[ المجموعة الثانية من المفاهيم الخاطئة : ] ⇐ مفهوم خاطيء بخصوص الرِّبا وفوائد البنوك :
* المفهوم الخاطيء : إذا لم يشترك الطرفان في المكسب والخسارة فإن كل الفوائد هي مِن الرِّبا .
* الصواب : أحياناً لا يشترك الطرفان في المكسب والخسارة ، ومع ذلك تكُون الفوائد حلال وليست رِبا .
* الدليل :
– الرّبا حرام ، لكن تعاملات البنوك في عصرنا الحالي ليست رِبا أصلاً ،، وقبل أن أُثبت ذلك يجب أن أذكر كلمتين عكس بعض ، ( المُؤَجِّر والمُستأجِر ) حتى لا يحدث سوء فهم أثناء الشرح ، يعني المُؤَجِّر هو الذي يُؤَجِّر لِلمُستأجِر ،،
ولو أنك مثلاً صاحب مصنع ، وتريد أن تبيع بضاعتك في السوق لِكي تحصل على مكسب من عملية البيع ، وطلبت من أحد الأشخاص أن تقترض سيارته لِكي تنقل عليها بضاعة من المصنع إلى السوق ، ورفض ذلك الشخص أن يُعطيك سيارته على سبيل القرض ، ووافق أن يعطيك السيارة على سبيل الإيجار ، بحيث تنقل بضاعتك عليها ، ثم تعيد السيارة له بعد ذلك ، وتعطيه فوق ذلك مبلغ من المال ،، فإن هذه المعاملة هي حلال ، حتى لو أنك لم تكسب في البضاعة التي تبيعها في السوق ، يعني حتى لو لم تنتفع بعملية إيجار السيارة ، لأن المؤجِّر لا يجب عليه أن يتحمل معك الخسارة ،، مع ملاحظة أنه لو حدث عُطل للسيارة بدون إهمال منك فإن صاحب السيارة هو الذي يجب أن يتحمل إصلاحها وحده ، يعني المستأجر لا يجب أن يتحمل تكاليف إصلاح العين المؤجرَة ، طالما لم يتسبب المستأجر في حدوث التلفيّات.
– نفهم من ذلك أن المؤجر رفض أن يعطيك سيارته على سبيل القرض لأنه يعلم أنك سوف تحصل على مكسب من استخدام تلك السيارة ، فأراد المؤجر أن يستثمر في سيارته لكي يحصل على مكسب هو الأخَر ، ووافق أن يُعطيك السيارة على سبيل الإيجار ، بحيث يحصل على مكسب بدون أن يتحمل معك الخسارة ،، وهي معاملة حلال .
ونلاحظ أن ذلك المؤجر كان سيرفض أن يعطيك السيارة نهائياً إذا غلب على ظنه أنك لن تكسب من استخدام السيارة ، لأن ذلك قد يمنع حصوله على مكسب هو الأخَر .
يعني مثلاً لو أنك طلبت أن تأخذ سيارته لكي تنقل بها مريض إلى المستشفي ، ثم تعيد له السيارة بدون أن تعطيه مبلغ من المال ، فإنه سيرفض أن يعطيك السيارة أصلاً ، لأنك تريد أن تأخذ السيارة على سبيل القرض ، وهو يرفض أن يعطيك قرض أصلاً .
يعني هناك فرق بين القرض وبين الإيجار ، لأن القرض ليس فيه زيادة ، لكن الإيجار هو استثمار وفيه زيادة .
– ونلاحظ أن البنوك تأخذ الأموال من الناس ، ثم تقوم البنوك بالإستثمار في هذه الأموال ،، وكذلك تقوم البنوك بإعطاء أموال للناس لِكي يقوم هؤلاء الناس بالإستثمار في هذه الأموال ،، يعني البنك يعطي أموال للناس ويسميها قروض ، لكنها في الحقيقة هي استثمار وليست القروض المقصودة في الشريعة ،، يعني هى قروض من حيث اللغة وليس من حيث الشريعة .
بدليل أنك لو طلبت قرض من البنك ، فإن البنك سيطلب منك مستندات تثبت أنك قادر على رد الأموال والفائدة ، وإذا لم تقدم المستندات ، فإن البنك سيرفض أن يعطيك القرض أصلاً ، مما يدل على أن البنك يسمى الأموال قروض ، لكنه يقصد استثمار .
– ونلاحظ أن الرِّبا يحدث عندما تعطي أموال لأحد الأشخاص ، وتشترط عليه أن يرد لك الأموال بالإضافة للفائدة ، مع أنك لا ترى دليل واحد على أنه يستطيع ذلك .
– يعني هناك بنوك تقوم بالإقراض والإقتراض مع الفوائد ، وبدون الإشتراك في تحمل الخسارة ، وتفعل ذلك بطريقة حلال ،، لذلك إذا رأيت أحد الفقهاء يرفض معاملات البنوك ، فهذا لا يعني بالضرورة أنه يرفض كل المعاملات ، بل ربما يرفض فقط بعض تلك المعاملات المخالفة للشريعة ، مثل إعطاء القرض لشخص بدون أن يقدم ذلك الشخص مستندات للبنك تثبت أنه قادر على تسديد القرض والفوائد ،، يعني يجب أن نعرف مقصد الفقهاء بالضبط ، لكي نطبق فتاويهم بشكل صحيح .
– ونلاحظ أن علماء الأزهر الشريف يصدرون الفتوي عن طريق لجنة رسمية تضم عدد كبير من الفقهاء في مختلف التخصصات مثل علماء التفسير وعلماء الحديث وعلماء اللغة وعلماء المذاهب الفقهية ،، يعني هُم لا يصدرون الفتوى بناءاً على حديث واحد أو آية واحدة ، بل يضعون أمامهم كل الآيات والأحاديث المتعلقة بتلك الفتوى ، ويطبقون الفتوى المناسبة على الموقف المناسب ،، ولذلك أنا أتّبع الفتوى التي تصدر من الأزهر الشريف ودار الإفتاء ،، انظر ⇐ [ مفهوم خاطيء بسبب التّسرُّع في إصدار الفتوى من حديث واحد ] .
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )