[ سِلسلة الأدلّة العقلية والعِلمية التي تُثبت وجود الله سبحانه وتعالى ] ⇐ إثبات أن الله يُغيّر ولا يَتغيّر ،، وإثبات أن الله هو ( خالق ) حتى قبل وجود المخلوق :
– الله أراد حدوث أشياء كثيرة ، وهذا لا يعني أن الله له أكثر من إرادة ، بل يعني أن الله له إرادة واحدة ، ونتيجة لهذه الإرادة الواحدة حدثت أشياء كثيرة ، بدون أن يحتاج الله لتغيير إرادته .
– مثال : لو أنك أردت أن تشتري سيارة واحدة فهذا يتطلب منك إرادة واحدة .
ولكن السيارة الواحدة تحتوى علي أكثر من شيء مثل الموتور والزجاج والكراسي والأبواب والإطارات وغيرها … فهل معني ذلك أنك أردت شراء الموتور بإرادة منفصلة عن إرادتك لشراء الزجاج مثلاً ؟
لا طبعاً .. فحصولك علي تلك الأشياء المتعددة لا يتطلب منك أكثر من إرادة واحدة وهي إرادة شراء سيارة .
– الله منذ الأزل له إرادة واحدة بأن تحدث أحداث كثيرة ، وهذه الإرادة دائمة وثابتة ولا تتغير أبداً .
– وإرادة الله لا تشتمل فقط علي نوع الأحداث ، بل تشتمل أيضاً علي ترتيب تلك الأحداث .
– والأحداث المتتالية لا تحتاج من الله إرادات متتالية ، بل تحتاج إرادة واحدة وهي إرادة حدوث أحداث متتالية ، وهذه الإرادة هي ( كُن فيكون ) .
ولذلك فإن جميع الأحداث المتتالية هي نتيجة إرادة واحدة دائمة وهي ( كن فيكون ) .
– إرادة تغيير الفعل لا تعني تغيير الإرادة ، بل تعني تغيير الفعل .
– الله فعّال لما يريد ، و ( الله ) له أفعال كثيرة ، وهذه الأفعال نتجَت بسبب إرادة واحدة ، يعنى لم يحدث تغيير في الإرادة .
والإرادة هي صفة من صفات الله ، وهذه الصفة لم تتغير ، وهذا يعني أن الموصوف لم يَتغيّر ، يعني لم يحدث تغيير في الذات الإلهية برغم أن الله يفعل أفعال متعددة .
– لكي يستطيع الإنسان فِعل شيء مُعيّن ، فلابد أن يتحرك من مكانه أو على الأقل تتحرك بعض مُكوّنات الخلايا في جسمه ، وطبعاً حدوث الحركة يعني حدوث تغيير .
لكن الله يستطيع فِعل أشياء بدون أن يحتاج إلى أي حركة ، لأن الفِعل يحدث لمجرد الإرادة ( كن فيكون ) .
وهذا يعني أن الله يَفعل بدون أن يَتغيّر .
– لو أن كل ( وجود ) .. يجُوز عليه التغيير ، لَمَا كان هناك أى ( وجود ) .
لأن التغيير يقتضي زمان ومكان وهذا ( وجود ) ناقص ، والله موجود بلا زمان وبلا مكان وهذا ( وجود ) كامل .
والوجود الكامل هو الذي خلَق الوجود الناقص ،، يعني الله هو الذي خلَق الإنسان .
و ( الله ) يُغيّر ولا يَتغيّر ، فلا يصح أن تَصِف ( الوجود الكامل ) بصفات ( الوجود الناقص ) .
– الله إذا أراد فِعل شيء مُعيَّن ، فإن الله يُسمَّى ( فاعل ) قبل فِعل هذا الشيء ،، لكن الإنسان إذا أراد فِعل شيء مُعيًّن ، فإن الإنسان يُسمَّى ( فاعل ) بعد فِعل هذا الشيء .
مثال : لو أن الإنسان أراد أن يصنع تمثال ، فإن هناك احتمالين لحدوث ذلك الحدث ، يعني لحدوث الصُّنع ،، الإحتمال الأول هو أن يتم صُنع ذلك التمثال ، وفي هذه الحالة فإن الإنسان يُسمَّى صانع لذلك التمثال ،، أما الإحتمال الثاني فهو عدم صُنع ذلك التمثال ، وفي هذه الحالة فإن الإنسان لا يُسمَّى صانع .
معنى ذلك أن الإنسان لا يَكُون ( صانِع ) لمجرد أنه أراد أن يكون ( صانع ) ، بل إن الإنسان يُصبح ( صانع ) بعد حدوث الصُّنْع ،، وذلك لأن وجود الإحتمالات يجعل التسمية بناءاً على الحدوث وليس على الإرادة ،، يعني الإنسان يحتاج إلى وجود التمثال لكي يُصبح ( صانع ) .
ونلاحظ أن الإنسان الذي يصنع التماثيل يُسمَّي ( نَحّات ) يعني كلمة ( نحّات ) هي صِفة ، لكن كلمة ( صانع ) هي اسم فاعل ،، والصفة عند الإنسان أحياناً تكون موجودة حتى قبل حدوث الفعل ،، لكن اسم الفاعل عند الإنسان يُصبح موجوداً فقط بعد حدوث الفعل .
– لو أراد الله أن يصنع تمثال ، فإنه لا تُوجَد احتمالات أصلاً ، بل يوجد شيء واحد مؤكَّد ، وهو أن يتم صُنع ذلك التمثال ،، وطالما لا توجد احتمالات لحدوث الحدث ، فإن الله يَكُون صانع لمجرد إرادة الصُّنع ، حتى قبل حدوث الصُّنع .
– ونلاحظ أنني قلت ( الله يَكُون صانع لمجرد إرادة الصُّنع ) ، ولم أقل ( الله يُصبح صانع لمجرد إرادة الصُّنع ) ، لأن الله ( يَكون ) ولا ( يُصبح ) ،، لأن كلمة ( يُصبح ) تستلزم حدوث تغيير فيمَن ( يُصبح ) ، أما كلمة ( يَكُون ) فإنها قد تشمل حدوث تغيير وقد لا تشمل ، يعني لا تستلزم حدوث تغيير فيمن ( يكون ) ،، ولذلك أنا أستخدم كلمة ( يكون ) مع الله ، بِقَصد عدم اشتمالها على حدوث تغيير ، وطبعاً نحن نعرف أن الله لا يتغير .
– إذا أراد الله أن يخلق المخلوق ، فإن الله يَكُون خالق ، حتى قبل خلْق المخلوق ،، يعني الله لا يحتاج إلى وجود المخلوق لكي يكون ( خالق ) ، فهو ( خالق ) بذاته سبحانه وتعالى .
ونلاحظ أن كلمة ( خالق ) هي صِفة وأيضاً اسم فاعل ،، وفي كِلْتا الحالتين ، فإنها موجودة عند الله حتى قبل وجود المخلوق .
– الله أراد أن يخلق المخلوق ، وإرادة الله موجودة منذ الأزل ، وهذا يعني أن الله هو ( خالق ) منذ الأزل ،، لكن هذا لا يعني أن المخلوق موجود منذ الأزل .
* سؤال : لماذا لا ننتظر إلى أن يخلق الله المخلوقات ثم بعد ذلك نسميه ( خالق ) ؟ يعني ما فائدة أن نُسمي الله ( خالق ) قبل وجود المخلوقات ؟ ما معنى أن نقول أن هناك خالق بلا مخلوقات ؟ أليس ذلك يُعتبَر لغْو في الكلام ؟
* الجواب : عندما نقول جملة ( الله خالق قبل وجود المخلوق ) ، فإن هذه الجملة لها فائدة في الكلام وليست لغْو ،، لأنها تخبرنا بأن الله له إرادة نافذة ، يعني يستطيع إنفاذ إرادته ولن يمنعه أحد من ذلك .
* سؤال : هل الله يخلق صفاته ؟
* الجواب : الله نفسه غير مخلوق ، بل هو دائماً موجود منذ الأزل ، وهذا يعني أن صفاته دائماً موجودة ، ولذلك لا يحتاج أن يخلقها .
* سؤال : هل الله يحتاج صفاته ؟
* الجواب : الله عظيم لأنه إله ، وليس لأنه يحتاج العظمة ،، يعني الإله لابد أن يكون عظيم ،، وإذا لم يكن عظيم فلا يصح أن يكون إله .
مثال : العاصفة هي رياح متحركة ،، فإذا لم تكن هناك حركة للعاصفة ، فلا يصح أن نسميها عاصفة أصلاً .
* سؤال : هل الله يتركب مِن صفاته ، يعني هل الصفة هي جزء من الله ؟
* الجواب :
– الإنسان له ( ذات ) محدودة ، يعني يتركب من أجزاء مثل العين والأذن واليد ، والإنسان يحتاج إلي العين لكي يكون بصيراً ،، يعني صفة البصر عند الإنسان قائمة بجزء من ذاته ، وهذا الجزء هو العين .
– الله له ( ذات ) غير محدودة ، يعني لا يتركب من أعضاء ولا أجزاء ،، ولذلك فإن الله لا يحتاج إلى عين لكي يكون بصيراً ، فهو بصير بذاته سبحانه وتعالى ،، يعني صفة البصر عند الله قائمة بذاته كلها ، وليس بجزء من ذاته ،، لأن ذاته ليس لها أجزاء أصلاً .
– الذات هي ( موصوف ) .
– الموصوف له صفات ، لكن لا يتركب من صفات ،، لأن الصفات هي وصف للموصوف وليست جزء من الموصوف .
– الموصوف يتصف بصفاته ، لكن لا يتركب من صفاته .
– الموصوف يتركب من أجزاءه إن كان له أجزاء .
– الصفة ليست ( ذات ) بل هي وصف للذات .
ولذلك فإن الصفة ليست هي الموصوف ، بل هي وصف للموصوف .
كما أن الصفة ليست شيء زائد عن الموصوف ، لأن الموصوف يزيد وينقص بأجزاءه وليس بصفاته .
يعني إذا حدثت زيادة في أجزاء الموصوف ، فساعتها تحدث زيادة في الموصوف نفسه ، ولذلك تحدث زيادة في صفات الموصوف .
يعني زيادة الموصوف حدثت بسبب زيادة الأجزاء وليس زيادة الصفات ،، بل إن زيادة الصفات هي التي حدثت بسبب زيادة الموصوف .
ولمزيد من التوضيح انظر ⇐ [ معنى عبارة ( الله في السماء ) وتفسير كلمة ( يد الله ) في أية ( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ]
وانظر ⇐ [ إثبات أن صِفة ( الكلام ) عند الله قائمةٌ بذاته بدون الحاجة لوجود أحد معه سبحانه وتعالى ]
وانظر ⇐ [ إثبات أن السلَفيّين يُخالفون عقيدة السلَف الصالح ]
( * ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي للمقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )