[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة آية ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) وآية ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) ،، والرّقية الشرعية ، وعدم استجابة الدعاء ، وتأثير الدعاء في تغيير الأقدار ، وتوضيح أشياء أخرى بخصوص الدعاء :
* سؤال : هل الدعاء يُغيّر القدَر المكتوب في اللوح المحفوظ ؟
* الجواب : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ( لا يَزيدُ في العُمرِ إلَّا البِرُّ ، ولا يَردُّ القدرَ إلَّا الدُّعاءُ ) ، معنى ذلك أن الإنسان إذا فعل أعمال البِرّ والتقوى فإن الله قد يزيد في عُمر هذا الإنسان ،، يعني مثلاً يكون مكتوباً في اللوح المحفوظ الجملة الآتية ( فُلان يعيش أربعين سَنة ، ثم بعد ذلك تنزل ملائكة الموت لتقبض روحه ، وقبل أن تَصِل الملائكة إلى الأرض يقوم فُلان بالتصدق على أحد الفقراء ، فترجع الملائكة مرّة أخرى إلى السماء مع تأجيل قبض روحه لمدة خمس سنوات ، وبعد هذه المدة تنزل الملائكة وتقبض روحه بالفعل ) ،، ونلاحظ أن الملائكة يُنفّذون الأوامر المكتوبة في اللوح المحفوظ ، ولكن الله لا يجعل الملائكة يقرأون جميع الأشياء المكتوبة في اللوح المحفوظ ، بل يجعلهم يقرأون فقرة صغيرة من المكتوب ، ثم بعد فترة يجعلهم يقرأون فقرة ثانية ، ثم بعد فترة يقرأون فقرة ثالثة ، وهكذا … ،، يعني مثلاً في البداية يقرأون الفقرة التي تقول ( فُلان يعيش أربعين سَنة ، ثم بعد ذلك تنزل ملائكة الموت لتقبض روحه ) ولذلك سوف تنزل الملائكة فعلاً لتقبض روحه ، ولكن قبل أن يَصِلوا إلى هذا الشخص فإن الله سيأمرهم بالرجوع وتأجيل الموت لمدة خمس سنوات ، ولذلك سوف ترجع الملائكة ،، وهنا نلاحظ أن أعمال البر والتقوى هي التي زادت في عُمر هذا الشخص ، وكل ذلك كان مكتوب بالفعل في اللوح المحفوظ .
وبالقياس على ذلك ، فقد يكون مكتوب في اللوح المحفوظ الجملة الآتية ( سوف يَنزل البلاء لِكَي يُصيب فُلان ، وقبل أن يَصل البلاء إلى الأرض سوف يدعو فُلان ربه بأن يمنع عنه البلاء ، وسوف يرتفع البلاء مرة أخرى عن فُلان بدون أن يُصيبه ) ولذلك سوف ينزل البلاء بالفعل من السماء ، ولكن فُلان سوف يدعو الله قبل أن يصل إليه البلاء ، ولذلك فإن الله سوف يأمر البلاء بأن يرجع مرة أخرى إلى السماء ،، يعني البلاء كان مكتوب بالفعل في اللوح المحفوظ ، ولكن كان مكتوب على هيئة نزول وليس إصابة ، بدليل أن البلاء نزل بالفعل ، لكن لم يُصِب ذلك الشخص ،، ونلاحظ أن الدعاء نفسه كان أيضاً مكتوب في اللوح المحفوظ ،، يعني البلاء كان قدَر ، والدعاء أيضاً كان قدَر ،، لكن البلاء كان قدَرٌ مُعلّق ، أمّا الدعاء فكان قدَرٌ نافِذ ،، يعني الدّعاء كان له السبْق على البلاء ، يعني الدعاء غلَب وسبَق البلاء ، يعني الدعاء غيّر البلاء ،، مع ملاحظة أن جميع تلك الأحداث قد كتبها الله بالفعل في اللوح المحفوظ ، يعني كلّها تُعتبَر مِن أقدار الله سبحانه وتعالى .
وأحياناً يكون مكتوب في اللوح المحفوظ الجملة الآتية ( سوف يَنزل البلاء لِكَي يُصيب فُلان ، وسوف يدعو فُلان ربه بأن يمنع عنه البلاء ، لكن البلاء نافِذ لا مَحالة ) ، يعني البلاء في هذه الحالة هو قدَر نافِذ وليس قدَر مُعلّق ، ولذلك سوف يُصيب الإنسان ، حتى لو كان هذا الإنسان يدعو ربه .
* سؤال : ما فائدة الدّعاء طالما أن هناك أقدار نافذة لن يمنعها الدّعاء ؟
* الجواب : أنت لا تعلم نوعية البلاء النازل عليك ، ولذلك يجب عليك أن تأخذ بالأحوَط وتدعو ربك ، فربما يكون البلاء من النوع المُعلّق الذي يتم رفعه بالدعاء .
وأنا شخصياً سوف أدعو ربي حتى لو عرفت أن البلاء النازل هو من النوع النافِذ ،، وذلك لأن الله يُعطي حسنات على الدعاء نفسه ، لأن الدعاء هو عبادة بحد ذاته ، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم ( الدُّعاءُ هوَ العبادةُ ) ،، وذلك لأن الدعاء يكون من الضعيف إلى القوي ، يعني عندما أدعو ربي فأنا بذلك أعترف بأنني ضعيف وأن الله هو القوي ، يعني أنا أُعلِن خضوعي لله سبحانه وتعالى ، و ( الله ) سوف يعطيني حسنات على هذا الإعلان إن شاء الله .
ونلاحظ أن الشخص الذي يرفض أن يدعو الله ، فإن هذا الشخص يرفض الإعتراف بأنه ضعيف ، يعني هذا الشخص يتكبر على الله ، ولذلك فإن الله يقول ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) .
* سؤال : الله يقول ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ ) ولكن أنا دعوت الله ولم يستجب لي ، فكيف ذلك ؟
* الجواب : إذا أنت طلبت شيئاً من الله ، وكنت تشترط على الله أن يستجيب لك ، ولم تُعلن خضوعك الكامل لمشيئته ،، فهذا لا يعتبر دعاء أصلاً ، بل هذا يُعتبر مُساوَمة ، يعني أنت بذلك ترفض أن تعبد الله إذا لم يحقق الله طلباتك ،، لكن الله يستحق أن تعبده حتى لو لم يحقق طلباتك ،، ولقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يطلب أشياء من الله بدون أن يشترط على الله تحقيق طلباته ، بل كان يرضى بجميع أقدار الله ، يعني كان النبي يحمد الله ويشكر الله سواء تحققت طلباته أو لم تتحقق ،، والإنسان عندما يطلب شيئاً مُعيّن مِن الله ، يكون هدفه الحصول على الخير مِن وراء هذا الشيء ، لكن الإنسان نفسه لا يعرف حقيقة هذا الشيء أصلاً ، يعني رُبّما يكون هذا الشيء فيه شر كبير والإنسان لا يدري ،، والقرأن يقول ( وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) ،، فإذا علِم الله أن هذا الشيء لن يجلب الخير ، فإن الله لن يحقق هذا الشئ ، بل سيحقق شيئاً أخر يجلب الخير للإنسان ، وتكون هذه هي الإستجابة مِن الله لِعبدِه .
* سؤال : الله يقول ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) ، ومع ذلك أحياناً نقرأ القرأن على المَرضَى ولا يتم شفاؤهم ، فكيف ذلك ؟
* الجواب : الموضوع ليس ميكانيكا ،، يعني القرأن ليس مثل الجهاز الكهربائي الذي تضغط على مفتاحه فيستجيب الجهاز ،،
وهناك فرق بين التّوكل والتّواكُل ،، فإن التوكل على الله يقتضي الدعاء مع محاولة الأخذ بالأسباب ، مثل أخذ الأدوية الطبية ،، لكن الرُّقية بدون محاولة الأخذ بالأسباب تُعتبر تَواكُل وليس توكُّل ، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يدعو الله ويحاول الأخذ بالأسباب ، ولا يشترط النبي على الله أن يستجيب له ، بل كان يرضى بأي نتيجة .
– انظر ⇐ [ الرّد على من يصِفُون أفعال الله بأنها عَبَثْ ،، وإثبات أن الله رحيم حتى لو عذّب المخلوق ]
وانظر ⇐ [ الإجابة عن سؤال : هل الإنسان مُسيَّر أم مُخيَّر ؟ ]
وانظر ⇐ [ مفهوم خاطيء بخصوص السِّحر و الجن و الحسَد ، وإصابة النبي بالسِّحر و النسيان ]
( * ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي للمقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )