[ المجموعة الأولى من المفاهيم الخاطئة : ] ⇐ مفهوم خاطيء بخصوص البِدعة وحُكْم الإحتفال بالمَولد النّبوي ، والتّوَسُل بالنبي ، والتحذير من الإِفْراط والتّفريط ، وتوضيح مقصد الشيخ الشعراوي في الجهر بـ ( الصلاة على النبي ) بعد الأذان :
* المفهوم الخاطيء : الإحتفال بالمَولد النّبوي و التّوَسُل بالنبي حرام .
* الصّواب : الإحتفال بالمَولد النّبوي والتّوَسُل بالنبي حلال .
* الدّليل :
– النبي صلّى الله عليه وسلّم قال ( هَلَكَ المُتَنطِّعُون ) يعني المُتَشدّدون ،، لِأن هُناك أشخاص يَتشَدّدُون في الشريعة لدرجة أنهم يُحَرِّمُون الحَلال ويَزعُمون أن ذلك اجتهاد في العبادة ، بينما هُم يَأخذون ذنْب مثل الذي يُحلِّل الحرام بالضبط .
ونُلاحظ أن سيدنا عُمر بن الخَطّاب كان شَدِيد في الحق وليس مُتَشَدّد في الحق ،، يعني كان يُريد تطبيق الحق بالضبط بدون أن يُضيف أيّ زيادة على الحق .
لكن السّلَفِيّين مُتشَدّدُون ومُتنَطّعُون في الحق ، وهُم بذلك يُخالفون السّلَف الصالح .
– تحليل الحرام هو تَفْريط في الشريعة ، وهذا مُخالف للسَلف الصالح ( كما يَفْعل العلمانِيّون الذين يُفَرّطون في الشريعة ) .
– تحريم الحلال هو إِفْراط في الشريعة ، وهذا أيضاً مُخالف للسَلف الصالح ( كما يَفْعل السلَفيّون الذين يُفْرِطون في الشريعة ) .
– وهذا حوار بَينِي وبين شخص سَلَفِي :
* أنا : يَجُوز الإحتفال بالمَوْلِد النّبَوِي .
* سَلَفِي : ما هو الدليل على إِباحة الإحتفال بالمولد النبوي ؟
* أنا : لا يَصِح أن تُطالبنِي أنت بِدليل على إباحة الإحتفال بالمولد ،، بل يجب أن تأتي أنت بدليل على تَحريمه طالما أنت مُعترض على الإحتفال بالمولد ،، هذا لو أنك فعلاً تتّبع طريقة الصحابة في الإِباحة والّتحريم .
* سَلَفِي : وما هي طريقة الصحابة في الإِباحة والّتحريم ؟
* أنا : الصحابة كانوا يَتّبعُون قاعدة تقول ( الأصل في الأشياء هو الِإباحة ما لم يَرِد دليل على تحريمها ) ونحن نَتّبع نفس القاعدة ، لذلك نَحتفل بالمولد النبوي ،، لأنه لا يوجد نَص على تحريمه .
لكن أنتم ابتَدَعتُم قاعدة جديدة تقول ( الأصل في الأشياء هو التحريم ما لم يَرِد دليل على إِباحتها ) ،، ولذلك تُحَرّمون الإحتفال بالمولد ،، يعني أنتم مُبتَدِعون ،، وليس نحن .
* سَلَفِي : الصحابة كانوا يُعَظّمون النبي أكثر منكم ، ومع ذلك لم يَحتفلوا بِمولد النبي ،، فلماذا تحتفلون وتُخالفون الصحابة ؟
* أنا : الصّحابة لا يَمنعونا أن نستخدم طُرُق غير التي استخدموها في التعظيم ،، بينما أنت تَمْنعنا من ذلك ،، يعني أنت الذي تُخالف أسلوب الصحابة في التحريم والإِباحة .
فهُناك عبادة ( مثل الصلاة ) لها طريقة تَوْقِيفيّة ولا يَصح أن نُغَيّر تلك الطريقة ،، لكن هناك عبادة ( مثل الدُّعاء ) ليس لها طريقة تَوْقيفيّة ، ولذلك يَجُوز أن نُغَيّر طريقة الدعاء ولا يُشترَط أن نلتزِم بنفس الأَدعية التي قالها النبي .
وأيضاً تعظيم النبي هو عبادة لله وليس عبادة للنبي ، وطريقة التعظيم لَيست توْقيفيّة ، ولذلك يُمْكن تَغْييرها طالما لا نُخالف مباديء الإسلام .
يعني لا يَصِح تعظيم النبي بالسُّجود له ،، لأن ذلك مُخالِف لمباديء الإسلام ،، لكن الأفراح وتوزيع الحَلْوى لا يتعارض مع الإسلام .
* سَلَفِي : النبي قال ( كُلّ بِدعة ضَلالة ) ،، أَليس المولد بِدعة ؟
* أنا : الحديث يَقصد البدَع السيّئة ولا يَقصد البدع الحسَنة .
* سَلَفِي : الحديث لا يقول بأن هناك بدعة سيّئة وبدعة حسنة ،، بل يَشمَل جميع البدع بدون تقسيم .
* أنا : وما هي البدعة ؟
* سَلَفِي : البدعة هي كل شيء لم يكن على عهد رسول الله .
* أنا : هل تأكل بالمَلْعَقة ؟
* سَلَفِي : نعم .
* أنا : النبي لم يأكل بالمَلْعقة ، يعني أنت تَفعل بدعة لم يَفعلها النبي .
* سَلَفِي : الأكل بالملعقة هو بدعة دُنيَوِية وليس بدعة دِينيّة ،، يعني هو بدعة لُغَويّة وليس بدعة شرعية .
* أنا : لكنك قُلت أن الحديث يَشمَل جميع البدع بدون تقسيم ،، فلماذا أحياناً تُقَسّم البدع وأحياناً تَرفض تقسيمها ؟
* سَلَفِي : الصحابة والفقهاء يَنْهَوْن عن كل أنواع البدع ، أليس كذلك ؟
* أنا : أنت تتهرب من السؤال ،، على العموم أنت الذي تُفسّر كلام الصحابة والفقهاء بطريقة خاطئة ،، بدليل أن سيدنا عُمر بن الخطاب ذات مرّة مَدَح بدعة وقال ( نِعْمَ البدعة هذه ) وكان يقصد ( صلاة التراويح جماعة في المسجد طول الشهر ) ، لأن هذا لم يحدث في عهد رسول الله ، ولذلك عمر اعتبرها بدعة حسنة ،، بينما عمر لم يقصد ( صلاة التراويح جماعة في المسجد في بعض أيام الشهر ) ، لأن هذا حدث بالفعل في عهد رسول الله ، يعني لا تُعتبر بدعة أصلاً .
ونلاحظ أن الشيخ الشعراوي اعترض على ( الصلاة على النبي ) مباشرة بدون فاصل بعد الأذان ، حتى لا يظن الناس أنها جزء من صيغة الأذان ،، ولذلك يسمح الشعراوي أن نصلي على النبي بصوت منخفض ، كما أنه لا يعترض إذا صلينا على النبي بالصوت العالي بعد فاصل من الأذان وبنغمة مختلفة عن نغمة الأذان حتى نفرّق بين الأذان وبين الصلاة على النبي .
والشيخ الشعراوي يعترض على الذِّكر الجماعي إذا كان يُسبب إزعاج للناس ، أو يُسبب تشويش على باقي المصلين ،، لكنه لم يعترض على جميع حالات الذِّكر الجماعي .
وطالما أنت تُوافق على تقسيم البدعة إلى لُغَوية وشرعية ، فلا يَصح أن تَرفض تقسيمها إلى حسنة وسيئة .
و النبي هو رحمة من الله ، والقرأن يقول ( قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلۡيَفۡرَحُواْ ) يعني الفرح بمولده هو أمْر من الله وليس بدعة سيّئة ، والدين يَسمح لنا أن نعَبّر عن أي فرح لنا بأي أسلوب طالما لا يُخالف مباديء الدين .
* سَلَفِي : أحياناً هناك مُنكَرات تَحدُث أثناء الإحتفال بالمولد مثل اختلاط الرجال بالنساء ، أليس ذلك حرام ؟
* أنا : طبعاً حرام ، ولذلك نحن نَلُوم على الأشخاص الذين يُشَوّهون المولد لكن لا نَلُوم المولد ،،، كما أننا نَلُوم على الأشخاص الذين يُشَوّهون الإسلام لكن لا نَلوم الإسلام نفسه .
* سَلَفِي : عُلماء السّيرة النبوية اختلفوا في تحديد يوم ميلاد النبي ، واتفقوا على تحديد يوم وفاته وهو 12 ربيع الأول ، فهل تَفرحون بِوفاة النبي ؟
* أنا : أَغلب العُلماء قالوا بأن الميلاد حدَث في 12 ربيع الأول ولذلك نحن نتّبع غالبية العُلماء ، ونحن نضَع في نِيّتنا الفرح بالميلاد وليس الفرح بالوفاة .
* سَلَفِي : النبي قال ( وَلا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِ الحَرَامِ ، وَمَسْجِدِي ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى ) ، فلماذا تَشُدّون الرِّحال إلى مَسجد الحُسين ؟
* أنا : هل يجوز شدُّ الرّحال إلى بلد آخَر من أجل العمل والتجارة ؟
* سَلَفِي : نعم يجوز ، لأن الحديث يتكلم عن المساجد فقط ، ولا يتكلم عن العمل .
* أنا : وأيضاً الحديث يتكلم عن المساجد فقط ولا يتكلم عن القبور ،، ونحن نَشُد الرّحَال إلى قَبر الحسين وليس إلى مَسجده ، لأنه لا يُوجد فضل لمسجد عن مسجد إلا للثلاثة مساجد ،، لكن يوجد فضل لِقَبر الحسين عن قُبور أُخرى .
والإسلام يسمح لنا بزيارة قبور الأهل والأصدقاء ،، والحُسين هو عندنا أَغلَى من كُلّ الأهل والأصدقاء .
* سَلَفِي : لكنكم تقومون بتأدية الصلاة في مسجد الحسين .
* أنا : الصلاة في مسجد الحسين حلال لأننا لم نضع في نِيّتنا شَدُّ الرّحال إلى مسجد الحسين ، بل وضَعنا في نِيّتنا شَدُّ الرّحال فقط إلى قبر الحسين .
* سَلَفِي : هناك أشخاص يقومون بتقبيل الأرض والجدران المحيطة بضريح الحسين ، فهل هذا حلال ؟
* أنا : هؤلاء الأشخاص يريدون تقبيل الحسين نفسه ، ولكنهم لا يستطيعون بسبب الجدران الفاصلة بينهم وبين الحسين ، ولذلك هُم يقومون بتقبيل تلك الجدران المحيطة بالحسين ،، وهذا يحدث معنا في حياتنا اليومية ، يعني مثلاً لو أنك تريد تقبيل رأس أحد الأشخاص الذي يرتدي عمامة .. فإنك سوف تقوم بتقبيل العمامة المحيطة بالرأس وأنت تضع في نِيّتك تقبيل الرأس نفسها .
* سَلَفِي : أنتم تَتوَسّلون إلى الله بالنبي ،، والشخص الذي يَطلُب شيء من النبي فهو يعبد النبي ، لأن الطلب هو دُعاء ،، والدعاء هو العبادة ، أليس كذلك ؟
* أنا : هذا في حالة أن تَطلُب الطّلب وأنت تَضَع في نِيّتك العبادة ، كما قال الكُفار عن الأصنام ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ ) ،، لكن لو طَلبْت مِن أَحد الأشخاص وأنت لا تَضَع في نِيّتك أن تَعبُده فهذا جائز ، كما يقول التلميذ ( يا أستاذ من فضْلك ساعِدني في فهم الدرس لِكَي أَنجَح في الإمتحان ) .
* سَلَفِي : القرأن يقول ( إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) ،، فكَيف يَسمع النبي طلبات الناس وهو مَيّت في القبر ؟
* أنا : هذه الآية نَزلت في الأشياء التي تُعبَد من دون الله ، لَكنّنا لا نَعبُد النبي ، ولذلك هذه الآية لا تَقصدنا نحن ،، بدليل أن النبي نَفْسه أخبَرنا أن الله يُبَلّغ الموْتى بكلام الأحياء ، مثلما بلَّغ أصحاب القَليب الموْتى بكلام النبي .
وأيضاً عندما نُصلّي على النبي فإن الله يُبلّغه بذلك .
* سَلَفِي : لكن النبي مات ولا يَمْلِك الآن أيّ شيء لِيُعطيه للناس ، فلماذا يَطلبون منه أشياء ؟
* أنا : النبي انتقَل إلى الرّفيق الأَعلَى ، لكن مَدَد الله لم يَنقطِع عنه ،، يعني العِبرة بالمدَد وليس بالحياة على ظَهْر الأرض ،، فهناك شخص حَيّ على ظَهْر الأرض ولكنه مثل الجِيفة ليس له قِيمة ،، أَمّا النبي فهو تحت الأرض ولكنه يَمْلِك من خَيرات الله ما لم يَمْلِكه مخلوق آخَر .
– انظر أيضاً [ مفهوم خاطيء بخصوص مَصِير والِد ووالدة النبي ، وأهل الفَترة ، والأشخاص الذين لم يَسمعوا عن الإسلام ]
وانظر ⇐ [ مفهوم خاطيء بخصوص استخدام الميكروفون في الأذان ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )