[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة آية ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ ) ،، وتوضيح الناسخ والمنسوخ والكِناية وإصدار فِعل أمْر بواسطة جُملة خبَرية :
* في البداية يجب أن نعرف أن اللغة العربية تسمح للمتكلم أن يُصدر فِعل أمر بواسطة جُملة خبَرية ،، مثال :
عندما يقول القائد العسكري لجنوده ( أيها الجنود إن الهجوم على العدُوّ سيكون في الصباح ) فهذا يعني أن القائد يأمر جنوده أن يهجموا على العدُو في الصباح ، مع أن القائد لم يقل كلمة ( اهجموا ) ، لكننا عرفنا من سياق الكلام أن القائد يقصد تلك الكلمة .
* القرأن يقول ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ،، وهنا نلاحظ أن الآية لا تحتوي على كلمة ( اهجموا ) ،، لكن سياق الكلام يدل على أن الله يقصد تلك الكلمة ، بدليل أن الله يأمر النبي بتحريض المؤمنين على القتال ، يعني يجب على النبي أن يقول للمؤمنين ( اهجموا ) حتى لو كان المسلم الواحد أمامه عشرة من الكفار .
يعني الله يقول للنبي وللمسلمين ( اهجموا على الكفار حتى لو كان عدد الكفار أكبر من عددكم 10 مرّات ) .
وهذا يدل على أن تلك الآية جاءت في صيغة جُملة خبَرية ، لكن المقصود منها هو ( فِعل أمر ) ،، وهذا متوافق مع قواعد اللغة العربية .
لكن المسلمين خافوا عندما نزلت تلك الآية ، وقالوا أن هذا الإمتحان يحتاج إلى عزيمة قوية ، وخافوا أن يفشلوا في تنفيذ أوامر الله ، ولذلك بدأ المسلمون يعترفون أنهم ضعفاء أمام هذا الإمتحان ، وطلبوا من الله أن يخفف عنهم ذلك الإمتحان ،، ولذلك فإن الله تفضل على المسلمين بتخفيف الأوامر السابقة ، وأَنزَل الله أوامر جديدة ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ ) ،، يعني الله يأمر المسلمين أن يهجموا على الكفار حتى لو كان المسلم الواحد أمامه اثنان من الكفار ، ولن يكون المسلمون معذورين أمام الله إذا رفضوا الهجوم وكان عدد الكفار أكبر من عدد المسلمين بِمرّتين .
– سؤال : هل الأوامر السابقة الصادرة من الله كانت أكبر من طاقة المسلمين ؟
– الجواب : الله لا يُصدر أوامر أكبر من طاقة الإنسان ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) .
– سؤال : لكن الآية تقول ( وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ ) فهل هذا يعني أن طاقة المسلمين ضعيفة بالنسبة للأوامر السابقة ؟
– الجواب : هذا الضعف موجود في العزيمة وليس في الطاقة ،، يعني طاقة المسلمين تسمح لهم بتنفيذ تلك الأوامر السابقة ، لكن عزيمتهم ضعيفة بسبب وجود بعض الخوف من الحرب والموت ، لأن المسلمين لَيسوا معصومون من الذنوب والتقصير في العبادة ،، ولذلك طلب المسلمون من الله تخفيف تلك الأوامر لأن الأوامر الخفيفة يكون تنفيذها أسهل ، والمسلمون حريصون على تنفيذ أوامر الله لأنهم يُحبّون الله ويخافون منه في نفس الوقت .
مثال : هناك شخص عنده طاقة عضلية تجعله يستطيع حمل عشرين كيلوا جرام من القمح وينقلهم إلى الطابق الثالث مع الشعور ببعض التعب والألم ، لكنه لا ينقل ذلك القمح ، لأن هذا الشخص عزيمته ضعيفة لأنه يكره التعب والألم .
– سؤال : لماذا لم يُصدر الله الأوامر الخفيفة منذ البداية ، بدون أن يُصدر قبلها أوامر أصعب ؟
– الجواب : لأن الله يريد أن يخبر المسلمين أن الإسلام يستحق منهم تضحيات كبيرة ، وأن الله يرحم المسلمين ويخفف من عليهم جزء من التضحيات .
– سؤال : الآية تقول ( الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ ) فهل معنى ذلك أن الله لم يكن يعلم ضَعفهم قبل ذلك ؟
– الجواب : هذه الآية لا تقصد المعنى الحرفي للعلم الذي هو عكس الجهل ، بل هذه الآية هي كناية عن الجملة الآتية ( الآن خفف الله عنكم بعدما ثَبُت لكم أنكم ضُعفاء ولا تستغنون عن رحمة الله ) ،، بدليل أن القرأن يقول في آية أخرى أن الله يعلم بالأشياء التي حدثت والتي لم تحدث ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) ،،
مثال : تنصح الأم ابنها وتقول له ( البس الجاكيت لأن جسمك ضعيف ولا يتحمل البرد ) لكن الإبن يرفض ، ثم بعد فترة قصيرة يشعر فعلاً بالبرد الشديد ، ويقول لأمه ( أريد الجاكيت ) بصوت منخفض كناية عن الخجل بسبب مخالفته لنصيحة أمه ، فتقول له أمه ( الآن أنا أعرف بأن جسمك ضعيف وتشعر بالبرد ، ولذلك أنا سأعطيك الجاكيت ) ونلاحظ أن الأم قالت تلك الجملة وهي لا تقصدها بالمعنى الحَرفي ، بل تقصد بها الجملة الآتية ( طالما ثَبُتَ لك أنك فِعلاً ضعيف ، وطالما ظَهَر ضَعفُك أمام نفسك ، واعترفتَ بنفسك أن كلامي صحيح ، فسوف أعطف عليك وأعطيك الجاكيت ) ،، يعني الأم قالت جملة معيّنة كناية عن جُملة أخرى ، بدليل أن الأم منذ البداية تعرف أن ابنها جسمه ضعيف .
– انظر ⇐ [ الرّد على شُبهة سؤال الله للمخلوق مع أن الله يَعلم الإجابة ]
وانظر ⇐ [ الرّد على الأشخاص الذين يُفسّرون كل القرأن والأحاديث بالمعنى الحرفِي ويرفضون الكِناية ]
وانظر ⇐ [ الرّد على شُبهة مَعصية سيدنا أدم ، وعِصمة الأنبياء من الذنوب ، وزواج أولاد حوّاء من أخواتهم ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )