[ الرَّد على المجموعة الثانية من الشُّبهات ] ⇐ الرّد على شُبهة آية ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) ،، وإثبات أن جميع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بخصوص الفَلَك تتوافق مع العِلم الحديث :
* سؤال : القرأن يقول ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) يعني القرأن يَصِف الجنة بأن عرضها يساوي مقاس السماء والأرض معاً ، بينما العِلم الحديث يثبت أن مقاس الأرض هو صغير جداً ويكاد لا يُذكر بالنسبة للسماء ،، يعني إضافة الأرض مع السماء لن يضيف شيئاً مُعتبَراً إلى عرض الجنة ،، فما فائدة كلمة ( والأرض ) في هذا التشبيه ؟
* الجواب : لِكي نَعرف مساحة أي شيء ، فلابد أن نَعرف طوله وعرضه ،، ونحن نعرف أن الطول دائماً يكون أكبر من العرض ،، ونلاحظ أن القرأن يخبرنا عن عرض الجنة ، لكن لم يخبرنا عن طولها ،، معنى ذلك أن القرأن لا يهدف إلى إخبارنا بمعلومة مساحة الجنة الفعلية ، لكن المعلومة التي يريد القرأن أن يخبرنا بها هي أن تلك المساحة كبيرة جداً ، بدليل أن القرأن أخبرنا فقط عن عرض الجنة ، ولم يخبرنا عن طولها الذي هو بالتأكيد أكبر من عرضها ،، وهناك حديث قُدسي يرويه النبي عن ربّه ( قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى : أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ . ) قالَ أبو هُرَيْرَةَ : اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } ،، يعني نحن لا نستطيع أن نتخيل نعيم الجنة ،، ونحن نعرف أن الجنة فيها قصور وبساتين ،، ونعرف أنه كلما زاد عدد القصور والبساتين ، فسوف يزيد نعيم الجنة ،، وطبعاً ستزيد مساحة الجنة ،، ونحن لن نستطيع تخيل نعيم الجنة ، يعني لن نستطيع تخيل مساحة الجنة ،، يعني مساحة الجنة هي أكبر من كل تخيلاتنا ،، وهذا يعني أن القرأن يعترف بأن عرض الجنة هو شيء صغير جداً جداً بالنسبة لطولها ،، وإذا كانت السماء كبيرة جداً بحد ذاتها ، فهذا يعني أن عرض الجنة هو كبير جداً بحد ذاته ،، وإذا كان عرض الجنة صغير جداً بالنسبة لطولها ، فهذا يعني أن السماء نفسها صغيرة جداً بالنسبة لطول الجنة ،، يعني القرأن يستخدم أشياء كبيرة جداً بحد ذاتها وصغيرة جداً بالنسبة لأشياء أخرى ، وذلك لِكي يصف لنا أن الجنّة أكبر من خيالنا ،، وبنفس هذا المنطق فإن القرأن يستخدم كلمة ( والأرض ) لأن الأرض كبيرة جداً بحد ذاتها ، لكنها صغيرة جداً بالنسبة للسماء .
* سؤال : إذا كان عرض الجنة مثل السموات والأرض ، فأين مكان جهنم ؟
* الجواب : يقول الطبري في تفسير تلك الآية أن الناس سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا السؤال بالضبط ، فقال لهم النبي ( سبحان الله ! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ ) ،، انتهَى كلام الطبري ،، وهنا يجب أن نلاحظ عِّدة أشياء :
1- الناس سألوا هذا السؤال لأنهم يروْن بأعينهم أن السماء والأرض تحتل كل الأماكن التي يرونها بأعينهم ، فظنوا أنه لا توجد أماكن أخرى .
2- القرأن يقول ( وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ۚ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ ) ، يعني القرأن يعترف بأن الجنة والنار موجودتان في نفس الوقت ، وهذا هو سبب استغراب الناس الذين لم يستوعبوا وجود الجنة والنار في نفس الوقت ، بينما هم يروْن السماوات والأرض في كل الأماكن .
3- النبي أجاب عن سؤال الناس بسؤال مُشابِه ، وله إجابة يعرفها الناس تتشابه مع إجابة سؤالهم الذي سألوله للنبي ،، لأنه يعلم أن هؤلاء الناس يصدّقون وجود الليل في نفس الوقت الذي يشاهدون فيه النهار يحتل جميع الأماكن ،، فأراد النبي أن يستخدم هذا المنطق ليثبت للناس أن أعينهم لا تستطيع أن ترى في نفس الوقت جميع الأماكن التي خلقها الله .
4- يعني النبي أراد أن يقول أن هناك أماكن لا يراها الناس ، ولذلك فإن جهنم موجودة في مكان لا يراه الناس حالياً ، كما أن الليل يكون موجود في مكان لا يراه الناس أثناء النهار .
5- النبي شبّه وجود الجنة والنار بوجود النهار والليل ،، يعني النبي معترف بأن الليل والنهار موجودان في نفس الوقت ، لكن في أماكن مختلفة ،، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان سطح الأرض مُنحنِياً على شكل ( كُرة ) ،، يعني النبي يثبت بطريقة غير مباشرة أن الأرض كروية .
– وذات مرة كان النبي صائماً ، وعندما غربت الشمس واختفت عن الأنظار أراد النبي أن يفطر ، لكن أحد الصحابة طلب من النبي تأجيل الإفطار ، لأن ذلك الصحابي لاحَظ وجود بعض الضوء الخافت يحيط بهم ، برغم أن الشمس اختفت تماماً ،، فأشار النبي بأصبعه ناحية المَشرق وقال لذلك الصحابي أن الظلام طالما بدأ يظهر ناحية المشرق ، وطالما اختفت الشمس تماماً ، وطالما أن الضوء المحيط بهم هو ضوء خافت غير ساطع مثل ضوء النهار المعتاد ،، فساعتها يحق للصائم أن يفطر ،، حيث جاء في صحيح البخاري أن النبي قال ( إذا رأيتم الليل أقبَل مِن ها هُنا فقد أَفطَر الصائم ، وأشار بإصبعه قِبَل المَشرق ) ، وقال في رواية أخرى ( إذا أَقبَلَ الليل مِن ها هُنا ، وأَدبَر النهار مِن ها هُنا ، وغربَت الشمس فقد أَفطَر الصائم ) ،، يعني النبي يعترف بأن هناك جزء من الأرض يكون ظلاماً بلا ضوء ، وفي نفس الوقت يكون هناك جزء آخَر من الأرض به ضوء خافت ،، ثم بعد فترة يزحف الظلام إلى هذا الجزء من الأرض ،، يعني الظلام يمتد من جزء إلى جزء في الأرض ،، وكذلك الضوء ينسحب من جزء إلى جزء في الأرض ،، وكل هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان سطح الأرض مُنحنِياً على شكل ( كُرة ) ،، يعني النبي يثبت مرة أخرى بطريقة غير مباشرة أن الأرض كروية .
* ( ملحوظة : قد يتم كتابة كلام إضافي إلى المقالة قريباً لزيادة الشرح أكثر )