[ سِلسلة الأدلّة العقلية والعِلمية التي تُثبت وجود الله سبحانه وتعالى ] ⇐ إثبات أنه لا يمكن تقسيم الذّات الإلهية إلى أعضاء ولا أجزاء ولا مُكوّنات ولا أقانيم ولا أى شئ ،، ولا يمكن أن يكون هناك أكثر من ذات غير محدودة ( واحدة ) ،، وتفسير كلمة ( يد الله ) في آية ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) :
– الذات الإلهية هى ذات غير محدودة ، يعنى ليس لها بداية ولا نهاية ، والمنطق وعلم الهندسة أثبتوا استحالة تقسيم الشئ الغير محدود .
وهذا هو الدليل :
– هناك فقط ثلاثة أنواع من الوجود :
1- هناك وجود ليس له بداية وليس له نهاية ، وعلم الهندسة يُسمّيه ( خط مستقيم ) ، وهذا الوجود ( دائم ) وهو وجود الله سبحانه وتعالى ،، وأنا لا أقول أن الله هو خط مستقيم ، بل أقول أن الله له وجود دائم بلا بداية ولا نهاية ، وعلم الهندسة يعترف بهذا الوجود .
2- وهناك وجود له بداية وله نهاية ، وعلم الهندسة يُسمّيه ( قطعة مستقيمة ) ، وهذا الوجود ( فانِي ) مثل وجود الدنيا الفانِية .
3- وهناك وجود له بداية وليس له نهاية ، وعلم الهندسة يُسمّيه ( شُعاع ) ، وهذا الوجود ( خالد ) مثل وجود الآخرة .
– لكن ليس هناك نوع رابع للوجود ، يعنى مستحيل أن يكون هناك وجودٌ ( له نهاية وليس له بداية ) ،، لأن الوجود الذى له نهاية لابد أن يكون له بداية ، ولذلك لن تجد هذا النوع فى علم الهندسة ، وهذا منطقى تماماً ، لأنه لكي تحدث نهاية فلابد أن تكون الفترة أو المسافة التي تسبق النهاية هي مسافة محدودة ، وهذا مستحيل إذا كانت تلك المسافة ليست محدودة ، بل هي ممتدة وليس لها بداية .
يعنى طالما المسافة التي تسبق النهاية هي مسافة ممتدة ناحية الماضي باستمرار ، فلماذا انتهت ونفدت ؟ !
مما يدل علي استحالة فناء تلك المسافة .
والشيء الذي ليس له بداية هو شيء موجود منذ الأزل ، يعنى هو شيء أزلي ، والشئ الأزلي من حيث التعريف هو لا ينتهي أبداً .
ولاحِظ أن وجود الأخرة هو خالد وليس أزلي .
– ونُلاحظ أن قوانين علم الهندسة هي قوانين ثابتة ولا تتغير أبداً ، ولذلك يعترف بها الناس منذ آلاف السنين وإلى يومنا هذا ،، يعني مثلاً هناك قانون هندسي يقول ( مساحة المستطيل تساوي حاصل ضرب الطول في العرض ) ، وهذا القانون الهندسي ثابت ولا يتغير أبداً مَهما تقدمت التكنولوجيا .
وإذا أنت رسمت مستطيل واكتشفت أن مساحته لا تساوي حاصل ضرب طوله فى عرضه ، فاعلم أنك لم ترسم المستطيل بدقة ، لذلك إذا لم تستطع رسم المستطيل بدقة فهذا يعني أن الخطأ يوجد فى رسمك وليس فى القانون الهندسي .
– وعندما أقول أن وجود الله مثل الخط المستقيم ، فهذا لا يعنى أن الله عبارة عن خط مستقيم ، بل يعنى أن وجود الله ليس له بداية ولا نهاية ، يعنى كلمة ( خط مستقيم ) هى مجرد وصف للوجود ، والصفة هى وصف للموصوف ، لكن الصفة ليست هى الموصوف .
* والأن وقت هذا السؤال : هل يمكن تقسيم الشيء الذى ليس له بداية ولا نهاية ؟ يعنى هل يمكن تقسيم الخط المستقيم ؟
* الجواب : لا طبعاً .
لأنك لو رسمت خط مستقيم ، ووضعت علامة على هذا الخط لتقسمه إلى جزءين ، فإن تلك العلامة ستكون نهاية لجزء وبداية للجزء الأخر فى نفس الوقت .
والجزء الذى بدايته تلك العلامة سيكون بلا نهاية ، ولذلك نسميه شعاع .
لكن الجزء الأخر الذى نهايته تلك العلامة وبلا بداية ، فبماذا نسميه ؟ ! هذا الجزء ليس له اسم ، لأنه مستحيل الوجود أصلاً .
وهذا يثبت أنه لا يمكن أبداً تقسيم الخط المستقيم إلى أجزاء .
* وهنا سؤال يطرح نفسه : لماذا لا نعتبر تلك العلامة الموضوعة على الخط المستقيم بداية لكل من الجزءين بحيث ينتج عن ذلك التقسيم شعاعين ، وذلك بدلاً من اعتبارها نهاية لجزء وبداية للجزء الأخر ؟
* الجواب : هذا لا يَصِح ، لأنك لو وضعت علامة فاصلة على شئ واحد لتقسمه إلى جزءين ، فإن أحد الجزءين سيبدأ بعد نهاية الجزء السابق ، يعني نفس تلك العلامة الفاصلة ستمثل نهاية جزء وبداية جزء أخر ، لكن لو كانت العلامة تمثل بداية الجزءين ، فاعلم أن هذين الجزءين لم يتم إنتاجهما من نفس الشيء ، يعنى لم يتم إنتاجهما من شيء واحد ، بل تم إنتاجهما من شيئين مختلفين ثم تم توصيلهما بعد ذلك .
وأنت إذا رسمت خط وكتبت علي طرفه كلمة ( بداية ) فهذا بالتّبعية يعنى أن الطرف الآخر هو ( نهاية ) ، ولذلك لا يصح أن تكتب كلمة ( بداية ) علي الطرفين .
* سؤال : رمز ( مالانهاية ) هو ∞ ،، وعِلم الرياضيات يقول أن ∞ ÷ 2 = ∞ ،، فهل معنى ذلك أن الـ ∞ قابلة للقسمة ؟
* الجواب : المعادلة تقول ∞ ÷ 2 = ∞ ، لكن لا تقول ∞ ÷ 2 = نِصف ∞ ،، يعني مَهما تحاول تقسيم الـ ∞ فسوف تكون النتيجة أيضاً ∞ ، وليس نِصف ∞ ،، لأنه لا يمكن تقسيم الـ ∞ أصلاً .
– ولاحظ أن عدم البداية لا يستوجب عدم الوجود ، لكن يستوجب عدم الحدوث ، و ( الله ) لم يَحدث ،، لأنه متواجد دائماً أبداً ، فهو ( واجب الوجود ) وليس ( ممكن الوجود ) .
– ولاحظ أن آية ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) لا تَقصِد أن الله له يد بالمعنى الحرفي ، بل هذه الآية هي كِناية عن مساعدة ودعم الله للمؤمنين ، انظر مقالة [ معنى عبارة ( الله في السماء ) وتفسير كلمة ( يد الله ) في أية ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ] .
* سؤال : إذا كانت الذات الإلهية غير محدودة ، فهل معنى ذلك أن الله موجود فى جميع الأماكن ؟
* الجواب : الله موجود بلا مكان ، لأنه لا يحتاج للمكان .
* سؤال : بعض المسلمين يقولون ( الله موجود فى كل مكان ) فهل قولهم صحيح ؟
* الجواب : لو كانوا يقصدون المعنى الحرفي بأن الله موجود بذاته فى كل مكان ويسكن كل مكان ، فهم خاطئون .. لكن إن كانوا يقصدون المعنى المجازي والكِناية بأن الله موجود بِعلمه وسيطرته فى كل مكان فهم مُحِقّون فى ذلك ، لأن الله فعلاً يعلم ويسيطر على كل مكان .
* سؤال : هل ممكن أن يكون هناك أكثر من ذات غير محدودة واحدة ؟
* الجواب : مستحيل .
لأن المُتحكِّم يكون أقوي من المحكوم ،، والذّات الغير محدودة يجب أن تكون أقوي من كل شيء ، يعنى تَتحكم هي في كل شيء ، ولا يتحكم فيها شيء .
وإذا افترضنا أن هناك ذات غير محدودة أخرى ، فهنا سؤال يطرح نفسه : هل الذات الأولى تتحكم في الذات الأخرى ؟
فإذا قلت نعم ، فهذا يعني أن الذات الأخرى هي محدودة .
وإذا قلت لا ، فهذا يعني أن الذات الأولي محدودة .
ولذلك يستحيل أن يكون هناك أكثر من ذات غير محدودة واحدة .
* سؤال : لماذا تقول مستحيل وأنت معترف بأن الله عنده قوة غير محدودة وعنده عِلم غير محدود وعنده كلام غير محدود ، فلماذا لا تَعتبر تلك القوة والعلم والكلام ألهة أيضاً ؟
* الجواب : الإله لابد أن يكون ( ذات ) ،، والقوة ليست ذات ، بل هي صفة للذات .
والذات هي الموصوف .
* سؤال : ما المانع أن يكون الله له ( ذات ) محدودة ، وفي نفس الوقت له صفات غير محدودة ؟
*الجواب : الصفة هي وصف للموصوف .
فإذا كان الموصوف محدود ، وقمت أنت بِذكر وصف غير محدود ، فهذا يعني أنك تصف موصوف أخر غير ذلك الموصوف المحدود .
– يعني إذا كان الموصوف له مقاسات محدودة ، فلابد أن تكون كل صفاته أيضاً لها مقاسات محدودة ، لأن كل تلك الصفات هي قائمة بنفس الموصوف المحدود .
* سؤال : الموبايل له حجم محدود ، ومع ذلك فإن له قوة إرسال تصل إلى مسافات بعيدة ، أكبر من حجم الموبايل نفسه ، فما رأيك ؟
* الجواب : 1- قوة الإرسال فعلاً تصل إلى أماكن بعيدة ، لكن لا تصل إلى كل الأماكن ،، لأنها قوة محدودة ولها نهاية عند مكان معيّن .
2- وجود قوة الإرسال يَنتُج بسبب تغييرات تحدث داخل مكوّنات الموبايل نفسه ، مثل استهلاك جزء من طاقة بطاريته ،، وحدوث التغيير يدل على وجود الزمن ، وكل زمن فأكيد له بداية ، وهذا يعني أن الموبايل نفسه له بداية ، يعني هو مخلوق ويحتاج إلى خالق يسبقه في الوجود .
وهذا يعني أن الذات المحدودة يكون لها قوة محدودة عن طريق حدوث تغيير في الذات نفسها .
لكن الذات الإلهية هي ( ذات ) غير محدودة ، ولها قوة غير محدودة ، بدون حدوث أي تغيير في الذات الإلهية .
وطالما لا يحدث تغيير في الذات الإلهية ، فلن يحدث تغيير في صفاتها ، يعني صفاتها لا تنقص أبداً .
– وسأشرح كلامي بطريقة أخرى : نحن نعرف أن الذات الغير محدودة أكيد لها صفات غير محدودة .
وأنت تزعم أن الذات المحدودة أيضاً لها صفات غير محدودة .
ولو أن كلامك صحيح ، فهذا يعني أن الذاتين لهما نفس الصفات ، يعني لا يوجد فرق بين الذاتين ، يعني الذاتين متساويتين ،، لكننا نعلم أن الذاتين غير متساويتين ، فإن إحداهما محدودة والأخرى غير محدودة ،، مما يدل على أن كلامك غير صحيح .
– انظر مقالة [ إثبات أن أهل الجنة سوف يَرَوْن الله بدون أن يُحيطوا بوجوده سبحانه وتعالى ]
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )