سيدنا خالد كان ينتصر في جميع الحروب ، ولم يتعرض للهزيمة أبداً ، لذلك ظن بعض المسلمين أن النصر يحدث فقط مع خالد ، وأنه لو مات خالد فإن المسلمين لن ينتصروا بعد ذلك أبداً ،، وهذا جعل سيدنا عُمَر بن الخطاب يَخشَى على جيش المسلمين ، فربما يَفقد المسلمون عزيمة الجهاد إذا مات خالد فجأة ، وربما يظن الكفار أن المسلمين عاجزون عن القتال بدون خالد ويتجرأ الكفار على المسلمين مرة أخرى إذا مات خالد ،، لذلك قام سيدنا عُمر بعزل سيدنا خالد من الجيش ، لِكي يُثبت للمسلمين والكفار معاً بأن الله ينصر المسلمين حتى بدون خالد ،، وفعلاً بعد ذلك انتصَر المسلمون على الكفار بدون خالد .
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )